الانقسامات داخل الثورة اليمنية تطفو على السطح بعد مغادرة صالح

سمحت للأحزاب السياسية بالتأثير على توجه الثورة

TT

يعاني النشطاء الشباب، الذين كانوا طليعة الثورة اليمنية التي أنهت حكم علي عبد الله صالح الذي دام 33 عاما، من الانقسامات الداخلية، حيث تضعف الرؤى السياسية المتصارعة، واحدة من أكثر الثورات حيوية خلال العام الماضي.

لقد تشرذم المحتجون في ساحة التغيير، التي كانت قلب الثورة ومحورها، إلى مجموعات ذات توجهات سياسية مختلفة مع إصرار كل فريق على السيطرة على المخيمات التي توجد بالقرب من جامعة صنعاء. وبدأ زخم المظاهرات يتبدد مع سيطرة أحزاب المعارضة ونشوب الخلافات والصدامات من أجل التحكم في الميكروفونات والمنصة.

ويتهم قادة النشطاء المستقلين أحزاب المعارضة باستغلالهم لموافقتها على عقد اتفاق مع النظام العام الماضي وتقاسمها السلطة مع حزب صالح الحاكم حاليا. ورغم تنحي صالح عن منصبه رسميا، يبدو متمسكا بنفوذه من خلال أقاربه وحلفائه الذين لا يزالون يتمتعون بالسلطة.

ويقول النشطاء إنهم لن يغادروا ساحة التغيير حتى يرحل كل أتباع وأعوان نظام صالح، مؤكدين على ضغطهم باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة لإجراء إصلاحات واسعة النطاق. مع ذلك لا يخلو حديثهم من مرارة وإحباط، حيث يقول خالد العنيسي، محام وأحد قيادات الثورة: «لقد تلقت هذه الثورة طعنة من الخلف».

ويناضل النشطاء الشباب في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل العثور على دور في مجتمعاتهم بعد سقوط الأنظمة الاستبدادية، حيث لا يزالون يدفعون باتجاه تحقيق حلمهم بمستقبل أفضل. إنهم إزاء حركات معارضة منظمة أو جماعات مسلحة ازداد نفوذها.

ويقول الكثير من المتظاهرين الشباب في اليمن إنه تم تهميشهم وإقصاؤهم وإسكات أصواتهم، في الوقت الذي أصبح للجيل الأكبر سنا من قادة المعارضة، الذين تلوثت مصداقيتهم بعلاقتهم السابقة بنظام صالح، اليد العليا في بناء اليمن الجديد.

مع ذلك ربما تستعيد الثورة زخمها مرة أخرى، خاصة إذا أخفقت الحكومة الجديدة في الوفاء بوعودها أو إذا تدخل صالح في شؤون الدولة. ويعترف القادة الشباب الآن بأنهم ساهموا في حدوث ذلك، حيث لم يتمكنوا من توحيد صفوفهم مما سمح للأحزاب السياسية بالتأثير على توجه الثورة.

ويقول معزر الجنيد، خريج جامعة صنعاء البالغ من العمر 32 عاما، وهو يجلس داخل خيمة كبيرة في ساحة التغيير بالقرب من صور لتشي جيفارا: «إنهم يدفعون الثورة إلى اتجاه مختلف، فكل فريق يحاول أن يجذب الشباب لتحقيق أهدافه الخاصة، وأدى هذا إلى حدوث انقسامات والشعور بالخوف على مستقبل البلاد».

من الوحدة إلى الانقسام: منذ عام كانت ساحة التغيير مثالا للوحدة، حيث أينعت براعم المظاهرات، التي بدأت بمجموعة صغيرة من النشطاء الشباب كان من بينهم توكل كرمان التي حازت على جائزة نوبل العام الماضي، لتثمر عن ثورة. وأرسلت الأحزاب السياسية مؤيديها إلى ساحة التغيير مما زاد زخم المظاهرات والضغط على علي عبد الله صالح.

وخلال الصيف الماضي، كانت ساحة التغيير مشهدا بارزا، حيث ضرب أفراد القبائل المتصارعة والخصوم السياسيين خيامهم جنبا إلى جنب وكانوا متوحدين على هدف واحد هو رحيل علي عبد الله صالح.

وكان أكثر النشطاء الشباب على اختلاف انتماءاتهم السياسية يتبنون الآراء نفسها، فقد عارضوا اتفاقا خاصا بنقل السلطة مقترحا من قبل دول جوار اليمن والذي كان يحظى بدعم أميركي، لأنه كان يمنح صالح وعائلته حصانة من المحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين. وكذلك عارضوا السماح لصالح بتسليم السلطة إلى نائبه الذي اختاره بنفسه، عبد ربه منصور هادي، الذي شغل منصب وزير الدفاع في الماضي.

* خدمة «نيويورك تايمز»