ساسة ومحللون إيرانيون متشائمون إزاء المباحثات النووية مع الغرب

سفير إيران السابق لدى سوريا: لن نتراجع بأي شكل > دبلوماسي أوروبي: ربما تحدث معجزات

أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي في مؤتمر صحافي في بكين مؤكداً أن إيران تمثل الخطر الأكبر على السلام العالمي (أب)
TT

يبدي بعض الساسة والمحللين الإيرانيين البارزين تشاؤمهم من مصير المحادثات النووية المقبلة مع الولايات المتحدة وبعض القوى الدولية الأخرى، مؤكدين أن إيران لن توافق على إجراء أي تخفيضات كبيرة في برنامجها النووي.

يقول المسؤولون والمحللون، والكثير منهم مقربون من القيادة الإيرانية المتشددة: إنه من غير المرجح أن توافق إيران حتى على وقف مؤقت لإنتاجها من اليورانيوم المخصب، وهو مطلب رئيسي أصرت عليه الدول الغربية في المفاوضات السابقة مع الجمهورية الإسلامية.

وأشار البعض إلى أن العقوبات الاقتصادية والتهديدات العسكرية الأخيرة قد زادت من تصميم القادة الإيرانيين على المضي قدما في تخصيب اليورانيوم، على الرغم من الخسائر الفادحة التي لحقت بالعملة الإيرانية وصناعة النفط.

يقول حسين شيخ الإسلام، سفير إيران السابق لدى سوريا الذي كان يوما قائد الحركة الطلابية التي قامت بأسر 52 موظفا في السفارة الأميركية في طهران عام 1979: «لن نتراجع بأي حال عن حقوقنا. لقد فرضوا عقوبات غير قانونية علينا، ويريدونا الآن أن نتراجع، هذا مستحيل».

ليس من الواضح ما إن كانت تلك التقييمات - التي اعتمدت على مقابلات مع عدد كبير من الساسة والدبلوماسيين والمحللين الحاليين والسابقين - تعكس وجهة النظر الرسمية للقيادة الإيرانية التي تستعد للاجتماع مع مفاوضين من الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. وقد وافقت البلدان الستة في الشهر الماضي على طلب إيران استئناف المحادثات النووية بعد فترة سكون استمرت 14 شهرا.

كذلك، قلل مسؤولون غربيون من أهمية تلك التوقعات حول نتائج المحادثات النووية، التي لم يتم تحديد موعد لها بعدُ، على الرغم من أن البعض قد أشار إلى أن حالة التشاؤم الحالية في طهران قد تكون مجرد حيلة تفاوضية. وقد بعث مسؤولون إيرانيون بخطاب إلى الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء مؤكدين رغبة حكومتهم في التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة ومطالبين بتحديد موعد ومكان لإجراء تلك المفاوضات.

وصف دبلوماسيون أميركيون وأوروبيون تلك المحادثات بأنها خطوة أولى متواضعة غالبا ما ستُظهر مدى صدق النوايا الإيرانية في هذا الشأن.

وقال دبلوماسي أوروبي، أصر على عدم الكشف عن اسمه في مناقشة موقف بلده من المحادثات الراهنة: «ربما تحدث معجزات، لكن يتوجب علينا في الأساس أن نرى ما إن كانت هناك رغبة من قبل إيران لعقد محادثات جدية حول برنامجها النووي أم لا».

ومنذ الموافقة على بدء تلك المحادثات، تبنى القادة الإيرانيون اتجاها علنيا متشددا بخصوص موضوع تخصيب اليورانيوم؛ ففي خطاب تلفزيوني الشهر الماضي، أعلن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، أن امتلاك أسلحة نووية كان «خطيئة»، لكنه تعهد أيضا بألا يتم إجبار إيران على التنازل عن حقها القانوني في امتلاك برنامج طاقة نووية سلمي. وقال خامنئي: «إن الضغط والعقوبات والاغتيالات لن تؤتي بأي ثمار. لا يمكن لأي عقبات إيقاف نشاط إيران النووي».

ويزيد هذا الخطاب من صعوبة الموقف الذي تتعرض له إدارة الرئيس الأميركي أوباما؛ حيث دعمت إدارة أوباما، في الماضي، التسويات التي تهدف إلى إنهاء قدرة إيران على تحويل اليورانيوم إلى وقود أسلحة، في الوقت الذي تسمح فيه لإيران بحفظ ماء الوجه بادعاء أنها تحتفظ بحق تخصيب اليورانيوم لأسباب سلمية. وعلى سبيل المثال، دعت تسوية أخرى في 2009 إيران لتسليم كامل مخزونها، تقريبا، من اليورانيوم قليل التخصيب مقابل حصولها على قضبان وقود نووي لمفاعل الأبحاث الطبية القديم بها.

