ناشط سوري يروي لـ «الشرق الأوسط» قصة اعتقاله في مقر «أمن الدولة» بدمشق

قال إن سجون الأسد تحولت إلى «قبور من نار يعذب فيها الثوار»

الناشط السوري طارق الشرابي
TT

روى ناشط سوري لـ«الشرق الأوسط» قصة اعتقاله في سجون دمشق، قائلا إن مقار جهاز «أمن الدولة» في نظام الرئيس بشار الأسد أصبحت مثل «قبور من نار يعذب فيها الثوار».

ويتذكر الناشط طارق الشرابي، بعد فراره أخيرا إلى مصر، الأهوال التي مر بها منذ دخوله مبنى مقر أمن الدولة بالعاصمة دمشق المكون من ثمانية طوابق، وعلى أسواره الخارجية وبواباته الحديدية الضخمة حراسة مشددة بالرشاشات. كل طابق فيه ممر خافت الإضاءة على جانبيه ما يقرب من أربعين بابا حديديا، تتعالى من خلفها أصوات صراخ، وتسمع أصوات مولدات كهرباء خلف إحدى البوابات الحديدية الموصدة.

و«في داخل المبنى، تتردد أصوات هتافات عالية مؤيدة للأسد. ومن أحد الأبواب يظهر شخص مجرد من ملابسه كما ولدته أمه وقد تم تعليقه من قدميه والدماء تسيل من جسده. وإلى جواره شخص آخر يتعرض للصعق بالكهرباء». هذه هي بعض المشاهد التي شاهدها الشرابي خلال حبسه بمقر أمن الدولة عقب مشاركته في مظاهره انطلقت من مسجد الدقاق.

ويروي الشرابي، وهو من أبناء مدينة دمشق ويبلغ من العمر 26 عاما، ما رآه وسمعه خلف قضبان أمن دولة في العاصمة. ويقول في مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط»: «اعتقلت عقب مشاركتي في مظاهرة خرجت من مسجد الدقاق بدمشق ضمت 5 آلاف شخص. توجهنا بالمظاهرة إلى ساحة الحرية، وقمنا برفع علم الاستقلال، وكتبنا على جدران الشوارع عبارات تطالب برحيل بشار الأسد، ولكن بعدها بدقائق فوجئنا بمئات من قوات الأمن السوري مسلحة تسليحا كاملا، أطلقوا على أجسادنا رصاص سلاح رشاش، وبعد اختبائي في أحد المنازل بساعة ونصف ساعة وهروبي إلى مسجد الحسن، تم اعتقالي». ويضيف الشرابي أنه تم اقتياده مع آخرين إلى مقر مبنى أمن الدولة بدمشق: «كنا مائتي شخص في غرفة واسعة لا توجد فيها تهوية وجدرانها محفورة ومخيفة مثل القبور». ويقول الشرابي متذكرا وقد بدت على وجهه ملامح الحزن: «بعد مرور ساعتين من الضرب والسب اقتادونا إلى مكتب للتحقيق، ووقت خروجي من الزنزانة في طريقي إلى التحقيقات كان أمامي ممر طوله أكثر من 20 مترا وعلى جانبيه من اليمين واليسار أبواب حديدية عددها نحو 40 بابا حديديا في الطابق، ونسمع صوت المعذبين وصوت أناس يصعقون بالكهرباء». وتابع: «كانت أجسادنا تنتفض عند سماع الأصوات.. وبينما كنت أمر من أمام زنزانة لمحت رجلا عاريا تماما كما ولدته أمه معلقا من قدميه والدماء تسيل من جسده، وقد اختلط لحمه بجلده من كثرة الجروح، ويستمرون في ضربه وتعذيبه باستخدام العصي والكرابيج». ويتابع الشرابي قائلا: «أثناء سيرنا إلى غرفة التحقيقات بالطابق الثالث، سمعنا أصواتا مرتفعة من خلف إحدى البوابات تهتف لبشار الأسد، لزيادة تخويفنا مما نحن مقبلون عليه، وحينما صعدنا للطابق الثالث، كان يراودني شعور بأننا سنقتل مما نراه ونسمعه».

ومضى الشرابي قائلا: «كانوا لا يغطون أعيننا.. يريدون إخافتنا حتى نقول كل شيء، ثم دخل علينا رجل يرتدي زيا مدنيا أخبرنا بأنه نقيب.. أخبرنا بوجودنا في أمن الدولة، وقال إن التهم الموجهة إلينا هي وجودنا في منطقة المظاهرات، وإنه تم القبض علينا وقت تنظيمنا للمسيرة، وبالطبع أنكرنا كل هذا الكلام، وقلت للضابط إنني كنت أصلي في مسجد الدقاق وذاهب لبيت جدي، فنظر إلى الضابط، وأمر بوضعي في غرفة بمفردي قرابة الساعة».

وأوضح الشرابي أنه تم الإفراج عنه بعد وصلة من التعذيب، وذلك بعد أن أجبر على توقيع إقرار بعدم مشاركته مرة أخرى في المظاهرات، مشيرا إلى أن أمن الدولة «لو كان لديه معلومات مؤكدة عني لكنت حبيس سجون أمن الدولة حتى الآن». وأضاف أنه تم الإفراج عن 4 أشخاص فقط من بين المائتين الذين تم القبض عليهم معه، مضيفا أن «مقر أمن دولة بشار يشبه قبورا من نار يعذب فيها الثوار».

وعن رحلة فراره إلى القاهرة، قال الشرابي: «بعد مشاركتي في عدة مظاهرات بدمشق، أخبرني أحد الناشطين أن اسمي مدرج على القائمة الأمنية، بعد أن وصلته هذه المعلومة من مصادر أمنية تابعة تؤيد الثورة في السر، فطلب مني النشطاء الهروب خارج سوريا وأن أتابع الوضع من الخارج.. لهذا هربت أهلي أولا حتى لا تنتهك أعراضهم، وهربت في أثرهم عبر الأردن إلى مصر».