قتلى وجرحى في «تفجير انتحاري» بدمشق.. والنظام يهدد بالرد «بيد من حديد»

مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن بعد الانفجار.. وسقوط قتلى في احتجاجات طالبت بالتدويل بحماه وحمص وريف دمشق

TT

بدأ يوم «جمعة إن تنصروا الله ينصركم»، أمس، بانفجار أودى بحياة أكثر من 26 شخصا، وخلف 63 جريحا، حسب السلطات السورية، في حي الميدان الذي يعد من أهم بؤر التظاهر في العاصمة السورية، دمشق. والانفجار الذي وقع قبل صلاة الظهر يوم أمس كان بالقرب من جامع الحسن الذي خرجت منه أولى المظاهرات في الميدان ومدينة دمشق منذ 10 أشهر. وفي غضون ذلك تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن سقوط 17 قتيلا، أمس، برصاص قوات الأمن السورية في حماه وحمص وريف دمشق.

ووصفت السلطات السورية التفجير بأنه «إرهابي»، وقد وقع بالقرب من مدرسة حسن الحكيم للتعليم الأساسي في حي الميدان بدمشق. وقال وزير الداخلية، اللواء محمد الشعار، في تصريحات صحافية، إن «إرهابيا فجر نفسه قرابة الساعة العاشرة و55 دقيقة مستهدفا مكانا مروريا مكتظا بالسكان والمارة والمحال التجارية بهدف قتل أكبر عدد من المواطنين». وأضاف الشعار أن «الحصيلة الأولية لعدد قتلى وجرحى التفجير الإرهابي بلغت 11 قتيلا، أغلبهم من المدنيين، إضافة إلى وجود أشلاء 15 شخصا في أغلفة طبية، لم يتم التعرف على هوياتهم، و63 جريحا»، لافتا إلى أن «التحقيقات جارية للتعرف على هويات جميع القتلى».

ونقل التلفزيون السوري الرسمي عن وزير الداخلية قوله إن سوريا سترد «بيد من حديد» على أي أحد يحاول العبث بأمن البلاد أو أمن المواطنين.

من جانبه قال وائل الحلقي، وزير الصحة، إن «الكوادر الطبية الإسعافية في مشفى المجتهد أسرعت إلى مكان التفجير الإرهابي مباشرة لإسعاف الجرحى ونقل القتلى». وأكد الحلقي أن الكادر الطبي «تمكن من إنقاذ العديد من الجرحى».

وكان لافتا في حدث يوم أمس سرعة تعامل وسائل الإعلام الرسمية، حيث حضر التلفزيون السوري وقناة «تلفزيون الدنيا» فورا إلى موقع الحدث ونقل صور مباشرة من الموقع، تماما كما جرى أثناء التعامل مع التفجير الذي وقع عند المقر الأمني في منطقة كفرسوسة منذ أسبوعين، وتزامنت تغطية الإعلام الرسمي مع تشويش على القنوات الفضائية الدولية والعربية، الأمر الذي توقف عنده الناشطون المناهضون للنظام، إذ اعتبروا ذلك ثغرة تؤكد الشكوك في افتعال التفجير من قبل النظام، في موقع تتمركز فيه قوات الأمن و«الشبيحة» وحفظ النظام الذين يتولون مهمة قمع المظاهرات التي تخرج من جامع الحسن.

وأكد النظام السوري أن الانفجار استهدف حافلة تقل عناصر شرطة، وقال التلفزيون السوري، الذي كان أول من بث لقطات من موقع التفجير، إن «الحصيلة الأولية للتفجير الإرهابي بلغت 25 قتيلا و46 جريحا بين مدنيين وقوات حفظ النظام». لكن ناشطين أفادوا بأن «الصور التي بثها التلفزيون تظهر شاحنات (باصات) الأمن فارغة إلا من دروع حفظ النظام، ولم تشاهد العصي الكهربائية ولا أسلحة ولا أدوات القمع التي يستخدمها الأمن في قمع المظاهرات طوال الأشهر الـ10 الماضية»، مع الإشارة إلى أن «الدروع التي يستخدمها عادة قوات حفظ النظام لم تكن تشاهد من قبل في الميدان أثناء قمع المظاهرات، كون الذين يهاجمون المتظاهرين ليسوا من قوات حفظ النظام وإنما هم قوات أمن و(شبيحة)».

التفجير الذي وقع قبل صلاة الجمعة في منطقة الميدان لم يمنع خروج المظاهرات في حي الميدان، بل أعطت دافعا للمناهضين للنظام للخروج من عدة مناطق سواء في حي الميدان أو في مناطق أخرى من ريف دمشق لإدانة التفجير واتهام النظام بـ«افتعال التفجير».

وخرجت مظاهرتان في حي الميدان؛ الأولى من منطقة الغواص من جامع خيرو ياسين، والثانية من منطقة القاعة من جامع حسين خطاب. كما خرج المصلون من جامع زين العابدين في الميدان في مظاهرة نددوا فيها بـ«ألاعيب النظام الوحشي» وهتفوا للمدن المحاصرة وطالبوا بالتدويل. وجرى قمع المظاهرات من قبل قوات الأمن، وعند جامع حسين خطاب في منطقة القاعة حيث وقعت مواجهات عندما رشق المتظاهرون قوات الأمن و«الشبيحة» بالحجارة، بينما ردت قوات الأمن برمي قنابل مسيلة للدموع وقنابل صوتية واستمرت الاشتباكات عدة ساعات.

