بريطانيا: مساعي أسكوتلندا للاستقلال الكامل تشعل معركة سياسية

إجراء الاستفتاء سينهي اتحادا دام 300 عام

أليكس سالموند
TT

أشعل سعي الحزب الأسكوتلندي «الوطني» لإجراء استفتاء، حول منح أسكوتلندا استقلالها الكامل عن بريطانيا، معركة سياسية بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والأسكوتلندي أليكس سالموند.

ويعتزم رئيس وزراء أسكوتلندا إطلاق استفتاء للتشاور مع شعبه حول خطوة الاستقلال عن بريطانيا، إذ يرى أن الوقت قد حان لتصبح أسكوتلندا المتحكم في مصالحها المحلية، في الوقت الذي يتزايد فيه تأييد الأسكوتلنديين لذلك.

بالمقابل، يحاول رئيس الوزراء البريطاني التصدي للخطوة، من خلال فرض شروط تلزم بإجراء الاستفتاء «في وقت مبكر»، ويعتقد أن هذه الخطوة يُراد منها التأثير على نتائج الاستفتاء، الذي قد ينهي اتحادا دام 300 عام.

ويعتبر كاميرون من المؤمنين تماما بوحدة المملكة المتحدة، كما أنه لا يرغب في أن يرتبط اسمه تاريخيا كسياسي «ضيع» أسكوتلندا، الأمر دفعه إلى الحديث مع الوزير الأول الأسكوتلندي، أليكس سالموند، عن ضرورة إجراء استفتاء حول استقلال أسكوتلندا عن المملكة المتحدة في غضون 18 شهرا، على أن يكون أي استفتاء بعدها استشاريا فقط.

واعتبر كاميرون أنه من الأفضل للشعب الأسكوتلندي تنظيم مسألة الاستفتاء على الاستقلال في وقت مبكر. وأشار إلى أن الأسكوتلنديين «يستحقون إجراء استفتاء نزيه وحاسم حول مسألة استقلالهم»، وتابع: «إذا كان الوزير الأسكوتلندي الأول، أليكس سالموند، يريد إجراء استفتاء على استقلال أسكوتلندا؛ فلماذا سننتظر حتى عام 2014، لأن هذا التأخير الطويل مضر جدا لأسكوتلندا، وتريد الشركات معرفة ما إذا كانت المملكة المتحدة ستبقى معا أم لا».

ومن المنتظر أن يخبر كاميرون سالموند هذا الأسبوع بأنه لن يسمح بطرح سؤال ثالث في الاستفتاء، كما سينشر ورقة استشارية تكشف عن الرأي القانوني الواضح بأن الاستفتاء سيكون «ملزما» في نتيجته، في حال موافقة كلا البرلمانين؛ برلمان بريطانيا وبرلمان أسكوتلندا عليه. في حين سيتحدث عن أن حالة عدم اليقين التي سيخلقها احتمال الاستفتاء ستلحق الضرر باقتصاد بريطانيا، مع الإشارة إلى أن تأجيل فكرة الاستفتاء حتى عام 2014 غير محتملة. إلا أن المجال سيظل مفتوحا أمام سالموند لتحدي قرار كاميرون قانونيا، في خطوة تاريخية إن تحققت، فستغير خارطة المملكة المتحدة.

وفي السياق ذاته، أثار قرار ديفيد كاميرون غضبا عارما في أوساط الساسة المؤيدين للاستقلال. واتهمت نائبة رئيس الوزراء الأسكوتلندي، نيكول ستروغن، بأن كاميرون يحاول التدخل مع الحقوق الديمقراطية للشعب الأسكوتلندي «من خلال فرض شروط تقيد شكل وتوقيت الاستفتاء»، بشكل يعرقل نتائجها.

ويرى المعارضون للاستقلال أن الوقت غير مناسب، خصوصا وسط الأزمة المالية ومشكلات البطالة التي تعصف بالمملكة المتحدة. وقال رئيس الوزراء البريطاني لهيئة الإذاعة البريطانية: «أعتقد أن سالموند يعلم تماما بأن الشعب الأسكوتلندي في قرارة نفسه لا يريد الانفصال الكامل عن المملكة المتحدة، ولذا فهو يحاول خلق نوع من الإرباك ليحدث ذلك، في حين أعتقد أننا بحاجة إلى بعض التأني حتى نتمكن من توضيح وحسم هذه القضية».

الجدير ذكره أن فكرة الاستقلال هذه كانت قد تصدرت برنامج الحزب الانتخابي لسالموند عام 2010، وبسببها فاز بالأغلبية التي شكل على أساسها الحكومة، حيث وعد بأنه سيجري هذا الاستفتاء قبل نهاية ولايته.

وعلى الرغم من أنها أصبحت من أهم نقاط الخلاف بينه وبين حكومة المملكة المتحدة، فإنها أبرزته كواحد من أبرز السياسيين النافذين. وأشار استطلاع للرأي أجرته صحيفة «ذا تايمز» البريطانية إلى أن سالموند هو شخصية العام 2011، ووصفته بأنه «سياسي على أعلى مستوى في مهنته».

يُذكر أن آخر الاستطلاعات التي أجراها معهد «كوم ريز» حول مسألة استقلال أسكوتلندا عن إنجلترا قد أشارت إلى ارتفاع نسبة الأسكوتلنديين المؤيدين للانفصال عن المملكة المتحدة إلى 49 في المائة، بارتفاع قدره 11 في المائة مقارنة بنحو 37 في المائة.