قاسم عطا.. مالئ «الصحف» وشاغل «الفضائيات» يتوارى عن الأنظار

لم يعد بعد ترقيته إلى رتبة «فريق» متحدثا باسم قيادة عمليات بغداد

قاسم عطا
TT

الفريق قاسم عطا.. أشهر وجه إعلامي لعسكري أتقن فن الانتماء إلى زمنين مختلفين. لم يشمله مثل عدد كبير من ضباط الجيش العراقي السابق ممن انضموا إلى الجيش العراقي الجديد قانون «الاجتثاث»، وحيث إن المؤسسة العسكرية في زمن النظام السابق مغلقة تماما لحزب البعث مثل المؤسسة التعليمية فإنه يندر أن تجد ضابطا في أقصى وحدة عسكرية في الجيش أو معلما في أبعد قرية في العراق ليس بعثيا.

قبل أيام صدر أمر بترقية عطا من رتبة «لواء» إلى رتبة «فريق» في الجيش العراقي. و«الفريق» هي أعلى ثاني رتبة في المؤسسة العسكرية العراقية الحالية حيث لا تسبقها سوى رتبة «فريق أول» التي يحملها الآن عدد آخر من كبار ضباط المؤسسة العسكرية، منهم رئيس أركان الجيش الكردي بابكر زيباري وقائد عمليات بغداد الفريق أول الركن أحمد هاشم وقائد العمليات السابق والمعاون الحالي لرئيس أركان الجيش عبود كنبر. وهؤلاء الضباط وعدد آخر ممن يعملون في مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي تم استثناؤهم من قانون اجتثاث البعث نظرا لإخلاصهم في ميادين عملهم.

قاسم عطا وبحكم كونه ناطقا إعلاميا أكثر هؤلاء الضباط شهرة ويكاد يكون الوحيد في الواجهة التي وفرت له غطاء أوسع للتحرك في ظل أوضاع أمنية غير مستقرة منذ أن بدأت خطة فرض القانون عام 2007، حيث أصبح ناطقا إعلاميا باسمها حتى تحول في ما بعد ليحتل منصب الناطق الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد. الرتبة الجديدة التي حملها «فريق»، والتي جاءت في إطار استحقاقه العسكري طبقا لقانون الخدمة العسكرية، ستؤدي إلى تغييبه عن وسائل الإعلام التي أتقن التعامل معها بطريقة جعلته مرضيا عنه من قبل رؤسائه، ومن ضمنهم المالكي نفسه، لكنه أثار ولا يزال يثير جدلا في الشارع العراقي، الشعبي منه والإعلامي، بسبب تصريحاته التي كثيرا ما يعتبرها الإعلاميون لا تعبر عن حقيقة ما يجري.

وطبقا للملاك العسكري فإن حدود الرتبة العسكرية التي يحملها الناطق باسم عمليات بغداد تتراوح بين عميد ولواء، وكلاهما مع رتبة الفريق بالأعراف العسكرية تعادل «الجنرال».. قاسم عطا الآن جنرال بـ3 نجوم، وهي رتبة تجعله ممن يمسكون مواقع قيادية عليا، لكن لا أحد يعرف ما هو المنصب الذي سوف يتم إسناده إليه بعد هذه الترقية التي لم تأتِ لصالح ما حظي به من شهرة جعلته الضابط الأشهر في الجيش العراقي وأشبه ما يكون بمالئ «الصحف» وشاغل «الفضائيات».

لم يخفِ عطا انتماءه إلى المؤسسة العسكرية العراقية السابقة كضابط مهندس حين تطوع للدراسة على نفقة وزارة الدفاع العراقية. وطبقا لسيرته الذاتية فإنه تنقل في المواقع العسكرية المريحة في الجيش العراقي السابق حتى انتهى به المقام في جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا في قسم المطابع العسكرية منذ عام 1993 حتى سقوط النظام والجيش العراقي السابق. وعلى الرغم من السقوط المريع للمؤسسة العسكرية العراقية السابقة فإن الفريق قاسم عطا كان من بين من وجدوا فرصة للعمل في الجيش الجديد. ومثل الجيش السابق الذي منحه فرص التدريب خارج العراق في دورات عسكرية منها دورة في ألمانيا جعلته يكون أحد الشهود على سقوط جدار برلين أواخر ثمانينات القرن الماضي، فإنه وبعد التحاقه بالجيش الجديد خضع لعدة دورات خارج العراق، منها دورة في الولايات المتحدة الأميركية.

وليس في تاريخ قاسم عطا العسكري ما يجعله ضابطا مشاكسا أو مغضوبا عليه من قبل جيش صدام حسين، ولكنه وجد ما يسعف وضعه «النضالي» في سيرة والده المعلم الذي اعتقله البعثيون ممن كانوا ينتمون إلى «الحرس القومي» عام 1963 وعذبوه تعذيبا شديدا. ليس هذا فقط، فإن أربعة من بين أعمامه كانوا قد أعدموا في زمن صدام حسين بتهمة الانتماء إلى حزب الدعوة. لكن هذه التهمة في زمن صدام لم تكن تشمل من يعدم بدم بارد، بل كانت تشمل سجنا وطردا من الوظيفة أو نقلا منها لأقارب المعدومين حتى الدرجة الرابعة، وهو أمر لم يشمل العقيد المهندس آنذاك قاسم عطا.