مصور «الشرق الأوسط» : النية كانت مبيتة والأمن اكتفى بدور المتفرج

شاهد عيان على «موقعة بور سعيد» أكد أن لافتة «بلد البالة.. مفيهاش رجالة» استفزت جمهور «المصري»

TT

شاءت الصدفة أن يتحول مصور «الشرق الأوسط» الزميل عبد الله السويسي إلى شاهد عيان على المجزرة الكروية، التي شهدها استاد مدينة بورسعيد (شرق القاهرة) أول من أمس، عقب مباراة بين النادي الأهلي «القاهري» والنادي المصري «البورسعيدي»، والتي راح ضحيتها 73 مشجعا.

يقول السويسي: «عندما دخلت مدينة بورسعيد أول من أمس قبل المباراة تقابلت مع العديد من أصدقائي في بورسعيد، وجميعهم حذروني من المباراة، وأن الجماهير البورسعيدية متحفزة للأهلي للفتك به، والنزول إلى أرض الملعب في حالة هزيمة المصري.. أو في حالة فوز المصري. اللافت في تحذيرات الأصدقاء أنني لمست أن كل الجماهير في بورسعيد كانت أشبه بالذاهب إلى ساحة حرب، وليس مباراة كرة قدم».

وأكمل السويسي روايته قائلا: دخلت النادي المصري سيرا على الأقدام؛ وسط حشود من الجنود والضباط، وحشود أخرى من البلطجية، وهي التي أمسكت بزمام الأمن وليس الشرطة. وقبل أن تبدأ المباراة بدأت نذر الحرب تلوح، بالهتافات العدائية بين جماهير الأهلي والمصري، ولم تنقطع هذه الهتافات بينهما.

ومع بداية المباراة أحرز الأهلي هدفا، فرفع البعض (قيل إنهم مندسون) بين جماهير الأهلي لافتة مكتوبا عليها (بلد البالة ما فيهاش رجالة)؛ فهاجت جماهير المصري، ثم بدأ البعض منهم النزول لأرض الملعب، لكن تم إخراجهم. وفي الاستراحة بين الشوطين نزل أرض الملعب أكثر من 30 متفرجا من جماهير المصري، منهم من يسمك بيده عصيا، ومنهم من يمسك بيده شماريخ نارية، وطافوا حول الملعب، قبل إخراجهم من قبل اللجان الشعبية الموجودة أمام الأبواب بالمدرجات.

وتكرر نزول جماهير «المصري» إلى الملعب، وإخراجهم منه، أكثر من مرة.. لكن ما لفت نظري قبل نهاية المباراة بثلاث دقائق، أنه تم فتح أبواب المدرجات المؤدية إلى أرض الملعب على مصارعها، والتي بدت أشبه بفتح جميع السجون أيام ثورة 25 يناير. نزلت جماهير المصري من المدرجات، وكلما أمسكوا بلاعب من الأهلي أشبعوه ضربا، فهرب لاعبو الأهلي في اتجاه مخرج غرفة الملابس واندفعت خلفهم الجماهير محاولة اللحاق بهم، والأمن واقف لم يبرح مكانه وكأنه لم يحضر أصلا.

ثم صعدت جماهير بورسعيد مدرجات الأهلي، وقامت بضرب من وجدته من الجماهير وإلقائهم من أعلى المدرج (على ارتفاع أكثر من 30 مترا)، أو ضربهم بطلقات الألعاب النارية، والتي تشوه الوجه أو أي أجزاء تصل إليها من الجسم.. كما استخدمت السكاكين والقطع الحديدية.

لا أعرف في أي اتجاه كانت تقودني خطاي، لكنني وجدتني بجوار غرفة الملابس، دخل الجنود لحماية اللاعبين، وتم منع الدخول إلى الغرف، نظرت حولي فوجدت الأمن كما هو، ترك من يُضرَب يُضرَب ومن يُقتَل يُقتَل. واكتفى بالفرجة فقط وكأنه جاء لمشاهدة فيلم وليس حماية أرواح البشر.

وداخل الغرفة هالني كم المصابين من جماهير الأهلي، وعدد من اللاعبين، وكنا نسمع أصوات الصراخ في أرض الملعب والضرب لا يزال مستمرا من جماهير المصري، فلم أستطع إخراج الكاميرا لتصوير القتلى خوفا من التعرض للفتك.. وبعد ساعات عصيبة تسللنا إلى خارج الملعب، واستقللنا السيارة وعدنا إلى القاهرة ونحن في حالة ذهول.