الشرطة البريطانية تتهم صحيفة «ذي صن» رسميا بالترويج لثقافة الفساد

مالكتها «نيوز إنترناشيونال» تدفع مزيدا من التعويضات.. وأكثر من مليون دولار للمغنية الأوبرالية شارلوت تشيرتش

شارلوت تشيرتش خارج المحكمة العليا بعد التوصل إلى تسوية مع مؤسسة مردوخ (أ.ف.ب)
TT

بعد إصدار ثلاثة ملايين نسخة من صحيفة «ذي صن أون صنداي»، العدد الأسبوعي من صحيفة «ذي صن» الشعبية، الذي يحاول روبرت مردوخ من خلالها استعادة وضعه في السوق الإعلامية، اتهمت الشرطة البريطانية الصحيفة رسميا بإفساد المؤسسات الحكومية من خلال دفع أموال طائلة لرسميين بريطانيين مقابل معلومات. الاتهامات أعلنتها الشرطة أمام لجنة ليفيسون التي تعقد جلساتها منذ عدة أشهر لتحقق في أخلاقيات الصحافة.

ومع بدء جلسات لجنة اللورد ليفيسون بداية هذا الأسبوع، اتهم محققو الشرطة الصحيفة رسميا بمزاولة «ثقافة المدفوعات غير القانونية» لمسؤولين عموميين مقابل الحصول على معلومات.

ووجهت الاتهام سو اكيرس، وهي ضابطة بارزة في الشرطة البريطانية (اسكوتلانديارد) منوطة بالتحقيق حول الفساد. وكانت الشرطة قد قامت قبل أسبوعين بمداهمة عدد من صحافيي «ذي صن» في الصباح الباكر، الأمر الذي أثار حفيظة رؤساء تحرير الصحيفة واتهامهم للشرطة بأنها استخدمت أساليب غير لائقة وقاسية لا داعي لها في عملية الاعتقال. وردت مصادر من داخل جهاز تحقيقات الشرطة في تصريحات لوكالة «رويترز» بأن ما حدث لم يكن مجرد اعتقالات (كما حدث من اعتقالات سابقة) تخص تزويد العاملين في الصحيفة من قبل رجال الشرطة ومسؤولين في دوائر حكومية أخرى ببعض المصادر أو دفع بعض المصاريف مقابل هذه المعلومات. وأضافت الشرطة أن المداهمات الأخيرة تخص التحقيق في شبهات باقتراف جنح قانونية خطيرة وتعتبر إجرامية من الناحية القانونية. وقال المصدر الذي طلب من الوكالة عدم الإفصاح عن هويته إن القضية تتمحور حول «دفع مبالغ مالية تصل إلى عشرات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية في السنة لعدد من السنين لمسؤولين حكوميين، بعضهم عملوا كموظفين يتلقون الأجور على خدماتهم، وهذه قدرت بمئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية».

جاءت الاتهامات الرسمية هذا الأسبوع بعد مرور يوم على قيام روبرت مردوخ، مالك صحيفة «ذي صن»، بإصدار نسخة جديدة أسبوعية للصحيفة أملا في طي صفحة فضيحة التنصت على الهواتف التي أرغمته على إغلاق صحيفة «ذا نيوز أوف ذا وورلد» في شهر يوليو (تموز) الماضي.

وقالت اكيرس التي تقود فريقا كلف بفحص ملايين من الرسائل الإلكترونية بحثا عن دليل في ما يتعلق بمزاعم الفساد، إن النتائج تشير إلى أنه تم تقديم أموال لمسؤولين «في كل قطاعات الحياة العامة».

وأضافت أنه في حالة واحدة تم دفع 80 ألف جنيه إسترليني (126 ألف دولار) لأحد المصادر. وأوضحت أن «صحافيا قيد الاحتجاز تلقى أكثر من 150 ألف جنيه نقدا على مدى عدة سنوات ليدفع لمصادره».

وقامت الشرطة، التي تحقق في «مدفوعات غير مشروعة لرجال شرطة وموظفين في الإدارة» من قبل صحافيين مقابل الحصول على معلومات، بتفتيش منازل المعتقلين ومكاتبهم استنادا إلى معلومات قدمتها لجنة داخلية شكلتها مجموعة «نيوز كوربوريشن»، التي يرأسها قطب الإعلام الأسترالي الأصل روبرت مردوخ. المؤسسة التي تملك أيضا «ذي تايمز» الرصينة، وكذلك «صنداي تايمز»، العدد الأسبوعي من الصحيفة، قدمت هذه المعلومات لجهاز الشرطة لتبين أنها جادة في تعاملها مع التحقيقات الجارية، وتريد من ذلك أيضا استعادة مصداقيتها في العمل الإعلامي.

