مفوضة الأمم المتحدة: على نظام الأسد أن يعرف أن قراراته لن تمر دون عقاب

مبعوث سوريا يقاطع اجتماع مجلس حقوق الإنسان وواشنطن تقول إن الخطوة تظهر «بعده عن الواقع»

فيصل خباز الحموي مندوب سوريا لدى المفوضة العليا لحقوق الإنسان في جنيف يغادر قاعة الجمعية بعد ان القى بيانه خلال جلسة طارئة خصصت لمناقشة الأزمة السورية أمس (إ.ب.أ)
TT

طالبت مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي أمس بـ«وقف إنساني فوري لإطلاق النار» في سوريا من أجل وضع حد لأعمال العنف والسماح للأمم المتحدة بمساعدة السكان. وجددت مطالبتها بإحالة النظام السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية «في وقت تشهد فيه البلاد اختراقات غير معقولة في كل لحظة»، مضيفة: «أكثر من أي وقت مضى، هؤلاء الذين يقومون بالمجازر عليهم المعرفة بأن المجتمع الدولي لن يقف ويشاهد هذا القتل.. وأن القرارات التي يتخذونها اليوم لن تمر من دون عقاب».

وجاء ذلك في خطابها أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي عقد جلسة طارئة لمناقشة الأزمة السورية، حيث أوضحت أنه «لا يزال من الصعب أن نحدد بدقة عدد الضحايا إلا أن الحكومة أعطتنا بتاريخ 15 فبراير (شباط) أرقامها التي أشارت إلى مقتل 2493 مدنيا و1345 جنديا ومسؤولا في الشرطة بين 15 مارس (آذار) 2011 و18 يناير (كانون الثاني) 2012». ولكنها أردفت قائلة إنه وبحسب المعلومات المتوفرة لدى الأمم المتحدة فإن «العدد الفعلي للضحايا يمكن أن يتجاوز هذه الأرقام بشكل كبير».

وشاركت 70 دولة في الاجتماع الطارئ لبحث الأوضاع في سوريا، بينما قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية لين باسكو إن «أكثر من 7500 شخص قتلوا في سوريا»، بينما هناك مؤشرات بأن 100 مدني يقتلون يوميا.

وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن عمليات القمع التي يمارسها نظام بشار الأسد أوقعت أكثر من 7600 قتيل في غضون 11 شهرا.

وكانت بيلاي نددت في 13 فبراير الجاري بالوضع في سوريا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ولفتت أمس إلى أنه «منذ ذلك الحين تلقى مكتبي تقارير تثير القلق حول تدهور سريع لحقوق الإنسان والوضع الإنساني» في سوريا. وقالت «تشير تقارير حديثة إلى أن الجيش السوري وقوات الأمن تنفذ حملات اعتقال تعسفية بحق آلاف المتظاهرين وناشطين وأشخاص يشتبه في تورطهم بنشاطات معادية للنظام».

وناقش مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس «الأزمة الإنسانية» في سوريا من خلال دراسة مشروع قرار تقدمت به قطر وتركيا والسعودية والكويت ويدعو النظام السوري إلى السماح بمرور الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية «بحرية» خصوصا في حمص.

ومن المتوقع أن يصوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على مشروع قرار يدين النظام السوري غدا في قرار جديد، في أعقاب مناقشة طارئة بشأن الاضطرابات العنيفة في سوريا بدأت أمس وتستمر اليوم. وكانت ثلاثة قرارات سابقة للمجلس المكون من 47 دولة قد قوبلت بمعارضة من روسيا والصين والإكوادور وكوبا.

وتجدر الإشارة إلى أن الدول العربية وتركيا هي التي صاغت مشروع القرار الذي يطالب أيضا الرئيس السوري بشار الأسد بوقف هجماته ضد المدنيين والسماح للمنظمات الإنسانية بالعمل. وشارك وزير الخارجية الأردن ناصر جودة في الاجتماع، مشددا على موقف الأردن الرافض لاستخدام العنف ضد المدنيين والداعي إلى الوقف الفوري للعنف وإنهاء جميع المظاهر المسلحة وتنفيذ الإصلاحات المنشودة دونما إبطاء بما يحقن دماء أبناء الشعب السوري ويحول دون أي تدخل عسكري خارجي ويصون وحدة التراب السوري وسيادة واستقلال البلاد السياسي. وقال السفير التركي لدى المجلس أوغوز ديميرالب إن «العنف يتصاعد والصور التي نراها على شاشات التلفزيون تظهر لنا التحول التدريجي لهذا البلد الجميل إلى مسلخ»، مقارنا هذه الصور بـ«فيلم رعب».

