قيادي بـ«الألتراس»: ألقوا بزملائي من فوق المدرجات فسقطوا قتلى

«الشرق الأوسط» تلتقي مصابين من جماهير «الأهلي» العائدين من «بورسعيد»

TT

«هي رحلة الموت والرعب.. توقعنا بوادر المجزرة من لحظة وصولنا بورسعيد، انتهت المباراة وأطفأوا الأنوار وقتلونا.. وللأسف لم يتحرك أحد لنجدتنا». هكذا يلخص أحمد إدريس، أحد قيادات مشجعي النادي الأهلي الملقب بـ«الألتراس» ما حدث ليلة «الأربعاء» الدامية في استاد بورسعيد حيث قتل العشرات وأصيب المئات في مجزرة كروية اختلطت فيها دماء المشجعين بأقمشة أعلام ناديهم الأثير، قبل أن توضع الجثامين على النجيل الأخضر. ومن بين هتافات الألتراس الأثيرة «يوم ما أبطل أشجع هكون ميت أكيد»، وهو ما حدث حرفيا أمس؛ حين أُسكتت للأبد أصوات 74 مشجعا منهم.

ويقول إدريس، 27 عاما، الطالب في كلية التجارة: «رحلة الذهاب إلى بورسعيد بالقطار بدأت عادية جدا رغم كل التوتر، إلا أن القطار توقف في محطة قبل بورسعيد بنحو 30 كيلومترا، حيث أمرتنا قيادات عسكرية بالنزول»، مضيفا أنه إجراء أمني غير مسبوق، قبل أن يتم نقلهم في مدرعات عسكرية أحضرت خصيصا لتأمينهم وهو ما أشعره بالقلق المفرط.

وكشف إدريس أنه أخبر لواء في القوات المسلحة أنهم مستعدون للعودة للقاهرة إذا لم يكن الأمن قادرا على السيطرة على الأوضاع، لكن اللواء العسكري أخبره بثقة «قادرون على تأمينكم وحمايتكم.. لا تقلق».

وأفصح عدد من مشجعي الأهلي الذين حضروا المباراة لـ«الشرق الأوسط» أنهم تلقوا إشارات تهددهم بالقتل والذبح قبل وأثناء المباراة، وأن الأجواء كانت متوترة للغاية وخارج السيطرة من الشرطة، وقال إدريس: «فور انتهاء المباراة، فوجئنا بتدافع الجمهور البورسعيدي علينا، يحملون أسلحة بيضاء وكراسي خشبية»، وتابع «الشرطة تركتهم يعبرون إلينا بشكل لا يصدق، الأبواب فتحت لهم على مصراعيها، فوجدناهم عندنا يعتدون علينا». وكشف إدريس أن ميكروفونا طالب جنود الأمن المركزي بالانسحاب إلى الملعب وعدم التدخل؛ وهو ما أكده شهود آخرون.

وأفصح إدريس أن المئات من شباب المشجعين تدافعوا للخلف للهرب عبر الأبواب الخلفية، لكنهم «وجدوها مغلقة.. حاولوا فتح البوابات الحديدية الضخمة فانهارت عليهم.. وقتلوا تحتها سحقا»، وواصل إدريس «أطفئت الأضواء.. واستمر الضرب العشوائي، الكثيرون ألقوا بأنفسهم من فوق المدرجات فسقطوا قتلى وتهشمت رؤوسهم بالتأكيد». وأوضح إدريس أن «الضرب تواصل بشكل عنيف لنحو ساعة.. فقدت 5 من أعز أصدقائي»، وتابع قائلا «تدخلت اللجان الشعبية ببورسعيد لحمايتنا.. شباب من الإخوان والسلفيين».

وقال إدريس، الذي أصيب بجرح غائر استلزم 8 غرز في قدمه اليسرى، إن سيارات الإسعاف لم تكن بالعدد الكافي لنقل المصابين، وإن القائمين عليها أخبروهم أنهم لا يستطيعون توفير أكثر من سيارتين.

أما عبد الحميد زكي، 17 عاما، فيقول «ظلوا يضربوننا دون توقف، بعض المعتدين ألقوا بزملائي من فوق المدرجات»، وتحدث عبد الحميد، والذي داوى الأطباء إصابته بنحو 29 غرزة في الرأس والبطن، تركت أثرا مخيفا وبصوت مرتجف غلبت عليه الدموع قال لـ«الشرق الأوسط»: «صرخت مناشدا تقديم مساعدة لنا من قلب الملعب أثناء انتظار سيارات الترحيلات، لكن يبدو أنها أتت متأخرة للغاية».