إيران تتجه لفرض قوانين على المضاربين تصل للإعدام.. لمنع هبوط الريال

هبوط العملة حفز المواطنين على شراء العملات الأجنبية والذهب.. فيما تصاعدت الأسعار

TT

في مواجهة عملة قيمتها آخذة في الهبوط في أعقاب فرض عقوبات دولية صارمة على إيران، تتجه طهران نحو فرض قوانين حازمة على تجار العملة في السوق السوداء وتحذر من أن المضاربين الرئيسيين يحتمل أن يواجهوا عقوبة الإعدام.

ويأتي تشديد الإجراءات في الوقت الذي تكافح فيه السلطات الإيرانية من أجل تحقيق الاستقرار لعملة الريال، التي هبطت بشكل مفاجئ وسط تصريحات بفرض عقوبات جديدة من جانب الولايات المتحدة وأوروبا على البنك المركزي الإيراني وصادرات النفط الإيرانية.

وفي تحذير للمضاربين، ألقي القبض على الكثير من تجار العملة الذين يزاولون أعمالهم في شوارع وسط طهران من قبل ضباط شرطة متخفين تظاهروا بأنهم يبحثون عن عملات أجنبية. إضافة إلى ذلك، فقد هدد رئيس السلطة القضائية في إيران، آية الله صادق أمولي لاريجاني، يوم الأربعاء بالاتجاه لفرض عقوبة الإعدام على المضاربين الرئيسيين. ولدى حديثه عن الاضطراب في أسواق تداول العملات، حذر من أنه «بحسب ثقل جرائمهم، يمكن أن يواجه بعض من تثبت عليهم تهم الفساد الاقتصادي عقوبة الإعدام»، هذا ما نقلته عنه وكالة أنباء «مهر» شبه الرسمية في اجتماع له مع مسؤولين قضائيين حول أزمة العملة.

وقد أعلنت الحكومة أيضا عن أنه ستفتتح أفرع خاصة للبنوك الحكومية في المطارات الدولية بإيران، بحيث يتسنى للمسافرين المغادرين للبلاد شراء مبلغ يصل إلى 1000 دولار في صورة عملة أجنبية بعد مرورهم بإدارة الجمارك والجوازات، وأخذه معهم إلى الخارج.

لقد أخذت قيمة الريال الإيراني تقل بالفعل في مقابل الدولار واليورو خلال أشهر زادت فيها التهديدات باندلاع حرب وفرض مزيد من العقوبات على الدولة، بحسب محللين. ولكن بعد توقيع الرئيس باراك أوباما على إجراءات جديدة تستهدف البنك المركزي الإيراني يوم 31 ديسمبر (كانون الأول)، هبطت العملة إلى مستويات غير مسبوقة. ومنذ ذلك الحين، فقدت نحو نصف قيمتها في السوق السوداء.

ويقدر سعر السوق للدولار الآن بنحو 18.800 ريال، مقارنة بسعر صرف رسمي يبلغ نحو 11.500 ريال للدولار. وفي ديسمبر، بلغ سعر السوق نحو 12.500 ريال للدولار. وحتى بالسعر الرسمي، شهدت قيمة الريال هبوطا حادا منذ 1 ديسمبر، عندما كانت تكلفة شراء الدولار الواحد نحو 7.400 ريال.

وقد تسبب الحظر المفروض من الاتحاد الأوروبي على النفط الإيراني - الذي أعلن عنه يوم 23 يناير (كانون الثاني) والمقرر تفعيله خلال ستة أشهر - في زيادة مخاوف المستهلكين والموردين الإيرانيين.

وقد تضاعفت أسعار المنتجات بدءا من الحديد المستورد إلى أجهزة الـ«آي فون» والقمح، مع تغيير التجار الأسعار على مدار الساعة بما يتوافق مع هبوط قيمة الريال. وقد حفز الهبوط ربات البيوت ورجال الأعمال والمتقاعدين على شراء كم أكبر من العملات الأجنبية والذهب، إذ يتوقع قليلون أن يعود الوضع إلى طبيعته عما قريب. «لقد أمضيت اليوم بأكمله في محاولة شراء دولارات»، هذا ما قاله تاجر حديد هذا الأسبوع. وقال إنه للمرة الأولى في حياته تعين عليه الخروج إلى الشوارع وسؤال تجار العملة الذين يعملون بشكل غير قانوني عما إذا كان بحوزتهم «دولارات». «كيف نسافر ونطلب شحنات جديدة؟ ليست لدي أدنى فكرة»، هذا ما قاله التاجر، طالبا عدم الكشف عن هويته نظرا لقيامه ببيع حديد لشركات وثيقة الصلة بالحكومة.

«إنني بحاجة لدولارات ويوروات وأي عملات أجنبية أخرى»، قال رجل عرف نفسه على أنه «تاجر سجاد». وعلى غرار كثيرين آخرين، كان يحاول بيع ريالات حول شارع الفردوسي في طهران، الذي عرف بأنه مركز لتبادل العملة. وقال: «سوف يستمر الهبوط». وأضاف: «لا أرغب في أن تصبح كل مدخراتي عديمة القيمة». ولمحاولة رفع قيمة الريال، اتخذ البنك المركزي في إيران إجراءات صارمة. وقد تمثلت أهداف البنك الرئيسية في التخلص من هؤلاء الذين يلقي عليهم باللائمة في حدوث الأزمة، ممن وصفهم بـ«مضاربين يعملون بما يتوافق مع أهداف أعداء الأمة» ودفع المستثمرين الكبار والصغار إلى العودة للتعامل بالعملة الوطنية.

ولتحفيز الادخار، رفع البنك سعر الفائدة من 12 إلى 20 في المائة. وبناء على أوامر من الرئيس محمود أحمدي نجاد، تم تثبيت سعر الفائدة. غير أن الإجراء الرئيسي الذي اتخذه البنك المركزي الأسبوع الماضي كان هو الإعلان عن سعر صرف جديد منخفض جدا للدولار والوعد بأن تصبح العملة متاحة في السوق عما قريب. وفيما حددت النسبة بحيث تقل بأكثر من 50 في المائة عن سعر الشارع، لم يتم إمداد البنوك بدولارات. وقال تجار العملة الرسميون، الذين أجبروا على إعلان السعر الجديد، ولكن لا يقومون ببيع عملات الآن، إنهم سيتحملون الخسائر. «الإعلان عن سعر صرف جديد ليس كافيا»، هذا ما قاله محمد نهاونديان، رئيس غرفة التجارة الإيرانية، لوكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية يوم الأربعاء. وأضاف: «يجب اتخاذ خطوات من أجل حل الأزمة».

* خدمة «واشنطن بوست» إن إعادة النظام لأسواق العملة تشكل أهمية على وجه الخصوص للقطاع الخاص في إيران، الذي يجني أرباحه في صورة ريالات. ويمثل القطاع نسبة 20 في المائة فقط من اقتصاد الدولة، كما تضرر ضررا بالغا من العقوبات الغربية المفروضة على إيران. بالمقارنة، تحقق الحكومة، التي تتلقى العائدات النفطية بالدولار واليورو، أرباحا من انخفاض قيمة الريال، بحسب محللين.

«يكون دخلهم في صورة دولارات، ومن ثم، يساعدهم ارتفاع قيمة الدولار في شراء مزيد من الريالات لسداد المبالغ مستحقة الدفع»، هذا ما قاله اقتصادي بارز، طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام.