أردوغان يحذر من حرب أهلية في سوريا وطائفية في العراق.. وداود أوغلو يحث المعارضة على التوحد

مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: الأسعد لاجئ سياسي.. و«الجيش الحر» لا يعمل من أراضينا

TT

حذرت تركيا من «انزلاق سوريا نحو حرب مذهبية وطائفية»، متهمة النظام السوري بـ«جر البلاد إلى فتنة لا يعرف أحد مداها»، كما قالت مصادر قريبة من رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان لـ«الشرق الأوسط» تعقيبا على كلام الأخير عن الخشية من اندلاع حرب أهلية في سوريا، بالتزامن مع دعوة لافتة من وزير خارجيته للمعارضة السورية لاعتماد «السبل السلمية» في الضغط على النظام خلال لقاء جمعه مع وفد من المكتب التنفيذي برئاسة برهان غليون في إسطنبول مساء الأحد الماضي.

وقالت المصادر إن تركيا ترى في ما يحدث في سوريا «تهديدا حقيقيا لأمن المنطقة»، مشيرة إلى أن النظام يستدرج المعارضة إلى الساحة التي يحب، وهي عسكرة الثورة تسهيلا للقضاء عليها، وهو ما يجب أن يتبصر فيه المعارضون.

وفي الإطار نفسه قال مصدر تركي رسمي لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة لم تدعم يوما «عسكرة الثورة» رغم اقتناعها بصوابية المطالب الشعبية السورية وضرورة تلبيتها، مشيرا إلى أن التحذير من «الحرب الأهلية» هو انعكاس طبيعي لما تراه تركيا من مخاطر محدقة بالمنطقة. ونفى المصدر بشدة أن تكون تركيا دفعت باتجاه عسكرة الأزمة من خلال دعم «الجيش السوري الحر»، أو أن يكون هذا الجيش يتخذ من الأراضي التركية مركزا لانطلاق عملياته ضد الجيش السوري. وشدد المصدر على أن الأسعد «لاجئ سياسي» ولا يقوم بأي نشاط عسكري، لا هو ولا رفاقه الذين تستضيفهم تركيا في معسكرات غير مسلحة، مشددا على أن لا مكان في تركيا لغير السلاح الرسمي.

وكان أردوغان حذر أمس من نشوب «حرب أهلية» في سوريا. وقال إن «تطورات الوضع هناك تدفع في اتجاه حرب أهلية». وأضاف: «على تركيا أن تؤدي دورا لأن اندلاع حرب أهلية سيجعلنا في وضع صعب (...) ويضعنا تحت تهديد». وقال كبير مستشاري أردوغان إبراهيم قالن لـ«الشرق الأوسط» إن كلام أردوغان «ليس انسحابا من الملف السوري أو سعيا لصفقة مع النظام»، معتبرا أن الأخير ما زال على موقفه بضرورة رحيل «نظام قتل من شعبه قرابة 7 آلاف حتى الآن»، موضحا أن تصريحاته عن «التوتر الطائفي والعرقي» كان المقصود به ما يحدث في العراق.

ودعا وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو المعارضة السورية إلى مواصلة تحركاتها «بالسبل السلمية» خلال لقاء عقده مع وفد من المجلس الوطني السوري. وقال متحدث باسم الخارجية إن «المعارضة السورية تطالب بالديمقراطية، وقلنا لهم خلال لقاء (أول من) أمس (الأحد) إنه ينبغي القيام بذلك بالسبل السلمية».

وأكد المجلس الوطني من جهته على أهمية التحرك الإقليمي والدولي للوقوف في وجه النظام السوري في ظل رفضه التعامل مع المبادرات العربية والإقليمية واستمراره في عمليات القتل التي أدت حتى الآن إلى استشهاد ما يقرب من ستة آلاف وخمسمائة سوري. ونقل بيان للمجلس الوطني عن داود أوغلو تأكيده وقوف تركيا إلى جانب الشعب السوري ودعم مطالبه العادلة في نيل حريته وكرامته، ودعم جهود المعارضة السورية التي تسعى لتأسيس نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويكفل الحريات باعتماد النضال السلمي وسيلة للتغيير. وشدد الوزير التركي خلال اللقاء على أهمية محافظة المعارضة السورية على وحدتها، وضرورة اعتمادها أساليب سلمية في عملية التغيير.

إلى ذلك أكد رئيس حزب السعادة التركي مصطفي كمالاك أن وفد الحزب خلال زيارته إلى دمشق، والتي استغرقت ثلاثة أيام، زار الرئيس السوري بشار الأسد وعددا من القيادات السياسية والدينية السورية، وأنه لم يفعل ذلك تضامنا مع النظام، بل لـ«تحذير الرئيس السوري بشار الأسد وليس لتقديم الدعم له». وقال: «ذهبنا إلى سوريا بأنفسنا لا بدعوة من الرئيس السوري»، مشددا على أن غايتهم «تتلخص في الحيلولة دون تدخل الدول الغربية في شؤون الدول الإسلامية»، وأضاف: «ذهبنا إلى دمشق لأداء واجبنا الإنساني المتمثل بتحذير نظام الأسد من عاقبة ما يفعله (...) هدفنا الأساسي أن يعم السلام منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.. إذ سبق لنا أن زرنا العراق قبل أعوام للسعي لوقف نزيف الدم هناك، ونتمنى أن لا يحدث في سوريا ما حدث في العراق من مذابح وانقسامات». وتابع: «قلنا للأسد إن التدخل الأجنبي لن يكون فقط في صورة عسكرية، بل بصورة سياسية في الوقت ذاته، وأكدنا ضرورة فتح الطريق أمام المعارضة السورية ليكون لها مكان يعبر عن أفكارها في البرلمان السوري».

وأوضح الرئيس العام لحزب السعادة أن الأسد طلب منهم «نقل الأوضاع والحقائق في سوريا على حقيقتها للإخوة الأتراك»، معاتبا الحكومة التركية بقوله: «كنا ننتظر المساعدات الأولية في مسيرة التحول الديمقراطي.. أن تأتي من تركيا في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها سوريا قبل أن تأتي من الصين وروسيا».

وفي إسطنبول، قرر المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري تمديد ولاية رئيسه الحالي، برهان غليون، لمدة شهر إضافي قابل للتجديد. وعن سبب تأجيل انتخاب رئيس جديد، قال هيثم المالح، عضو المكتب التنفيذي لـ«المجلس الوطني السوري» لـ«الشرق الأوسط»: «هناك عوامل عدة أسهمت في تأجيل الانتخابات والتمديد للرئيس الحالي، على أن يتمّ بعد ذلك اختيار رئيس جديد أو التمديد لغليون».