السعودية ترصد السلاحف المهددة بالانقراض

تسجيل 3 آلاف سلحفاة أثناء تعشيشها في الجزر واستخدام الأقمار الصناعية لمراقبتها في البيئة البحرية

TT

ساهم عدد من الضغوط البيئية والبشرية في تناقص أعداد السلاحف مما يجعلها على قائمة الكائنات المهددة بالانقراض في العالم، وأقرت السعودية مشروعاً سينفذ قريباً لمراقبة السلاحف البحرية باستخدام تقنية المراقبة بالاستشعار عن بعد بالأقمار الصناعية لرصد طريق هجرتها وأماكن وضعها للبيض، كما تم تسجيل اكثر من 3 آلاف سلحفاة في المملكة أثناء تعشيشها في جزر الخليج العربي.

وتمثل السلاحف البحرية جزءاً ثرياً ومميزاً في التنوع البيولوجي في العالم، وتعد من اقدم مجموعات السلاحف. ويعرف منها في العالم سبعة أنواع هي: السلاحف الخضراء وصقرية المنقار وضخمة الرأس والزيتونية وجلدية الظهر ومسطحة الظهر والكيمبية. وتوجد الأنواع الخمسة الأولى منها بالمياه الإقليمية في السعودية ويرتاد النوعان الأولان شواطئ التعشيش الرملية السعودية على البحر الأحمر والخليج العربي.

* أنواع السلاحف

* وتعتبر السلحفاة جلدية الظهر التي يزيد وزنها عن 200 كيلو جرام من أكبر السلاحف البحرية حجماً، بينما السلاحف صقرية المنقار التي يتراوح وزنها بين 30 و40 كيلوجراماً أصغرها حجماً، ويبلغ متوسط أعمار السلاحف 100 عام و تقدر مرحلة بلوغ السلاحف فترة النضوج بين 30 الى40 سنة. وترتاد إناث السلاحف البحرية شواطئ التعشيش الرملية خلال أشهر الصيف في فترة الليل لتضع بيضها في حفرة ثم تردمها من جديد. ويمكن للأنثى الواحدة أن تضع أكثر من 100 بيضة إذا لم يتم إزعاجها. وبعد 60 يوماً يفقس البيض وتتحرك السلاحف الصغيرة دفعة واحدة وبسرعة باتجاه البحر كي لا تفترسها الحيوانات والطيور اللاحمة. وتتنفس السلاحف الهواء الجوي وتبقى في الماء دون حاجتها للتنفس لفترة تصل إلى ساعة. وتتغذى السلاحف البحرية على الحشائش والطحالب وقناديل البحر وعلى أنواع من المرجان الطري.

ويبين الدكتور أحمد المنسي أخصائي العلوم البحرية بالهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية بأن أعداد السلاحف البحرية يتناقص عاماً بعد عام نتيجة لبعض الأنشطة السلبية والتنموية مثل تكثيف استخدام شواطئ التعشيش في الأغراض السياحية وتطوير تقنيات صيد الأسماك بجانب ما يصيب هذه الكائنات من أضرار فادحة جراء حوادث التلوث النفطي، سواء عليها بصورة مباشرة أو على البيئات التي تعتمد عليها بصورة غير مباشرة. ويضاف الى ذلك صيدها بهدف أكل لحومها واستخدام درقاتها الظهرية في أغراض الزينة أو التفاخر والتباهي أمام الآخرين بصيد مثل هذا الكائن الكبير الحجم وكذا استخدام بعض أجزائها ومنتجاتها في معتقدات شعبية لا أساس علمي لها بجانب قيام بعض ساكني السواحل بجمع بيضها بكميات كبيرة.

ويضيف الدكتور المنسي أنه نتيجة لهذه الضغوط البيئية والبشرية تناقصت أعداد السلاحف على مر السنين لدرجة أنها أصبحت على قائمة الكائنات المهددة بالإنقراض على المستوى العالمي حيث أدرجت كل الأنواع «ما عدا مسطحة الظهر الأسترالية» في القائمة الحمراء للـIUCN للاتحاد العالمي لصون الطبيعة باعتبارها فصائل مهددة بالخطر وقد رصدت جميعها في الملحق رقم1 لاتفاقية تنظيم التجارة العالمية في الفصائل المهددة بالانقراض وكذلك تم وضع سائر الأنواع «ما عدا مسطحة الظهر» في الملحقين الأول والثاني لاتفاقية حماية فصائل الحيوانات البرية المتنقلة «اتفاقية بون» مما دفع الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بالسعودية إلى أن تولي جلّ إهتمامها لهذه الكائنات، واخذت الهيئة بتنفيذ برنامج منظم لدراستها وحمايتها في بيئاتها الطبيعية حيث تم تعليمها عن طريق تثبيت علامة باللغة العربية في زعنفتها اليمنى الأمامية وعلامة باللغة الانجليزية ثبتت على زعنفتها اليسرى، كذلك درست الصفات الظاهرية والقياسيات المورفولوجية للسلاحف والبيض ونسبة فقسه. وتعتبر جزر فرسان وجزيرتي جبل حسان والوقادي ومنطقة رأس بريدي شمال مدينة ينبع في البحر الأحمر والجزر المرجانية وخاصة جزيرتي كاران وجانا بالخليج العربي من أهم مناطق تعشيش السلاحف البحرية.