وجرى حتى الآن القبض على عشرة صحافيين من «صن» وعدد من ضباط الشرطة ومسؤول بوزارة الدفاع وجندي في إطار التحقيقات، وقد جرى الإفراج عنهم جميعا بكفالة.

كما توصلت مؤسسة «نيوز إنترناشيونال»، الذراع البريطانية لمؤسسة «نيوز كوربوريشن»، المدرجة على بورصة نيويورك، إلى الوصول إلى تسويات مع الكثير من المشاهير ممن تم التنصت على تليفوناتهم من قبل المحققين الخاصين لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي توقفت عن الصدور بعد 168 عاما على خلفية فضيحة التنصت في يوليو الماضي.

وتم هذا الأسبوع تسوية القضية في المحكمة العليا مع المغنية الأوبرالية شارلوت تشيرتش، التي حصلت مع والديها على 600 ألف جنيه إسترليني (ما يقارب مليون دولار) إضافة إلى 300 ألف جنيه تكاليف قضائية.

وقالت المغنية خارج المحكمة إن ما قامت به الصحيفة ضدها وضد عائلتها يصل إلى مستويات غير معهودة في المخالفات والتعدي على خصوصية الآخرين. وخلال المحكمة تبين أن الصحيفة كتبت 32 مقالا من النميمة حول المغنية، 26 عاما، وعائلتها مبنية على معلومات حصلت عليها من خلال عمليات التنصت أو زودت بها بطرق «غير أخلاقية».

وقالت تشيرتش إنه خلال جلسات المحكمة «تبين أنه لم يكن هناك أي حدود لأعمالهم غير الأخلاقية، وكلها كانت من أجل جلب مزيد من المال لهذه المؤسسات العملاقة على حسابي وحساب عائلتي».

هذه التسوية المالية الأخيرة قد رفعت عدد القضايا التي رفعها المشاهير ضد الصحيفة وتمت تسويتها إلى الـ16 من هذا الشهر، بما في ذلك تسع قضايا من أصل عشر كان من المفروض البت فيها من قبل المحكمة العليا الشهر الماضي. وكان قد تمت تسوية 37 قضية الشهر الماضي ضد الصحيفة.

وتمت تسوية قضية الممثل جود لو الشهر الماضي الذي حصل على تعويض قدره 130 ألف جنيه إسترليني (200 ألف دولار) للتنصت على هاتفه بين عامي 2003 و2006.

ومن بين الذين تمت تسوية قضاياهم في الصفقة كان أليستر كامبل، المدير الإعلامي لمكتب رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير، وسايمون هيوز رئيس حزب الديمقراطيين الأحرار (حزب الائتلاف في حكومة ديفيد كاميرون)، إضافة إلى الكوميدي والكاتب ستيف كوغان، وبول غاسكوين عضو منتخب كرة القدم الإنجليزي السابق.

وحصلت زوجته السابقة الممثلة سادي فروست على 50 ألف جنيه إسترليني، كما تلقى لاعب كرة القدم أشلي كول والمغنية وعارضة الأزياء داني مينوج والسياسيان المنتميان إلى حزب العمال جون بريسكوت وكريس بريانت على تعويضات مالية لم يتم الإفصاح عنها. ومن بين 19 شخصا تمت تسوية نزاعهم مع الصحيفة جيمس هويتـ وهو ضابط بسلاح الفرسان وعاشق سابق للأميرة الراحلة ديانا.

وحسب سجلات الشرطة فهناك أكثر من خمسة آلاف شخص تم اختراق تليفوناتهم من قبل المحققين الخاصين للصحيفة. وكان يعتقد أن من تم التنصت عليهم لا يتعدون مجرد حفنة من المشاهير، وتم على أثر تحقيقات الشرطة الأولية في عام 2007 الحكم بالسجن على اثنين من العاملين في الصحيفة بعد أن ثبت تنصتهم على تليفونات أبناء العائلة المالكة.

وبدأت القضية بعد أن تبين أن بعض العاملين في الصحيفة الأسبوعية التي أغلقت أبوابها بعد 168 عاما من النشر استهدفوا في تنصتهم الطفلة ميلي داولر التي اختطفت عام 2002 وقتلت في ما بعد، وتبين أن جوالها قد تم اختراقه. واعترفت مؤسسة مردوخ بذلك وتم تعويض العائلة بثلاثة ملايين جنيه إسترليني (4.5 مليون دولار).