× «الأطلسي» يبحث سحب القوات من أفغانستان وواشنطن تعتبر 2013 «عاما حاسما»

باكستان تعد بدعم السلام الأفغاني تحت «قيادة أفغانية» وتسعى لإصلاح العلاقات مع كابل

بانيتا (وسط) يستمع إلى ملاحظات خلال جلسة لوزراء دفاع دول الأطلسي في بروكسل أمس (أ.ب)
TT

اجتمع وزراء دفاع الدول الـ28 الأعضاء في حلف شمال الأطلسي أمس في بروكسل للاتفاق حول استراتيجية لسحب قوات هذه الدول بشكل منظم من أفغانستان بعد انتشارها فيه منذ أكثر من عشر سنوات.

وصرح ليون بانيتا على متن الطائرة التي أقلته إلى بروكسل «دخلنا معا وسنخرج معا»، معتبرا أن من الضروري أن «تحترم» الدول الخمسين المشاركة في قوات الحلف في أفغانستان بالاستراتيجية التي تم إعدادها خلال قمة الحلف في لشبونة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، والتي تنص على أن تنتهي المرحلة الانتقالية التي يتم خلالها نقل المسؤولية الأمنية تدريجيا إلى القوات الأفغانية بحلول 2014.

وبدا وكأن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يخالف تلك الاستراتيجية عندما أعلن في 27 يناير (كانون الثاني) الماضي «عودة كامل القوات المقاتلة بحلول نهاية 2013» أي قبل عام على الموعد المقرر. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي قوله مسبقا إن وزير الدفاع جيرار لونغيه «سيسعى إلى توضيح» الموقف الفرنسي أمام نظرائه من دول الحلف وإلى «طمأنتهم حول أن فرنسا لا تعتزم التخلي عن حلفائها».

وباتت مهمة الحلف الأطلسي في أفغانستان أمام مفترق طرق، فيما تتواصل عملية انتقال المسؤولية الأمنية، وأصبحت تشمل مناطق تضم نصف السكان الأفغان. ويفترض أن يتم تطبيق المراحل الثلاث الجديدة التي تشمل المناطق الأخيرة التي ستنتقل فيها المسؤولية إلى القوات الأفغانية بحلول الأشهر الثلاثة الثانية من عام 2013.

واعتبر وزير الدفاع الأميركي أن «عام 2013 بات عاما حاسما خصوصا لأننا سنبدأ فيه المراحل الأخيرة من المرحلة الانتقالية في الأماكن الأكثر صعوبة. يمكننا أن نأمل أن ننتقل من مهام قتالية إلى التدريب والمساعدة».

وسيقتصر عندها العمل العسكري للحلف الأطلسي بشكل أساسي على دعم القوات الأفغانية التي تنفذ العمليات اليومية ضد متمردي حركة طالبان. وأوضح بانيتا أن «عام 2014 سيكون عام تعزيز الفترة الانتقالية»، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق باستراتيجية جديدة بل بتطبيق الاستراتيجية التي تم الاتفاق عليها في لشبونة. وتابع أن «أي قرار لم يتخذ» حول عديد القوات الأميركية التي ستظل منتشرة في أفغانستان في عام 2013. ويفترض أن تخفض هذه القوات من 90 ألفا حاليا إلى 68 ألفا بحلول نهاية الصيف.

وبطبيعة الحال، فإن تقليص مشاركة القوات الأميركية في المعارك سيعطي واشنطن فرصة لخفض عديد قواتها بعد عشر سنوات على الحرب في أفغانستان التي تتراجع شعبيتها باستمرار في الولايات المتحدة. وأشار بانيتا إلى أنه يتفهم موقف ساركوزي وأعرب عن «رضاه» على بقاء القوات الفرنسية المكلفة تدريب قوات أفغانية لمدة أطول. إلا أنه عبر عن الأمل في أن «نتمكن خلال هذا الاجتماع الوزاري من التباحث في قرارهم والتوصل إلى سبيل لإعادتهم إلى إطار استراتيجية لشبونة».