* دراسة بحرية

* وخلال فترة الدراسة التي بدأت في البحر الأحمر عام 1989م وفي الخليج العربي عام 1990م وحتى الوقت الراهن يشير الدكتور المنسي الى أن الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها قامت بتعليم 251 سلحفاة خضراء بمنطقة رأس بريدي على ساحل البحر الأحمر، بينما تم تعليم 2695 سلحفاة خضراء و468 سلحفاة صقرية المنقار أثناء تعشيشها في جزر الخليج العربي. وأظهرت القياسات أن السلاحف الخضراء التي تعشش في الخليج العربي أصغر من تلك التي تعيش في رأس بريدي وأن معدل التكاثر يشابه ما قد سجل سابقاً للسلاحف البحرية في مناطق أخرى من العالم. ويقل معدل وضع البيض للسلاحف الخضراء في الخليج العربي والذي يبلغ 88.5 بيضة للسلحفاة عن معدل وضع البيض لرأس بريدي والذي يبلغ 103 بيضات للسلحفاة، إلا أن نسبة فقس البيض كانت متشابهة وتساوي 80 في المائة، ولقد كان معدل وضع البيض للسلاحف صقرية المنقار يبلغ 75.2 بيضة للسلحفاة. وقد تم اثناء ذلك دراسة الصفات الظاهرية للسلاحف البحرية ومقارنتها بمثيلاتها الموجودة في مناطق التعشيش الأخرى بالعالم، وكذا دراسة سلوكيات التعشيش والعوامل البيئية المؤثرة عليها ودراسة العوامل الفيزيائية والمناخية لتحديد مدى تأثيرها على نسب نجاح الفقس. كما عمدت الهيئة إلى استخدام تقنية البصمة الوراثية الخاصة بالحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين DNA للسلاحف البحرية الخضراء وصقرية المنقار وذلك بغرض معرفة عناصر الشبه بين مجموعة القطعان المنتشرة بالسعودية وأيضاً القطعان المتوفرة في أرجاء العالم. وهناك مشروع سينفذ في المستقبل القريب لمراقبة السلاحف البحرية عن طريق استخدام تقنية المراقبة بالاستشعار عن بعد بالأقمار الصناعية لمعرفة طريق هجرتها وأماكن وضعها للبيض.

وأوضح الدكتور عبد العزيز أبو زنادة، الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بأن هناك تعاونا مستمراً على المستوى الإقليمي بالخليج العربي عن طريق تبادل المعلومات وإقامة الندوات العلمية مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بجانب التعاون والتنسيق مع المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية للخليج العربي ROPME لحماية هذه الكائنات المهددة بالإنقراض. وهناك تعاون آخر على نفس المستوى مع الدول المطلة على البيئات البحرية للبحر الأحمر وخليج عدن PERSGA.

ونظراً لأن السلاحف البحرية من الأنواع كثيرة الترحال بين دول المنطقة وبصفة الهيئة عضواً في مجموعة السلاحف البحرية والتي تقع تحت مظلة الاتحاد الدولي لصون الطبيعة IUCN فقد شاركت الهيئة في عمل استراتيجية إقليمية للمحافظة على السلاحف البحرية في منطقة غرب المحيط الهندي. كما أن التعاون على المستوى الدولي للمحافظة على السلاحف البحرية والأنواع الفطرية الأخرى يظهر من خلال انضمام السعودية إلى معاهدة حماية الأنواع المهاجرة من الحيوانات المتنقلة» (معاهدة بون) CMS والتي تمثلها الهيئة في هذه المعاهدة، كما يتم من خلال انضمام السعودية إلى اتفاقية الإتجار بالكائنات المهددة بالانقراض CITES وتمثلها الهيئة في هذه الاتفاقية، ويتم تطبيقها على المستوى الإقليمي والدولي من قبل الهيئة.

=