وكان فيصل الحموي ممثل سوريا قد انسحب في وقت سابق من جلسة مجلس حقوق الإنسان قائلا إنه إذا كان الغرض من الجلسة هو تقديم المساعدات الإنسانية فإن مجلس حقوق الإنسان ليس هو المكان المناسب. وقال نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف إن نقاشا في مجلس حقوق الإنسان في جنيف لن يسهم في التوصل إلى حل سلمي للأزمة.

إلا أن الولايات المتحدة شددت أمس على أهمية اجتماع المجلس وقراره، معتبرة أن انسحاب الحموي من لقاء المجلس ومقاطعته له يظهر «بعد النظام السوري عن الواقع».

وقالت المندوبة الأميركية للمجلس ايلين تشيمبرلاين دوناهيو إن «أي شخص يستمع إلى السفير السوري عليه أن يعي أن تصريحاته بعيدة عن الواقع.. وهي تعكس إلى درجة ما ما يدور وسط نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد نفسه».

يأتي ذلك بينما قالت مصادر إخبارية في رئاسة الأمم المتحدة في نيويورك إن دولا غربية وعربية تخطط لإعادة موضوع سوريا إلى مجلس الأمن، وإنهم هذه المرة سيركزون على تقديم مساعدات إنسانية، ويأملون أن توافق على ذلك روسيا والصين، اللتان كانتا اعترضتا على قرار سابق حول سوريا.. مشيرين إلى أن مجلس الأمن ربما سيناقش أيضا رسالة نافي بيلاي، المندوبة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في مؤتمر صحافي في جنيف عن تقديم الرئيس السوري بشار الأسد وكبار مستشاريه إلى المحكمة الجنائية الدولية. وكان مسؤولون أميركيون أشاروا إلى احتمال وجود «ثغرة قانونية دولية» في التركيز على الجمعية العامة، خاصة حول موضوع إرسال الأسد ومستشاريه إلى محكمة الجنايات الدولية.

من جهة أخرى، كشف برنار فاليرو، الناطق باسم الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحافي أمس، عن مشاورات بشأن مشروع قرار جديد ينحصر في تناول الأوضاع الإنسانية كان مقررا لها أن تبدأ أمس في نيويورك. وبحسب فاليرو، فإن النص المطروح للتداول يطلب وقفا لأعمال العنف و«وصولا فوريا ومن غير عوائق» للمساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة.. وفي غضون ذلك، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 7 وزراء بالحكومة السورية أمس لدورهم في الحملة الدموية على المعارضين في خطوة جديدة تستهدف الضغط على الرئيس بشار الأسد ليتنحى.

ونشر الاتحاد القائمة في جريدته الرسمية، والتي شملت فرض حظر على السفر وتجميد أصول لشخصيات من بينها وزير الصحة وائل الحلقي لدوره في حرمان المحتجين من الرعاية الطبية. وكذلك وزير الاتصالات عماد الصابوني، المتهم بتقييد وصول وسائل الإعلام إلى مواقع الأحداث، ووضع وزير النقل فيصل عباس على القائمة لتوفيره دعما يتعلق بالنقل والإمداد لعمليات القمع، إضافة إلى وزير التربية صالح الراشد، نظرا لسماحه باستخدام المدارس كسجون مؤقتة. وأدرج وزير النفط السوري سفيان علاو ووزير الصناعة عدنان سلاخو بالقائمة لاتباعهما سياسات توفر التمويل للحكومة، ومن المدرجين على القائمة أيضا مستشار الرئيس السوري منصور فضل الله عزام.

كما جمدت العقوبات التي أقرها وزراء خارجية الاتحاد أصول البنك المركزي السوري، وحظرت تجارة الذهب والمعادن النفيسة والماس مع المؤسسات الحكومية السورية.. وأوضحت مصادر المجلس الوزاري الأوروبي أن العقوبات أصبحت سارية المفعول بمجرد نشرها بالتفصيل في الجريدة الرسمية للاتحاد.

إلى ذلك، نفى مايكل مان، المتحدث باسم الممثلة العليا للاتحاد كاثرين أشتون، وجود توجه أوروبي جماعي حاليا لطرد السفراء السوريين المعتمدين لدى دوله، مشيرا إلى أن التعامل مع البعثات الدبلوماسية يعود إلى كل دولة على حدة، وشدد على أن المفوضية الأوروبية أبقت على رئيس وأعضاء بعثتها في دمشق.