المستوطنون يهاجمون نتنياهو ليساعدوه أمام أوباما

قبل لقاء الزعيمين في البيت الأبيض

مستوطنون يقذفون بالحجارة فلسطينيين من قرية فراطة قرب قلقيلية شمال غربي الضفة أمس (أ.ف.ب)
TT

افتعل قادة المستوطنين أزمة مع الحكومة الإسرائيلية وراحوا يهاجمون رئيسها بنيامين نتنياهو، بدعوى أنه يريد إخلاء بؤرة استيطانية. ولكن هذه «الأزمة» لم تنطل على أحد، وبدا واضحا أنها تستهدف مساعدة نتنياهو في لقائه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الاثنين المقبل، وإظهاره بمظهر «هدام المستوطنات»، حتى لا يتعرض للنقد الأميركي بسبب مشاريع الاستيطان الكبيرة التي تنفذها حكومته في القدس الشرقية وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وانفجرت هذه الأزمة على خلفية الاتفاق التوسعي الذي كانت قد توصلت إليه الحكومة بواسطة وزير الدولة بنيامين بيغن مع قيادة المستوطنين، على إخلاء البؤرة الاستيطانية «ميغرون»، التي بنيت على أراض فلسطينية خاصة في منطقة رام الله ومن دون تراخيص حكومية. وينص الاتفاق على أن يخلي المستوطنون هذه البؤرة وينتقلوا إلى أرض فلسطينية أخرى على بعد 2000 متر.

ويأتي هذا الاتفاق بناء على قرار من محكمة العدل العليا في القدس، التي أمرت بهدم هذه البؤرة كونها غير قانونية من وجهة النظر الإسرائيلية. وطلب المستوطنون أن تبقي الحكومة على المباني الثابتة لمدة سنتين بدعوى أنهم سيثبتون أنهم اشتروا هذه الأراضي من أصحابها الفلسطينيين. ولكن الحكومة رفضت، لأنه لا يتلاءم مع قرار المحكمة.

واعتبر هذا الاتفاق مهادنا للمستوطنين وتشجيعا للبؤر الاستيطانية العشوائية التي بلغ عددها حتى الآن أكثر من 105 ويدل بناؤها على استهتار بالقانون. ومع ذلك، فقد تجندت قوى اليمين خصوصا من حزب الليكود الحاكم، للضغط على الحكومة من أجل التجاوب مع طلب المستوطنين. وبدأوا يستعدون لسن قانون جديد يكون قاعدة لجعل البؤر الاستيطانية كلها «قانونية» (هي اليوم غير قانونية حتى في نظر القانون الإسرائيلي، علما بأن كل الاستيطان غير قانوني، وفقا للشرائع الدولية).

ولكن المستوطنين، الذين كانوا قد أقاموا احتفالا بهذا الاتفاق، قرروا أمس أن لا يوقعوا على هذه التسوية، بدعوى أن الاتفاق ينص على إبقاء البيوت الثابتة وعدم هدمها. وقد نفى الوزير بيني بيغن هذا الادعاء باستغراب. وتابعوا عن طريق مؤيديهم في اليمين المتطرف الإجراءات لسن قانون جديد يقضي بمنع أصحاب الأرض الفلسطينيين من المطالبة بها واسترجاعها بعد أربع سنوات من وضع اليد عليها من قبل المستوطنين وذلك لمنع تكرار مثال «مجرون».

وقد صرحت النائبة زهافا غلاون من حزب «ميريتس» اليساري المعارض، في اجتماع خاص جرى في الكنيست، أمس، أن الحكومة تشجع اللصوص. وتساءلت: «هل تسمح الحكومة لنفسها أن تدير مفاوضات وتتوصل إلى اتفاقات مع لص يسطو على بنك؟ فهؤلاء المستوطنون هم مجموعة من اللصوص الذين نهبوا الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمحكمة أمرت بأن يعيدوا ما سرقوه، ولكن الحكومة تسايرهم وتخشاهم وتبرم اتفاقا معهم للالتفاف على قرار محكمة العدل العليا».

وقال تسالي ريشف، عضو قيادة حركة «سلام الآن»، إنه لا يصدق المستوطنين ولا الحكومة ويعتقد أن ما يظهراه للناس على أنه خلاف، ليس إلا «اتفاقا لذر الرماد في العيون هدفه خداعنا». وأضاف ريشف أنه واثق من أن الخلاف المفتعل جاء ليصد الانتقادات الأميركية التي يتوقع نتنياهو سماعها في الأسبوع المقبل، لدى وصوله إلى الولايات المتحدة ولقائه مع الرئيس باراك أوباما.

يذكر أن حكومة نتنياهو ماضية في تنفيذ مشاريع استيطان ضخمة في طول الضفة الغربية وعرضها، ويبرز فيها بشكل خاص توسيع الاستيطان في القدس الشرقية المحتلة. وكشف النقاب أول من أمس عن مشروع جديد أعدته وزارة المواصلات الإسرائيلية، ستقام بموجبه شركة «قطارات إسرائيل» عبارة عن شبكة سكك حديدية من 11 ذراعا. وجاء أن الخطة أعدت بناء على تعليمات وزير المواصلات يسرائيل كاتس، الذي سبق أن أعلن عدة مرات، منذ توليه منصبه أنه يريد بنية تحتية متينة لضمان أرض إسرائيل الكاملة وذلك بواسطة إقامة شبكة شوارع وسكك حديدية ستكون وفقا للمخطط الجديد بطول 475 كيلومترا، علما بأن طول سكك الحديد كلها في إسرائيل لا يزيد على 1100 كيلومتر. وهي لم تنسق في ذلك مع الفلسطينيين، مع أن سكك الحديد كلها على أراضيهم. ويتضمن المخطط المقترح عدة محاور؛ أولها «محور ظهر الجبل» حيث تمتد السكك الحديدية بين جنين ونابلس ورام الله والقدس ومستوطنة «معاليه أدوميم» شرق القدس وبيت لحم والخليل. أما المحور الثاني، فهو «محور سكة حديد الأغوار» وهو محور طولي شرقي يسير بمحاذاة الحدود مع الأردن، ويفترض أن يربط بين إيلات والبحر والميت وأريحا وبيسان، ومن هناك باتجاه حيفا وسوريا.