المعارضة السورية توجه انتقادات حادة لبعثة المراقبين وتوصيات الجامعة العربية

المجلس الوطني: خيبة أمل كبرى * «الإخوان»: البعثة لم تعد تعنينا * الهيئة العامة للثورة السورية تنعى المبادرة العربية

جانب من مظاهرة في كفروما بإدلب أمس
TT

وجهت معظم أطراف المعارضة السورية انتقادات حادة إلى عمل بعثة المراقبين العرب في سوريا ورئيسها الفريق السوداني محمد الدابي، واتهمت بعثة المراقبين بـ«التغطية على جرائم النظام السوري». وجاءت هذه الانتقادات غداة قرار اللجنة الوزارية العربية مواصلة مهمة المراقبين وطلب تقديم الدعم لها وإعطائها الوقت الكافي لإنجاز مهامها، بعد الاستماع إلى تقرير الدابي الذي وجه انتقادات إلى النظام والمعارضة على حد سواء.

وجاء في تقرير الدابي أن مراقبي البعثة «تجولوا في معظم المناطق السورية، وأن هناك مضايقات تعرضوا لها من قبل الحكومة السورية ومن قبل المعارضة، وأن كل طرف يريد أن يقنع البعثة بأنه على حق، وأن هناك انتهاكات من الطرف الآخر». إلا أن التقرير أشار أيضا إلى أن «هناك صورا لآليات عسكرية على أطراف المدن، والمظاهرات يطلق فيها الرصاص، إضافة إلى صور لقتلى وانتهاكات مستمرة في مجال حقوق الإنسان».

وكانت جماعة الإخوان المسلمين أول من انبرى لانتقاد المراقبين، معلنة براءتها منها، وقالت في بيان حمل عنوان «بعثتهم لم تعد تعنينا»، إنه «غدا واضحا سعي بعثة المراقبين العرب إلى التغطية على جرائم النظام السوري، ومنحه المزيد من الوقت والفرص لقتل شعبنا وكسر إرادته»، متهمة البعثة بـ«حماية هذا النظام من أي موقف جاد للمجتمع الدولي».

وندد البيان، الذي يحمل توقيع زهير سالم، الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين بـ«استرسال الأمانة العربية للجامعة العربية في استرضاء النظام السوري، حتى قبل استقبال بعثة المراقبين العرب»، مذكرا بـ«شرط وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، الذي جاهر به في مؤتمر صحافي تحت سمع الجامعة العربية وبصرها (قائلا) إن توقيعنا على البروتوكول لا يعني قبولنا بالمبادرة العربية»، وتابع أنه بعد ذلك «لم يعد غريبا ولا مفاجئا أن تخرج علينا بعثة المراقبين العرب بتقريرها الذي خلا من أي إشارة إلى مسؤولية النظام عن قتل آلاف السوريين، بمن فيهم مئات الأطفال، وبما في ذلك مسؤولية ذلك النظام عن عجز أولياء الأمور عن دفن جثث قتلاهم».

كما اتهم بعثة المراقبين العرب بأنها «تساوي بين الضحية والجلاد، وتوازي بين آلة القتل الرسمية بيد الوحدات العسكرية النظامية وغير النظامية بدباباتها ومدفعيتها وصواريخها، وبين عمليات فردية للدفاع عن النفس، أقرتها قوانين الأرض وشرائع السماء».

وتابع البيان: «إننا في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، نؤكد للرأي العام الوطني، وللجامعة العربية، وفي ضوء تقرير بعثتها المنحاز للنظام القاتل المستبد: أن أمر بعثتكم هذه لم يعد يعنينا».

وبدوره، أعرب عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري المعارض سمير نشار لـ«الشرق الأوسط» عن «خيبة أمل كبرى لدى المجلس وعموم السوريين من تقرير بعثة المراقبين، الذي كنا نتمناه أكثر وضوحا وتحديدا»، مبديا «الأسف لأننا نشعر بألا حيادية في مضمونه لناحية توصيف الجرائم التي يرتكبها النظام السوري، كما هو مطلوب». وقال: «كنا نعول على الجامعة العربية من خلال مشاهدات بعثتها وعملها أن تثبت جرائم النظام، وتحيلها إلى مجلس الأمن الدولي، لأنها تكلف الشعب السوري مئات الشهداء يوميا»، مشددا على أن «النظام السوري لا يحسب حسابا إلا لمجلس الأمن، باعتبار أن هذا الأخير يملك آليات تردعه عن ارتكاب مزيد من جرائم القتل».