لم يحدد البيت الأبيض بعدُ موقفه من المحادثات المقبلة مع إيران. يقول دينيس روس، الذي كان حتى العام الماضي أحد كبار مستشاري الإدارة الأميركية حول إيران: يجب أن تشمل أي تسوية طويلة الأمد مع إيران وقف تخصيب اليورانيوم. ودافع روس أيضا عن احتمالية تسبب إجراءات «بناء الثقة» على المستوى القصير في تجميد التقدم الإيراني تجاه امتلاك قدرة على تصنيع أسلحة نووية.

يقول روس: إن أحد تلك الإجراءات قد يتمثل في عقد اتفاق مع إيران للوقف الفوري لإنتاج أشكال أنقى من اليورانيوم المخصب التي يمكن تحويلها بسرعة إلى أسلحة. وأكد مفتشو الأمم المتحدة، الشهر الماضي، أن إيران قد زادت في الفترة الأخيرة إنتاجها من اليورانيوم المخصب المقدر بنسبة 20% بمقدار 3 أضعاف، وهو شكل أكثر نقاء من أشكال الوقود النووي مقارنة باليورانيوم المخصب بنسبة 3.5% الذي يستخدم بوجه عام في مفاعلات الطاقة النووية.

ويقول روس: «أحد الأمور التي قد ترغب في القيام بها هو إيقاف الزمن. إن الحصول على اتفاق شامل هو الأمر الأفضل، لكن إن لم يكن باستطاعتك الحصول على اتفاق كامل فربما تستطيع، على الأقل، الحصول على شيء ما لبناء الثقة وإيقاف الزمن».

وحتى تلك التدابير المؤقتة قد تشكل خطرا على البيت الأبيض الذي يحاول تأخير الهجوم العسكري الذي هددت إسرائيل بشنه على المواقع النووية في إيران، في الوقت الذي تتزايد فيه انتقادات المرشحين الجمهوريين للرئاسة لإدارة أوباما بالتساهل مع إيران.

لقد سعى الرئيس باراك أوباما إلى توظيف مزيج من السبل الدبلوماسية والضغوط الاقتصادية والسياسية لدفع إيران إلى قبول حدود متفق عليها من خلال التفاوض لبرنامجها النووي. لقد ذكر أوباما أنه لن يسمح مطلقا لإيران بأن تصبح قوة نووية، وأنه قد ترك احتمال شن هجمة عسكرية قائما، في حال ما إذا باءت الأساليب الأخرى بالفشل.

ويوم الخميس الماضي، اتخذ مسؤولون أوروبيون خطوة جديدة من أجل عزل إيران اقتصاديا، بإعلانهم أنه يجري إقصاء البنوك الإيرانية من شبكة الاتصالات المالية الدولية بين البنوك، المعروفة باسم «سويفت». وأكد نظام السداد الإلكتروني الذي يتخذ من بلجيكا مقرا له في بيان أصدره أن المؤسسات الإيرانية سيتم إقصاؤها من النظام بدءا من يوم السبت.

وتضيف تلك الخطوة إلى الضغط الناتج عن فرض مجموعات متعددة من العقوبات وحظر نفط من قبل الاتحاد الأوروبي من المقرر أن يبدأ في يوليو (تموز). وقد أقر ساسة إيرانيون بتأثير الإجراءات؛ إذ زادت القيود المفروضة على الشركات الإيرانية بشأن ما يمكنها شراؤه وبيعه في السوق الدولية. غير أنه في مواجهة انهيار قيمة العملة الإيرانية والمخاوف المتزايدة من اندلاع حرب، سعى كبار قادة إيران إلى حشد الأمة.

«يجب ألا نستسلم، بل علينا أن نقاوم العقوبات والضغط من قبل الأعداء بشأن البرنامج النووي»، جاء هذا على لسان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أثناء اجتماع مع وزير دفاع زيمبابوي، إميرسون منانغاغوا، أثناء زيارته إيران. وأضاف: «لن نتغلب على تلك الضغوط فحسب، بل سنحولها إلى فرص جديدة نحو مزيد من التطوير والتقدم».

* خدمة «واشنطن بوست» – خاص بـ«الشرق الأوسط»

* أسهم جوبي واريك في إعداد التقرير من واشنطن