الأمير العبدلي: هناك غموض في التحضير لمؤتمر «الحوار الوطني» اليمني

قال لـ «الشرق الأوسط» : إن من حق أبناء السلاطين ممارسة السياسة.. و«الاشتراكي» لم يسقط كحزب

الأمير محسن بن فضل العبدلي
TT

رغم التسوية السياسية القائمة في اليمن بين السلطة والمعارضة وشباب الثورة ورحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن السلطة، والإجراءات الجارية لإعادة هيكلة الجيش والأمن في ضوء المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، فإن الأوضاع في اليمن ما زالت تثير مخاوف الكثير من القوى السياسية سواء في داخل أو خارج البلاد. وإضافة إلى اللاعبين الرئيسيين في الساحة اليمنية، هناك لاعبون سياسيون غير مباشرين أو بمعنى أصح معنيون بما يجري في اليمن بحكم ارتباطهم بالأوضاع السياسية اليمنية في الشمال والجنوب منذ عدة عقود، ومن هؤلاء الأمير محسن بن فضل العبدلي، نجل آخر سلاطين السلطنة العبدلية التي قامت في محافظة لحج بجنوب اليمن.

وفي هذا الحوار الصحافي الذي أجري مع العبدلي في جدة بالمملكة العربية السعودية، تطرح «الشرق الأوسط» جملة من القضايا الراهنة على الأمير اليمني وتناقش هواجس الداخل بشأن الدور الذي يسعى السلاطين إلى لعبه في اليمن وغيرها من القضايا، فإلى نص الحوار:

*كيف تنظر كنجل آخر سلاطين السلطنة العبدلية بمحافظة لحج في جنوب اليمن، إلى التطورات الراهنة في اليمن؟

- بحذر وترقب.

*هل ترون في انتقال السلطة بالشكل الذي تمت عليه أنه سوف ينقل البلاد إلى بر الأمان، وما حظوظ الرئيس هادي في تجاوز المرحلة الانتقالية؟

- أقول هنا بجدية، إن انتقال السلطة بطريقة سلمية يعد مسألة إيجابية وصحية بشكل عام، أما بالنسبة لانتقال البلاد لبر الأمان وحظوظ الرئيس هادي فلا شك في أن التحديات والعقبات كبيرة والتراكمات كثيرة، لذلك فإنه يتوجب وجود حظ عجيب لتخطي هذه الصعوبات، ولكن في حقيقة الأمر فإن الحظ في هذه المسألة يعد من الكماليات، فواقعيا ما سيحدد نسبة النجاح في هذا الأمر مرتبط بإرادة القيادة من تلبية وتنفيذ متطلبات ورغبة الشعب، فإن استطعت أن تقول لي كم هي نسبة الإرادة لدى القيادة، فإنني أستطيع حينها أن أقول لك كم هي نسبة النجاح.

*هل ما زالت لدى أبناء وأحفاد سلاطين الجنوب الرغبة في استعادة الحكم، أم أنهم يسعون للانخراط في الحياة السياسية بشكل آخر؟

- أؤكد لك أن أي قدرات لدي فإنها متواضعة وليس منها ما يمكّنني من معرفة ما في صدور ونوايا الآخرين، ولكنني أستبعد رغبة استعادة الحكم، لأن الأمر ليس رغبات وليس أيضا كل أبناء السلاطين لديهم ميول سياسية، أما الذين لديهم ميول سياسية وكفاءة في هذا المجال، فلا أرى أي مانع من انخراطهم في الحياة السياسية فهم جزء من نسيج الوطن، ويتطلب عدم الاستغناء أو إقصاء أي جزء من هذا النسيج لأن قوة الوطن في نسيجه المتكامل الذي يشد بعضه البعض ويسعى لرفعة ونماء الوطن وأبنائه.

