شهد اليوم الثاني من مرافعة النيابة العامة في محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي إلى جانب 6 من كبار مساعديه أمس، جلسة مثيرة استعرضت فيها النيابة العامة الأدلة الموجهة إليهم عن ارتكابهم تهم الضلوع في عمليات قتل المتظاهرين السلميين في أحداث ثورة يناير الماضي، واشتراكهم بالاتفاق والتحريض والمساعدة على إجهاض الثورة من خلال قتل المتظاهرين عمدا للإبقاء على نظام مبارك.. فيما تأجلت المحاكمة إلى اليوم (الخميس) لاستكمال سماع مرافعة النيابة العامة.
وأثار تأخر المحكمة ثلاث ساعات بسبب تأخر وصول الطائرة المروحية التي تقل مبارك من مستشفى «المركز الطبي العالمي»، الذي يقضي به فترة الحبس الاحتياطي نظرا لكثافة الشبورة الجوية، انتشار شائعات عن عدم حضور مبارك الجلسة أمس، خاصة بعد مرافعة النيابة أول من أمس التي وصفته فيها بالطاغية. وحرص التلفزيون الرسمي على بث لقطات لهبوط طائرة مبارك في مهبط أكاديمية الشرطة حيث تجرى المحاكمة، وعملية نقله منها لسيارة الإسعاف ثم لداخل المحكمة، وهي لقطات لم تكن تبث من قبل.
وأكد ممثلو النيابة العامة في مرافعتهم أمس وجود أدلة قاطعة وقرائن، علاوة على الاستنتاجات التي خلصت إليها النيابة عبر وسائل وآليات منطقية على ارتكاب مبارك والعادلي والقيادات الستة بوزارة الداخلية تهم التحريض على قتل المتظاهرين بمساعدة الضابط وأفراد الشرطة عبر دفعهم إلى استخدام العنف المفرط والأسلحة والذخيرة الحية بحق المتظاهرين سلميا.. مشددة على أن تلك الجرائم التي أسفرت عن مقتل المئات ووقوع ما يزيد على ألف إصابة ما كانت لتقع دون تحريض مباشر وأوامر صريحة من المتهمين بحكم مناصبهم.
وعرضت النيابة العامة لقطات فيديو مصورة على شاشات عملاقة تم وضعها داخل القاعة، لعمليات قتل واستهداف المتظاهرين.. وقال المستشار وائل حسين المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام إن تلك اللقطات تظهر منهجية التعامل العنيف مع المتظاهرين سلميا بما يقطع بوجود أوامر عليا باستخدام العنف والذخيرة الحية لفض تلك التجمعات التي كانت تردد في هتافاتها «سلمية.. سلمية» في إشارة إلى تظاهرهم.
وقال المستشار مصطفى سليمان المحامى العام الأول لنيابة استئناف القاهرة إن أوجه جريمة الاشتراك في قتل المتظاهرين السلميين أثناء الثورة تؤكدها الأدلة القوية المتمثلة في شهادة الشهود، والأدلة الفنية مثل تقارير الطب الشرعي والجهات الفنية مما يؤكد منهجية عمليات الاستهداف وقتل المتظاهرين السلميين في 12 محافظة شهدت الاحتجاجات في ثورة 25 يناير، مشددا في ذات الوقت على أن النيابة العامة لم تقصر في عملية التحقيق مثلما تردد من جانب البعض، وأنها عملت في ظروف غاية في الصعوبة من أجل التوصل إلى حقيقة الأمر والوقوف على هوية المتسببين في تلك الأحداث.
وأشار المستشار سليمان إلى أن ما خلصت إليه النيابة العامة - مدعومة بالتقارير الفنية - يقطع بأن من قتلوا في المظاهرات ومن أصيبوا إنما كانوا يتظاهرون سلميا، غير أن قوات الأمن من الشرطة واجهت هذه المظاهرات السلمية بالرصاص الحي والأعيرة المطاطية والخرطوش، فضلا عن عمليات الدهس الممنهجة بالسيارات المصفحة التابعة لوزارة الداخلية.
وقال المستشار سليمان إن النيابة العامة باشرت التحقيقات في ظروف غاية في الصعوبة منذ يوم 16 فبراير (شباط) الماضي واستهلت عملها بطلب تحريات جهات الشرطة غير أن وزارة الداخلية في ذلك الوقت لم تقدم إلا النذر اليسير باعتبار أن قياداتها من الضالعين في تلك الأحداث، مما دعا لمخاطبة هيئة الأمن القومي لتقديم تحرياتها والتي ردت بدورها بأنها ليست لديها أية تحريات أو معلومات بشأن وقائع قتل المتظاهرين منذ اندلاع الثورة.