وفي المقابل خرجت، أمس، مسيرات تأييد للنظام لإدانة التفجير واتهام المطالبين بإسقاط النظام بالإرهاب ودفع البلاد إلى الدمار، وطالب المشاركون النظام بمزيد من الحزم والضرب بيد من حديد لإخماد المظاهرات، وذلك حسب تقارير بثها «تلفزيون الدنيا»، واتصالات هاتفية كان أصحابها يناشدون الرئيس السوري، بشار الأسد، «ارتداء البدلة العسكرية والنزول إلى ساحة المعركة والضرب بيد من حديد».

وبدورها قالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «حشودا غفيرة من المواطنين بدأت بالتوافد إلى الساحات العامة في عدد من المناطق والمدن في المحافظات استنكارا للتفجير الإرهابي الذي وقع في حي الميدان بدمشق وأدى إلى وقوع العشرات من القتلى والجرحى».

وفي تفاصيل النبأ الذي أورده التلفزيون السوري أن المعلومات الأولية تشير إلى أن «إرهابيا فجر نفسه عند إشارة ضوئية مرورية في حي الميدان»، مما أدى إلى «سقوط عدد من قوات حفظ النظام كانوا متمركزين بالقرب من جامع الحسن». وقال ناشطون إن «التلفزيون السوري بث، عن طريق الخطأ، صورا يظهر فيها رجال يضعون أكياس طعام إلى جانب بقع الدم على الأرض، على أنها لضحايا التفجير». وقام مناهضون للنظام بتسجيل المشهد وبثه على مواقع الإنترنت للتدليل على افتعال النظام للتفجير الذي دوى صوته في حي الميدان ومحيطه، حيث قالت مصادر محلية إن صوت الانفجار سمع في منطقة الحجاز، وسط دمشق، وفي منطقة كفرسوسة، وإن «التفجير وقع بالقرب من مخفر شرطة الميدان وجامع الحسن»، كما سمع صوت إطلاق رصاص بعد الانفجار بثوان قليلة، وسمعت أصوات سيارات الإسعاف التي هرعت، بسرعة فائقة وبكثافة، إلى الموقع، حيث جرى تطويقه وإغلاق كافة الطرق المؤدية إليه.

من جانبه قام وفد من المراقبين العرب بزيارة موقع الانفجار في حي الميدان بدمشق لمعاينة وقائعه، بحسب ما قالته مصادر رسمية في دمشق. ويشار إلى أن التفجير وقع قبل يومين من عقد اللجنة الوزارية الخاصة بالملف السوري جلسة (الأحد) لبحث أول تقرير لبعثة المراقبين العرب إلى سوريا، وذلك قبل جلسة لمجلس الأمن، يوم الثلاثاء، حيث سيتم عرض الأحداث حول سوريا.

إلى ذلك، أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من لندن مقرا له، أن 17 مدنيا قتلوا أمس برصاص قوات الأمن السورية في مناطق مختلفة.

وقال المرصد: «ارتفع عدد القتلى المدنيين الذين قتلوا الجمعة برصاص قوات الأمن السورية إلى 17، بينهم 6 في مدينة حماه قتلوا بإطلاق رصاص بعد خروج المظاهرات، واثنان في مدينة حمص، أحدهما قتل بإطلاق رصاص بعد منتصف ليل الخميس/ الجمعة والآخر بإطلاق رصاص عشوائي، إضافة إلى آخر في مدينة الرستن برصاص عشوائي، بينما قتل في ريف دمشق 3 مواطنين في مدينة حرستا، إضافة إلى اثنين في مدينة الضمير، و3 في ضاحية قدسيا».

من جهة أخرى، لفت المرصد إلى «مقتل 3 جنود منشقين في مدينة الرستن» بمحافظة إدلب، كما تحدث عن «انتشار لقوات الأمن السورية في شوارع مدينة الصنمين وتنفيذ حملة اعتقالات عشوائية» فيها. وأشار إلى أن «انفجارين شديدين هزا مدينة دير الزور» شرق سوريا.

وتلبية لدعوة الناشطين إلى التظاهر، أمس، تحت شعار «إن تنصروا الله ينصركم.. التدويل مطلبنا»، قال المرصد إن 50 ألف متظاهر تجمعوا في ساحة الجامع الكبير في مدينة دوما، قرب دمشق.

كما أشار إلى أن هناك «مظاهرات حاشدة خرجت بعد صلاة الجمعة في عدة بلدات وقرى بمحافظة إدلب تطالب بإسقاط النظام وتدويل الملف السوري».

ولفت المرصد إلى أنه «رغم الانتشار الأمني الكثيف خرجت مظاهرة حاشدة في مدينة الصنمين في محافظة درعا طالبت بإسقاط النظام».