وأوضح نشار «أننا مصرون على إحالة الملف إلى مجلس الأمن، لكننا مضطرون أن يتم ذلك من خلال ممر إجباري هو جامعة الدول العربية»، متوجها إلى من يرفض إحالة الملف إلى مجلس الأمن بالقول: «على من يرفض أن يوضح لنا ما هو البديل، فهل وجود المراقبين العرب أوقف القتل وأطلق سراح آلاف المعتقلين وسمح لوسائل الإعلام العربية والعالمية بالدخول من أجل تغطية الوقائع على الأرض؟ وهل تم سحب الآليات العسكرية من المدن السورية؟».

من جهتها، وجهت الهيئة العامة للثورة السورية نداء إلى الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، وإلى الوزراء العرب «نعت» فيه مبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة في سوريا ودعت إلى إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن. وجاء في هذا النداء: «إننا في الهيئة العامة للثورة السورية إذ لم نلاحظ انخفاضا في أعداد شهدائنا ولا في مستوى عنف النظام منذ زيارة لجنتكم لسوريا، فإننا ننعى لكم وللعالم أجمع مبادرة الجامعة العربية، بعدما عجزت لجنتها عن وضع الأمور في نصابها وتسميتها بمسمياتها الحقيقية».

وأضاف النداء: «نذكركم بأن أي مبادرة تدعو للحوار مع نظام الإجرام والإرهاب القابع على صدور الشعب السوري والموغل في دمائه، ولا تتضمن الاعتراف الصريح بعدم شرعيته وسقوطه، هي مبادرة لا تحقق مطالب الشعب السوري ولا تنصفه».

وطالبت الهيئة العامة أخيرا الجامعة العربية بـ«إعلان فشل» المبادرة العربية و«تحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن ليأخذ القانون الدولي مجراه في حماية المدنيين».

ومن جانبه، اعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في تصريح لوكالة الحصافة الفرنسية، أن «وجود المراقبين بالشكل والطريقة الموجودين بها حاليا هو خدمة للنظام السوري».

وكان المراقبون بدأوا مهمتهم في 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في دمشق بينما وصل آخر وفود المراقبين السبت مقبلا من الأردن لمراقبة تطبيق الخطة العربية للخروج من الأزمة التي تنص على وقف العنف.

غير أن هيئة التنسيق الوطنية السورية حملت على منتقدي عمل بعثة المراقبين ومطالبتهم بإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي، مؤكدة أن الحل الوحيد هو في «زيادة عدد المراقبين وتدريبهم».

وقال رئيس «هيئة التنسيق الوطنية» الدكتور هيثم مناع لـ«الشرق الأوسط»: «هل يعتقدون بصراحة أن إحالة الملف إلى مجلس الأمن سيوقف القتل مباشرة، فمجرد الاتفاق على تشكيل أي بعثة دولية يحتاج إلى شهر على الأقل، ما يعني مزيدا من الفراغ وترك المواطن السوري بلا غطاء».

ورأى أن «المشكلة هي في أن من يعارض عملها (بعثة المراقبين العرب) يهاجمها ويطالب بسحبها، عوضا أن يقدم اقتراحات ويبرز نقاط ضعفها التكوينية والتنظيمية»، وسأل: «ما الحل لديهم؟ وهل يظنون أن مجلس الأمن في (جيب أبيهم)؟»، مشددا على أن «الحل هو بالمطالبة بزيادة عدد المراقبين العرب».

وأوضح مناع أنه ووفد من هيئة التنسيق زار تونس وطالب الإخوة المصريين وسيطالب المغاربة بتقديم ما لديهم من أجل زيادة عدد بعثة المراقبين، «في موازاة توجهنا لمطالبة السلطات القريبة من سوريا بالضغط عليها للقبول بزيادة عدد المراقبين».

واعتبر مناع أن «مشكلة بعض الحركات السورية المعارضة أن لا تجربة وتراث لديها في مجال حقوق الإنسان، وهو ما ندفع ثمنه اليوم»، وقال: «التقينا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وأعلمناه بنتائج الجولة التي قمنا بها أوروبيا وعربيا، وبأننا سنبذل ما نستطيع من أجل تحسين أداء بعثة المراقبين، لأن مغادرتها في هذه الظروف ستترك فراغا كبيرا».