*في السنوات الماضية والتالية لقيام الوحدة اليمنية، وقف أبناء السلاطين إلى جانب نظام الرئيس علي عبد الله صالح (السابق) وساهموا في هزيمة الحزب الاشتراكي (شريك الحكم)، لكن يبدو أن الوضع تغير.. ما الذي حدث؟

- أولا، أعتقد أن هذا التعميم في السؤال غير منصف وغير دقيق، ربما بعض من أبناء السلاطين من وقف مع نظام الرئيس علي عبد الله صالح (السابق) ضد الحزب الاشتراكي في السنوات التالية لقيام الوحدة كما وقف غيرهم من أبناء الجنوب مع ذلك النظام في تلك الفترة، وهناك أيضا من أبناء السلاطين من وقف مع إخوانهم أبناء الجنوب والحزب الاشتراكي، ومنهم أيضا من تعرض طيلة حكم النظام السابق لكثير من التعسف والظلم والقمع مثلهم مثل إخوانهم الآخرين، بل في بعض الأوقات يتعرضون أكثر من غيرهم نتيجة أطماع شخصية وأوهام نفسية من قبل بعض الفاسدين.

أما بالنسبة للجزء الذي يشير إلى أسباب هزيمة الحزب الاشتراكي (شريك الحكم السابق)، فالأمر أكبر من أن يكون نتيجة عمل فئة أو فئات، ولو رجعنا لتلك الحقبة من التاريخ فإنه يتضح لنا تعرض النظام الاشتراكي في العالم للانهيار والسقوط الشامل والمتتالي بما فيهم الاتحاد السوفياتي الراعي والداعم الأساسي لكثير من الأنظمة الاشتراكية في العالم بما فيهم الحزب الاشتراكي في اليمن الجنوبي، وربما أن ذلك كان الدافع المرجح لدخول الحزب الاشتراكي في الوحدة (كشريك للحكم) أملا في إطالة بقائه، بالإضافة إلى تراكم خلافات وعوامل أخرى داخل الحزب الاشتراكي الحاكم آنذاك، هي في الأرجح الأسباب التي أدت إلى سقوط الحزب الاشتراكي في اليمن كنظام حكم، لكنه لم يسقط كحزب سياسي.

*التوجه العام لدى سلاطين الجنوب السابقين هل هو مع دعم مطالب الحراك الجنوبي بما يسمى «فك الارتباط» أو «استعادة الدولة».. أم مع أي تسوية سياسية ترونها؟

- أولا، أنا لا أستطيع أن أجيب عن غيري، ولكن سوف أجيب عن سؤالك من منطلق سياسي، وبهذا فإنني أرى أن الرغبات الشخصية ليس لها مكان في عالم السياسة، لأن الرغبة الوحيدة التي تقر وتقرر في هذا الأمر هي رغبة الأكثرية من الشعب، وبهذا فإن المسألة لها اختياران؛ إما أن يكون أو لا يكون مع إرادة الجماعة.

*هل ستشاركون في الحوار الوطني المقرر قريبا، وإن لم تتم دعوتكم للحوار فما تحركاتكم المستقبلية؟

- أنا لم أدع إلى هذا الحوار والحمد لله، فإن تم ذلك الحوار فلكل حادث حديث.. سوف أكون صريحا معك، ليس باستطاعتي أن أقدم لك خريطة طريق واضحة، بالإضافة إلى الغموض وعدم الشفافية، ولكن ما أستطيع إن أقوله بأن أي تحرك لي أو عمل أقوم به، سواء كان شخصيا أو عاما، فإنني ملتزم بمبدأ وقاعدة الإحسان والعدل.

*لماذا برأيكم تحولت المحافظات الجنوبية إلى مناطق تسيطر عليها ميليشيا تنظيم القاعدة، ومن المتسبب في ذلك؟

- موضوع ميليشيا تنظيم القاعدة مثير للجدل ومتناقض في تغيراته، والمتغيرات هنا يسودها كثير من الغموض وعدم وضوح الرؤية للوضع الراهن، ولهذا السبب ولأنني لا أملك المعرفة التامة في هذا الموضوع الحساس فإنني أتحفظ في أن أخوض في أجوبة وتكهنات تخص هذه المسألة، وبرأيي الشخصي واعتقادي فإن المعرفة التامة والإلمام الكامل يعد عنصرا مهما وأساسيا لمن يخوض أو يتعامل في هذا الأمر، ولذلك فإن أي أخطاء ترتكب سينتج عنها توسع في دائرة العنف وإطالة لأجلها ومأساتها، والأسوأ من ذلك هو إذا كان الخطأ يرافقه ظلم، مما سيؤدي حتما إلى زرع بذور الفتنة وأعاصير من الثأر مستقبليا.