رفض الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة الاعتراف بأن الاجتماعات التي رعتها الأردن واللجنة الرباعية الدولية في عمان أول من أمس تمثل عودة إلى المفاوضات المباشرة، مصرا على تسميتها لقاءات استكشافية لا تفاوضية. وقال أبو ردينة لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذه لقاءات استكشافية للعودة إلى المفاوضات وليست لقاءات تفاوضية»، مؤكدا استعداد الجانب الفلسطيني بذل كل جهد ممكن من أجل استئناف المفاوضات، داعيا الحكومة الإسرائيلية للإعلان عن وقف الاستيطان، بما في ذلك مدينة القدس الشرقية، وقبول مبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967 لإعطاء المساعي الأردنية الفرصة التي تستحق من أجل استئناف المفاوضات.
وانتقد بل هاجم الكثير من الفصائل الفلسطينية في مقدمتها حركة حماس، ما وصفته بعودة السلطة إلى طاولة المفاوضات دون تحقيق الشرطين الفلسطينيين. واعتبر فوزي برهوم أحد الناطقين باسم حماس اللقاء مضيعة للوقت، وقال: إنه يعارض طموحات الشعب الفلسطيني. وتابع القول: إن هذه اللقاءات ستعطي إسرائيل الفرصة لإنهاء خططها للتهويد وبناء المستوطنات!.. ودعا السلطة إلى وقفها.
أما سامي أبو زهري ناطق آخر باسم حماس فقد استهجن تسليم «صائب عريقات (رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية) الاحتلال الإسرائيلي خلال لقاء عمان وثائق حول رؤيته بشأن الحدود والأمن». واستنكر «هذه الخطوة كون أن هذه الوثائق لم تعرض على الفصائل الفلسطينية وهي لا تمثل إلا وجهة نظر عريقات الذي كشفت قناة (الجزيرة) سابقا عن نوعية وثائقه». وطالب أبو زهري بضرورة التوقف عن حالة التفرد في مثل هذه المحطات الاستراتيجية، مؤكدا على أن هذه الوثائق لا تمثل إلا وجهة نظر أصحابها وأنها لا تمثل شعبنا الفلسطيني بأي حال من الأحوال.
أما أبو ردينة فأكد أن اللقاءات ستتواصل من الآن وحتى 26 سبتمبر (أيلول) الذي يشكل نهاية مهلة الأشهر الثلاثة التي حددتها اللجنة الرباعية في بيانها في 23 سبتمبر الصادر عن اجتماعها في نيويورك خلال تسليم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) طلب عضوية دولة فلسطين لمجلس الأمن الدولي، لتقديم الطرفين مقترحات بشأن الحدود والأمن.
وقد اتفق رئيس المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات مع إسحاق مولخو رئيس المفاوضين الإسرائيليين في ختام اللقاء الذي عقد في عمان أول من أمس برعاية اللجنة الرباعية ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة، واستغرق 3 ساعات ونصف الساعة، على عقد لقاء ثان في عمان في الأسبوع المقبل. وشارك ممثلو الرباعية (الروس والأميركيون والأوروبيون والأمم المتحدة) ومبعوثها توني بلير في الساعة الأولى من الاجتماع بينما واصل جودة رعايته منفردا للاجتماع الذي كان عريقات ومولخو جالسين فيه على طرفي الطاولة.
وقال أبو ردينة مازحا «الرئيس يستعد للسفر إلى جنوب أفريقيا وقد أنزلنا صائب عريقات (رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية) من على متن الطائرة حتى يكون على أهبة الاستعداد للمشاركة في اللقاءات».
ويفترض أن يغادر أبو مازن عمان غدا إلى جنوب أفريقيا ليعود إلى رام الله، ليستعد لزيارة تستغرق يومين لبريطانيا التي سيصلها في 15 يناير (كانون الثاني) الجاري.
وكان وزير الخارجية الأردني قد قال في المؤتمر الصحافي الذي عقده عقب الاجتماع: إن سلسلة من اللقاءات ستعقد في عمان بعضها سيعلن عنه والبعض الآخر قد لا يعلن عنه، وذلك من أجل استئناف المفاوضات المباشرة المتوقفة منذ أكثر من 15 شهرا، والتوصل إلى اتفاق سلام خلال عام.
وأوضح أبو ردينة أن المفاوضين الفلسطينيين سلموا الإسرائيليين التصور الفلسطيني لقضيتي الحدود والأمن.. وهو التصور الفلسطيني المعروف منذ أن ذهبنا إلى واشنطن (الثاني من سبتمبر 2010) واطلع عليه مبعوث السلام السابق جورج ميتشل وخلفه ديفيد هيل. وأضاف: «كان الإسرائيليون يرفضون تسلم موقفنا وتصورنا لقضيتي الحدود والأمن وهذه المرة قبلوا بتسلمها، ووعدوا بدراستها والرد عليها».
وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن هذه هي المرة الأولى في عهد حكومة بنيامين نتنياهو تقبل إسرائيل تسلم وثائق فلسطينية بشأن حدود الدولة الفلسطينية المستقلة. وقد سلمت المقترحات بوثيقتين منفصلتين إحداهما تخص الحدود والأخرى تخص الأمن. ووفق وسائل الإعلام هذه فإن المفاوضين الإسرائيليين قدموا نقاطا رئيسية تعتبرها إسرائيل أساسية في أي اتفاق مستقبلي.
وردا عن سؤال حول عدم وجود أي حاجة لمثل هذه الاجتماعات لتسليم مقترحات سلمها الفلسطينيون منذ فترة للجنة الرباعية، قال أبو ردينة «هؤلاء هم الإسرائيليون يريدون المماطلة وتضييع الوقت وإرضاء المستوطنين».. وأضاف: «هم الآن في عزلة والضغوط التي تواجهها إسرائيل كبيرة.. والفلسطينيون يحققون إنجازات سياسية ودبلوماسية.. وهذا جعلهم يرضخون ويقبلون تسلم التصور الفلسطيني.. وهذا بحد ذاته مكسب».
وعما سيكون عليه الرد الفلسطيني في حال عدم أي إحراز أي تقدم خلال فترة الأسابيع الثلاثة القادمة، قال أبو ردينة «كما يقول الرئيس دوما.. ستجتمع القيادة الفلسطينية في مطلع فبراير (شباط) المقبل، ويطلعها الرئيس على ما جرى التوصل إليه.. وبناء على ذلك تتحدد القيادة موقفها.. وكان الرئيس قد واجه اللجنتين المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير، بسؤال ماذا نفعل بعد؟ وحقيقة فإن الرئيس لا يزال يحتفظ برأيه الشخصي لنفسه ولا يناقشه مع أحد.. وستبحث كل الخيارات».
واستبعد أبو ردينة جدا إمكانية أن تؤثر مثل هذه اللقاءات على مسار المصالحة الفلسطينية وتشكيل الحكومة الذي وافقت الأطراف المختلفة لا سيما حركة حماس على تأجيل تشكيلها إلى ما بعد 26 يناير بناء على طلب أبو مازن. وقال أبو ردينة «إن المصالحة أمر منفصل 100% ولا علاقة لها بما يجري». وأضاف: «المصالحة تسير في الاتجاه الصحيح واللجان تقوم بمهامها. وأكد الرئيس ذلك للمبعوث الأميركي ديفيد هيل، عند لقائه في رام الله قبل بضعة أيام، إذ قال له «إن المصالحة تسير باتجاهها ولا علاقة للمفاوضات بها لا من قريب ولا من بعيد.. وحدة الشعب الفلسطيني وإجراء الانتخابات هما هدفنا».