واعتبر مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية أنه لا يوجد ربما «فارق أساسي» بين موقف فرنسا وموقف الحلف الأطلسي. وقال هذا المسؤول: «أعتقد أن المفاوضات ستظهر ما إذا كان هناك اختلاف كبير»، موضحا أن الولايات المتحدة تأمل أن تعرف ما يتضمنه موقف ساركوزي «تحديدا». واجتمعت الدول العشر الرئيسية المشاركة في قوات الحلف في أفغانستان ومن بينها الولايات المتحدة وفرنسا صباح أمس قبل افتتاح الاجتماع الوزاري للحلف من أجل استعراض الوضع الحالي.

وفي موضوع ذي صلة، أعربت الحكومة الباكستانية أمس عن استعدادها لبذل كل الجهود التي يرغب الأفغان أن تبذلها لإنهاء الحرب المستمرة منذ عشر سنوات في أفغانستان، إلا أنها أكدت على أن العملية يجب أن يقودها الأفغان وليس الأميركيين أو أي قوة أجنبية أخرى. وبعد يوم من المحادثات مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي وصفت بأنها تهدف إلى إصلاح العلاقات الفاترة بين البلدين، سعت وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني خار إلى تفنيد المزاعم بأن إسلام آباد تشكل عائقا في وجه السلام في أفغانستان.

وقالت الوزيرة الباكستانية: «نحن مستعدون لأن نفعل أي شيء يرغب به أو يتوقعه الأفغان»، وذلك ردا على سؤال حول ما إذا كانت باكستان مستعدة لدفع شبكة حقاني باتجاه محادثات السلام، إلا أنها لم تسم أي جماعة بعينها أو تكشف عن مزيد من التفاصيل. وقالت إنه من المتوقع أن يزور كرزاي إسلام آباد في منتصف الشهر وأنها ستتوجه بصحبة رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني إلى قطر حيث فتحت حركة طالبان مكتب اتصال لها لإجراء محادثات مع الأميركيين. وقالت أيضا إن انحدار أفغانستان إلى الفوضى التي شهدتها في الماضي «ليس في مصلحة أحد»، إلا أنها أكدت أن باكستان لم تلعب «حتى الآن» أي دور مركزي في الاتصالات بين الأميركيين وطالبان.

ويرى محللون أن كابل وإسلام آباد شعرتا بتهميشهما في اتصالات قطر. إلا أن خار لم تعلق صراحة على ذلك، لكنها قالت إنه من الضروري أن يلعب الأفغان دورا مركزيا في أي عملية سلام. وتساءلت: «من الذي يستطيع أن يلعب هذا الدور المركزي؟ ليس باكستان أو الولايات المتحدة أو ألمانيا أو المملكة المتحدة أو السعوديين أو أي طرف آخر، بل الأفغان».

وحرصت الوزيرة على أن تؤكد على أن باكستان لن تكون اللاعب الرئيسي في عملية السلام الأفغانية. وقالت إن «أفغانستان هي التي تقرر، ونحن بوصفنا جارا ودودا، فإن واجبنا ومسؤوليتنا وإرادتنا أن نقف وراءكم بقوة. والشرط الوحيد لباكستان هو أن تكون العملية بقيادة أفغانية، ومسؤولية أفغانية، ودوافع أفغانية، وبدعم أفغاني».

واتهم تقرير للحلف الأطلسي سربته الصحف، الاستخبارات الباكستانية بدعم حركة طالبان أفغانستان سرا. إلا أن خار نفت ذلك وقالت إن تقارير وتسريبات الإعلام لا تعكس «حوار» باكستان مع حلف الأطلسي والولايات المتحدة. وأكدت أن «باكستان لا تريد أن ينظر إليها على أنها تعمل ضد الأهداف التي يريدها باقي العالم خاصة الغرب وحلف الأطلسي والقوة الدولية للمساعدة في إحلال الأمن في أفغانستان، والولايات المتحدة. وسيكون من مصلحتنا مساعدتهم بقدر ما نستطيع». كما أشارت إلى أن باكستان يمكن أن تنهي قريبا حظرا استمر أكثر من شهرين على دخول إمدادات حلف الأطلسي إلى قواته في أفغانستان.