جرحى سوريون ينزحون إلى لبنان لتلقي العلاج.. وبحثا عن الأمان

مفوضية اللاجئين تكشف عن مساعدتها 11 ألف نازح سوري قصدوا مكاتبها منذ أبريل الماضي

لاجئون سوريون ينتظرون تسلم المساعدات الإنسانية بإحدى المنظمات الحقوقية في منطقة وادي خالد الحدودية (أ.ف.ب)
TT

مع استمرار الحملة الأمنية التي يقوم بها النظام السوري ضد مدن وبلدات سورية عدة، يزداد تدفق النازحين السوريين إلى لبنان عبر النقاط الحدودية، حيث يصل مصابون وجرحى بشكل أسبوعي يتم إدخالهم من معابر غير شرعية في منطقة البقاع، لينقلوا بعدها إلى مستشفيات الشمال للمعالجة.

وفي حين أفيد أمس عن إدخال 10 جرحى سوريين إلى لبنان عن طريق مشاريع القاع الحدودية (أعيدت جثة أحدهم إلى سوريا لوفاته قبل عبوره إلى لبنان)، ذكر التقرير الأخير الصادر عن المفوضية السامية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR) أنه تمت معالجة 27 جريحا سوريا خلال الأسبوع الماضي في المستشفيات اللبنانية، سجلت وفاة جريحين منهم.

وفي تقرير سابق صادر عن مفوضية اللاجئين، ويرصد الفترة الممتدة بين 11 و17 من الشهر الجاري، فإن 17 جريحا سوريا تمت معالجتهم في مستشفيات لبنانية في الشمال. وتفيد تقارير المفوضية بأن «192 جريحا سوريا قد تلقوا العلاج في عدد من المستشفيات في لبنان منذ بداية تدفق النازحين، حيث تتولى الهيئة العليا للإغاثة تغطية النفقات المتصلة بعلاجهم، كما تتولى المفوضية مع شركائها متابعة علاجهم واحتياجاتهم».

وتعتبر مناطق الشمال ومدينة طرابلس الأكثر أمانا للاجئين السوريين، بسبب عوامل عدة منها المسافة الجغرافية القريبة والعلاقات التجارية القائمة بين ضفتي الحدود وعلاقات القربى والزيجات المتبادلة، عدا عن أهمية العامل النفسي، باعتبار أن مناطق عكار وطرابلس ذات غالبية سنية متعاطفة بمعظمها مع المعارضة السورية.

«تم تهريبي إلى لبنان، لأنهم إذا عثروا عليك مصابا في سوريا، فسيقطعونك ويعيدونك إلى أسرتك»، هكذا يقول رجل سوري يعاني من شلل جزئي نتيجة إصابته بالرصاص في حي بابا عمرو في حمص قبل مجيئه إلى لبنان لتلقي العلاج. «في عيون السلطات، إذا أصبت فذلك مماثل لحملك السلاح ضد الدولة»، يضيف الرجل الأربعيني.

ومع استمرار القصف الذي تتعرض مدينة حمص له، يرتفع عدد السوريين الذين يتوجهون إلى لبنان تدريجيا بحثا عن ملجأ آمن، في رحلة وإن بدت قصيرة جغرافيا، إلا أنها في الواقع رحلة محفوفة بالمخاطر. وإذا كان النازحون السوريون لم يجدوا أمامهم سوى خيار اجتياز الحدود عبر معابر غير شرعية إلى لبنان في فترات سابقة، إلا أن اجتياز هذه المعابر بات أكثر خطورة مع اشتداد حدة المواجهات في سوريا ولجوء الجانب السوري إلى زرع الألغام على الحدود مع لبنان وزيادة تعزيزاتها العسكرية، الأمر الذي يدفع الراغبين بالدخول إلى لبنان اجتياز الحدود البقاعية عند بلدتي عرسال والقاع، نظرا لطبيعتها الجبلية الوعرة وصعوبة ضبطها من الجانبين اللبناني والسوري.

وفي هذا السياق، ينقل تقرير «مفوضية شؤون اللاجئين» عن سكان في شمال لبنان قولهم إن «تواجد الجيش السوري بشكل كثيف في المناطق الحدودية، فضلا عن وجود ألغام أرضية مزروعة على الجانب السوري من الحدود، يحولان دون فرار المزيد من الأشخاص إلى لبنان».

وفيما يقدر ناشطون سوريون في لبنان وجود أكثر من 17 ألف نازح موزعين بين مناطق عكار (تحديدا وادي خالد) وطرابلس، أفادت مفوضية «شؤون اللاجئين»، في تقريرها الأخير يوم الجمعة الماضي، عن تسجيلها والهيئة العليا للإغاثة، المكلفة من الحكومة اللبنانية مواكبة أوضاع النازحين في شمال لبنان، وجود 6916 شخصا سوريا، مما يعكس زيادة بنحو 311 شخصا تم تسجيلهم حديثا منذ الأسبوع الماضي، وذلك بشكل رئيسي في مناطق وادي خالد وأكروم والبيرة وحلبا وعكار العتيقة.

ووفق مفوضية اللاجئين، فإن «هناك أيضا تجمعات لنازحين سوريين كانوا قد فروا من قراهم جراء الاضطرابات، وهم يقيمون في مناطق أخرى في لبنان. تشير التقديرات الأخيرة للمفوضية وشركائها إلى وجود نحو 3 إلى 4.5 ألف شخص بحاجة إلى المساعدة في شرق لبنان وجنوب العاصمة بيروت».

ومنذ أبريل (نيسان) 2011، قامت المفوضية والهيئة العليا للإغاثة بتسجيل ومساعدة أكثر من 11 ألف شخص. ويعيش معظم النازحين المسجلين في الشمال لدى عائلات لبنانية مضيفة، في ظل ظروف معيشية صعبة. وتعمل المنظمات الفاعلة ميدانيا لتمكين الأسر المضيفة ومساعدتها لتحسين الأوضاع الاقتصادية بعد أن فاقم تدفق النازحين السوريين من سوء الأوضاع الاقتصادية في عكار تحديدا، وهي تعد من المناطق الفقيرة في لبنان.

ووفق ناشطين سوريين في شمال لبنان، فإن وصول النازحين السوريين إلى لبنان لا يعني أنهم أصبحوا في «أمان مطلق». ويشعر البعض بأن «الخطر لا يزال يلاحقهم مع قدرة قوات الأمن السورية على اجتياز الحدود في الوقت الذي تتحالف فيه دمشق مع عدد من القوى السورية في لبنان، وتحديدا الشمال، عدا عن اعتبارهم أن مواقف الحكومة اللبنانية قريبة جدا من النظام السوري».