ليبيا: الثوار يتحدون قبضة «الانتقالي» وضغوط للكشف عن كيفية هروب مساعدي القذافي

عبد الجليل ينفي مسؤوليته عن فرار «صالح» لفرنسا.. ومعلومات عن ظهور السنوسي على حدود النيجر

TT

بينما يواجه المجلس الانتقالي الذي يتولى السلطة في ليبيا، انتقادات حادة من الثوار الرافضين للاستجابة لمطالبه المتكررة لهم بالانضمام إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة المؤقتة، خرج المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي، للمرة الأولى عن صمته حيال نجاح بشير صالح، مدير مكتب العقيد الراحل معمر القذافي، في الهرب للخارج، وسط معلومات عن ظهور مفاجئ لعبد الله السنوسي، صهر القذافي، ورئيس جهاز المخابرات الليبية السابق، في جنوب ليبيا.

وتحدى عبد الله ناكر، رئيس مجلس ثوار العاصمة الليبية طرابلس، المجلس الانتقالي وحكومته، وقال إنه لن يستجيب لطلبهما بشأن حل الميليشيات، مشيرا إلى أن الحوافز المعروضة ليست سخية بدرجة كافية، مطالبا بمنازل وسيارات وقروض من دون فوائد لرجاله حتى يمكنهم «تحقيق أحلامنا».

وقال ناكر في مقابلة مع قناة محلية إن مقاتليه لن ينضموا إلى المبادرة الحكومية حتى يعلموا بوضوح ما هي المزايا التي سيحصلون عليها، معتبرا أن الناس تحتاج إلى رواتب عليا، واستقرار اقتصادي، وتأمين طبي ومنازل وسيارات، وأن الرجال العزاب يريدون الزواج.

وتمثل تصريحات ناكر تهديدا حقيقيا لبرنامج طموح أعلنت عنه الحكومة المؤقتة برئاسة الدكتور عبد الرحيم الكيب لاستيعاب نحو خمسين ألف مقاتل من الثوار في وزارتي الدفاع أو الداخلية، كما أنها تعتبر بمثابة رفض لإعلان رئيس المجلس الانتقالي تخييره للثوار مؤخرا بالعودة إلى الحياة المدنية أو الانضمام إلى قوات الشرطة والجيش.

وشكل ناكر، الذي يقول إن لديه 20 ألف رجل تحت قيادته، قبل يومين حزبا جديدا للمنافسة في أول انتخابات تشهدها ليبيا قبل منتصف العام الحالي، لكن ناكر في المقابل يواجه تحديا من عبد الحكيم بلحاج، وهو مقاتل إسلامي سابق، وقائد ميليشيا منافسة في طرابلس.

وعندما سئل عن مخاطر التدخل الأجنبي، قال ناكر لوكالة «رويترز» إنه لن يسمح بفساد سياسي، وإنه يقبل المنافسة الشريفة، وأن يفوز الفريق الأفضل، لكنه لن يتسامح إزاء «المنافسة غير الشريفة التي تدعمها أموال أجنبية والتزوير».

إلى ذلك، نفى المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي، أمس، في بيان له مسؤوليته بشأن تهريب بشير صالح، مدير مكتب معلومات القذافي، ورئيس المحفظة الاستثمارية الليبية في الخارج. وأكد عبد الجليل أنه لم يصدر أية تعليمات في هذا الخصوص، وأنه على استعداد لوضع نفسه أمام أية جهة تحقيق لما يكون قد صدر عنه من تصرفات شخصية قبل الثورة أو بعدها.

ولفت البيان إلى أن المجلس الانتقالي تدارس في اجتماعه أول من أمس مسألة خروج أو إطلاق سراح بعض عناصر النظام السابق، وقرر إحالة هذا الموضوع إلى عبد العزيز الحصادي النائب العام للتحقيق.

وفى محاولة لتفادي الانتقادات التي يتعرض لها بسبب عدم الشروع في محاكمات كبار مسؤولي نظام القذافي المعتقلين، أوصى المجلس النائب العام بسرعة إعداد مذكرات جلب بحق كل العناصر الفارة من ليبيا والمطلوبة قضائيا، والبدء بمحاكمة عناصر النظام الموقوفة في المعتقلات داخل البلاد.

وكان إبراهيم المدني، آمر كتيبة اللواء محمد المدني، قد اتهم عبد الجليل بالسماح بإطلاق سراح صالح بعد قيامه بتسليم نفسه للثوار في بداية تحريرهم للعاصمة الليبية طرابلس في شهر أغسطس (آب) الماضي وبقائه مدة في معتقله قبل أن يخرج إلى فرنسا. وروى المدني في مؤتمر صحافي أن عبد الجليل تسلم من صالح خلال لقاء حصل بينهما مذكرة عن محفظة أفريقيا وبعض الأموال الليبية الموجودة في الخارج، مشيرا إلى أن صالح أبلغ عبد الجليل أنه سيسافر، قبل أن يرد عليه عبد الجليل قائلا «لا أريد منك شيئا، ولو احتجنا لك سنتصل بك».

وقال مسؤولون ليبيون لـ«الشرق الأوسط» إن لديهم قناعة بأن صالح هرب من ليبيا بمساعدات رسمية قدمتها حكومة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، التي سبق أن أعلنت مؤخرا ترحيبها باستقبال مسؤولي نظام القذافي الراغبين في الحصول على اللجوء السياسي أو الإقامة بفرنسا.

وبحسب مصادر ليبية، فإن صالح يقيم بباريس وشوهد مؤخرا يتجول بحرية في بعض شوارعها، حيث تعرف عليه مواطنون ليبيون هناك، وبعضهم قام بمصافحته للتأكد من هويته.

ويأتي الجدل حول مصير صالح، في وقت كشفت فيه مصادر ليبية النقاب عن عملية تهريب مماثلة قام بها عبد الله السنوسي صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية السابق، على الرغم من تأكيدات عبد الله ناكر، رئيس مجلس ثوار طرابلس، أنه يعتقل السنوسي في مكان آمن، لكنه رفض الإفصاح عنه.

وقال مسؤول على صلة عائلية بالسنوسي إنه يعتقد أنه نجح في دفع رشى لمعتقليه من أجل أن يسمحوا له بالهرب وتفادي تسليمه للمجلس الانتقالي، مشيرا إلى أن السنوسي يمتلك معلومات مهمة عن أموال نظام القذافي المهربة من الخارج.

وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه «هو بمثابة الصندوق الأسود الكبير للنظام السابق، ولديه أموال وعلاقات واسعة بحكم منصبه السابق وقربه من القذافي، ليس من السهل أن يقع في قبضة الثوار».

وتحدثت مصادر من الثوار عن شكوكها في وجود السنوسي في منطقة جنوب ليبيا، مشيرة إلى أنه ربما يكون مسؤولا عن تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية في مدينة الكفرة القريبة من الحدود مع السودان. ولفت هؤلاء إلى أن السنوسي يتحرك وفقا لمعلومات استخباراتية في المنطقة الحدودية المتاخمة للنيجر والسودان. لكن رئيس مجلس ثوار طرابلس أبلغ مساء الأحد الماضي، قناة محلية ليبية، أن مسؤولين أميركيين اتصلوا به بشأن السنوسي، الذي أكد مجددا أنه يعتقله وموجود في قبضته. وأوضح أن السنوسي سيظهر للعلن بعد انتهاء التحقيقات معه في الوقت الذي يحدده هو فقط.

بيد أن مسؤولين في المجلس الانتقالي أكدوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يوجد دليل جازم حتى الآن على أن السنوسي في قبضة الثوار وأنه معتقل.