النيابة العامة تصف مبارك بـ«الطاغية المستبد الذي كرَّس جهوده لتوريث الحكم لنجله»

أكدت أن وزير الداخلية الأسبق أصدر تعليمات بالتعامل الأمني العنيف مع المظاهرات

مصرية منتقبة تحمل صورة للرئيس المصري السابق حسني مبارك أمام محكمة الجنايات في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

قالت النيابة العامة المصرية أمس إن الرئيس السابق حسني مبارك صنع نظاما فاسدا دمر الحياة السياسية وكرَّس جميع جهوده في العقد الأخير من ولايته لإتمام مشروع توريث الحكم لنجله جمال، تاركا الفساد ينتشر في ربوع الوطن دون محاسبة، مفضلا ولايته الشخصية على المصلحة العامة.

وقدمت النيابة العامة (الادعاء العام) أمس الجزء الأول من مرافعتها أمام محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت، في قضية اتهام الرئيس السابق ونجليه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار قيادات الشرطة السابقين ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، بتهم تتعلق بقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير وإهدار المال العام، وقد قررت المحكمة مواصلة جلسات الاستماع لمرافعة النيابة لجلسة اليوم.

وتعد هذه هي الجلسة السابعة في جلسات محاكمة مبارك التي بدأت في الثالث من أغسطس (آب) الماضي، وقد حضر مبارك المحكمة كما اعتاد في الجلسات السابقة، على سرير طبي متحرك.

وأكدت النيابة في مرافعتها التي ألقاها المستشار مصطفى سليمان المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة رئيس هيئة محققي النيابة، أن أهمية هذه المحاكمة تتجلى في كون رئيس الدولة يخضع فيها للتحقيق تجسيدا لحقيقة سيادة القانون على الحاكم والمحكوم، بما يقطع بسقوط الحاكم الفرد وانتهاء الحكم الاستبدادي.

وأشار ممثل النيابة العامة إلى أن المصريين هبوا جميعا وضحوا بأرواحهم الطاهرة وسلامة أبدانهم من أجل الحرية والكرامة الإنسانية.. أما المتهمون فيتصدرهم مبارك، الذي شاءت له الأقدار تولي حكم مصر دون سعي منه، إلا أنه رفض أن يترك الحكم بإرادته نزولا على إرادة الشعب حتى انتزع منه انتزاعا.

وقال سليمان في إشارة إلى مبارك: «رئيس وحاكم أقسم على رعاية الشعب ومصالحه، غير أنه حنث عمدا عن قسمه، وأصبح يرعى مصالح أسرته وبطانته ومن حوله، خاصة في العقد الأخير من ولايته، حيث استن سنة سيئة لم يستنها أي من سابقيه، وهي توريث الحكم لنجله (جمال).. فأفسد الحياة السياسية في مصر وزور إرادة الشعب، وعصف بكل شخصية اكتسبت درجة من الشعبية وأطاح به من موقعه حتى تخلو الساحة لنجله جمال ويتحقق مشروع التوريث». وتابع: «رئيس رغم إحساسه بالملل من المسؤولية (كما كان قد صرح سابقا) وتقدمه في العمر، عاند الزمن وآثر البقاء في الحكم، وأنسته شهوة السلطة طلبات شعبه.. فما كان من الشعب إلا أن يطيح به».

وأضاف: «لم يستمع (مبارك) إلى صوت الشارع أو مطالبه.. وزور إرادة الأمة في الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب»، مشيرا إلى أن «نظام مبارك ترهل، عبر إحكام سيطرة الحزب الوطني (الحاكم سابقا) على مقاعد البرلمان بالتزوير، واحتكار السلطة التشريعية سعيا لإنجاح مشروع التوريث، كما تبنى سياسات اقتصادية أدت إلى ارتفاع الأسعار، وعدم شعور المواطنين بجدوى تلك السياسات التي خدمت الأغنياء وحدهم على حساب الفقراء والطبقة المتوسطة».

وسرد سليمان وقائع الدعوى منذ بدء المظاهرات السلمية في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، بعد انتخابات مجلس الشعب، مرورا بأحداث 25 يناير (كانون الثاني)، ووصولا إلى قتل المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي، مشيرا إلى أن قيد ووصف الاتهام هو الاشتراك في القتل (العمد) والشروع فيه.

وأكد سليمان أن حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق أصدر تعليمات واضحة لمساعديه بالتعامل الأمني العنيف مع المظاهرات، رغم أن المظاهرات كانت سلمية بالكامل فتمت مواجهتهم بأسلحة الخرطوش لحملهم على التفرق.

وقال إن العادلي قضى أطول فترة في عمر وزارة الداخلية لمدة تزيد على 13 عاما، وذلك لبراعته في إقامة نظام أمني قمعي مستبد وخروجه بدور جهاز الشرطة من خدمة الشعب وحمايته وتوفير الأمن له إلى خدمة النظام الحاكم وإنجاح مشروع توريث الحكم. وتابع: «لم يعبأ بالإصابات التي حلت بالمواطنين أو الأرواح التي أزهقت في سبيل البقاء في منصبه وبقاء مبارك في السلطة».

وتطرق سليمان إلى رجل الأعمال الهارب حسين سالم المتهم في قضية إهدار المال في صفقة بيع الغاز إلى إسرائيل وتقديم رشاوى لمبارك وأسرته. وقال: «هو صديق لمبارك وأسرته، بدأت الصلة بينهما في أواخر السبعينات.. وكان مبارك وقتها نائبا لرئيس الجمهورية وعلى علم بنشاط (سالم) بالاتجار في السلاح ورغم ذلك أحاطه بنفوذه ورعايته، فحصل على خلفية تلك الصداقة والنفوذ على أكثر المناطق المميزة في منتجع شرم الشيخ ومحافظة جنوب سيناء بأكملها، ومنح الفرصة للاستثمار في كافة المشاريع العملاقة كتصدير الغاز أو في مجال الإسكان وغيرها، كما كان يمنح قروضا من البنوك دون أية ضمانات».