حسين مرتضى عن تسريبات البريد الإلكتروني: القيادة السورية لا تحتاج نصائح بل هي التي تعطيها

مدير محطتي «العالم» و«برس تي في» في دمشق لـ «الشرق الأوسط»: علاقتي بإيران وحزب الله معروفة

حسين مرتضى
TT

بينما تواصل الصحف البريطانية لليوم الرابع على التوالي، الغرف من مستودع الأسرار الضخم الذي فتحته لها صحيفة «الغارديان»، بكشفها عما قالت إنها ثلاثة آلاف رسالة مسربة من البريد الإلكتروني للرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء، قال حسين مرتضى، مدير مكتبي قناة «العالم» و«برس تي في» الإيرانيتين، الذي ورد اسمه في مراسلات مع الأسد، إنه لا يمكنه أن يؤكد صحة رسائل البريد الإلكتروني المشار إليها من عدمها، ولكنه يتحدث عن نفسه فقط نافيا أن يكون تراسل مع الأسد. وأجاب مرتضى على أسئلة بالبريد الإلكتروني أرسلتها له «الشرق الأوسط» عبر يومين, ونفى في إجاباته لـ«الشرق الأوسط» علاقته بالرسائل، مدعيا أنها «فبركات» إعلامية للنيل من النظام, ولكنه في اليوم التالي عندما طلبت منه «الشرق الأوسط» صورة فوتوغرافية له, تحدث عن نفسه بالقول إنه في منصبه الحالي كمدير لمحطتي «العالم» و«برس تي في» منذ عام ونصف، وقبل ذلك كان عمل مقدم برامج ومذيع أخبار، ومديرا للبرامج السياسية في طهران قبل الانتقال إلى العاصمة دمشق.

أما بالنسبة لمصداقية الرسائل الإلكترونية المسربة التي تخص الرئيس الأسد وزوجته فقال مرتضى: «أما فيما يتعلق بالإيميلات صحتها من عدمها فلا يمكنني أن أؤكد أو أنفي, ولكنني أتحدث عن نفسي فقط». وقال مرتضى: «إن من قتل زينب الحصني وأحرقها ثم تبين أنها حية ترزق وبصحة وعافية، لا شك أنه مجترئ على الحقيقة وعلى الواقع، وأكاذيبه الفاجرة لا حد لها، فهل الزعم بأني أتحدث باسم حزب الله وإيران أكثر فجورا في كذبه من تحريض الشعب السوري بعضه على بعض بالأكاذيب وبالتحريض؟ وهل تغير ضخامة الحملة من حقيقة أعرفها أنا ويعرفها المعنيون ويعرفها ثلاثة وعشرون مليون سوري، وهي أني مدير مكتب إعلامي ولا أمثل أي جهة حزبية أو رسمية، وبالميزان نفسه تربطني بإيران علاقة تشبه العلاقة التي تربط مراسل الـ(بي بي سي) ببريطانيا». وحسب رسالة بريد إلكتروني نقلت إلى الأسد عبر شخصية ثالثة، يقول حسين مرتضى: «ليس من مصلحتنا أن نقول إن تنظيم القاعدة هو من يقف وراء العملية لأن ذلك يبرئ الإدارة الأميركية والمعارضة السورية، لأنهم كذلك أي أميركا تحارب (القاعدة) وسوف تدين العملية».

علينا أن نقول وهو فعلا انطلاقا من المعطيات التي شاهدناها أمس: «هناك دقة في التنفيذ وعلينا أن نقول إن الإدارة الأميركية والمعارضة والدول التي أدخلت السلاح هي من تقف وراء العملية حتى نبدأ بالهجوم، لكن الكلام فقط عن (القاعدة) لا يخدم أبدا كون التنظيم موجودا منذ عشرات السنين وهذا ليس بشيء جديد حتى أنني تلقيت اتصالات من إيران وحزب الله كوني مدير عدة قنوات إيرانية ولبنانية وجهوني فيها إلى عدم ذكر (القاعدة) كمن يقف وراء الحادث فهو خطأ إعلامي وتكتيكي فادح ولا يخدم مصلحة.. يجب تدارك الأمر بالسرعة القصوى وأنا لن أعلن على قنواتي أي خبر عن (القاعدة).. هذه النقطة لصالحكم وتخدمكم الرجاء استغلالها سوريًا».

وحول ما تردد عن تبادله الرسائل الإلكترونية مع الرئيس الأسد أو المحيطين به قال: «هذا اتهام سخيف وهدفه واضح، والسوريون جميعا، معارضين وموالين, أوعى من أن يصدقوا ترهات هدفها تقديم الرئيس الأسد بصورة غير صحيحة وغير واقعية، ونسي المروجون أن الرئيس الذي يتحدثون عنه هو نفسه الذي قاتل دهاة إدارة بوش, وانتصر عليهم بعد غزو العراق، وهو الذي خاض صراعا دوليا دفاعا عن سوريا وعن المقاومة خلال حربي تموز وغزة، وهو الرئيس الذي بحكمته قاد سوريا في هذه الأزمة إلى بر الأمان من حرب أهلية وفوضى يريدون إسقاطها فيها, إذن أساس الموضوع غير صحيح, ومن لديه دليل فليقدمه، وأنا شخصيا يشرفني التراسل مع أي شخصية سورية، ولكن هذا لم يحصل، وحتى على الصعيد المهني فإننا في القناة لم نحصل حتى على مقابلة مع الرئيس بشار الأسد».

وحول سبب وجود اسمه في التقارير والرسائل الإلكترونية المسرية, وهل اتصلت به وسائل إعلام غربية قبل النشر قال: «لم تتصل بي أبدا، ولو اتصلوا لكانوا مهنيين، فهل هم كذلك؟ هؤلاء كاذبون وسأقاضيهم، وإذا كان لديهم دليل فليقدموه إلى المحكمة التي سنقاضيهم أمامها في بلادهم، ما تروج له (الغارديان) لم تتبنَّه هي، بل قدمت الأمر دون تبنيه، فجاء الإعلام العربي والأميركي, واستند إلى (الغارديان) التي هي أصلا لم تتبنَّ، فهل هناك تزوير أكثر من هذا؟».

ويقول مرتضى: «إن تقديم المراسلات بصفتها حقيقة نهائية يشبه القول بغرق بارجة في نهر بردى، ومن لا يعرف سوريا لا يعرف أن قيادتها لا تحتاج إلى نصائح إعلاميين، بل هي تعطي النصائح لمن يحتاجها، وعيب على الصحافة البريطانية أن تغرق في قوى العصابات التكفيرية وداعميها، أم أنهم من المعجبين بأنصار بن لادن في سوريا؟».

وقال ردا على سؤال مباشر من «الشرق الأوسط» حول تقديمه نصائح للرئيس السوري باسم حزب الله وإيران: «لا. وهذا الأمر يشبه ما حصل معنا بداية الأحداث، فمنذ الأيام الأولى للأزمة دخلنا إلى منطقة درعا، وتحديدا إلى الجامع العمري، كان ذلك في اليوم الثالث لبدء الاضطرابات على الساحة السورية، كان برفقتي الشيخ أحمد الصياصنة، فقابلنا مسلحين وأخذوا يخبروننا عن عناصر حزب الله الذين يرافقهم شيخ يتحدث الفارسية وصلوا إلى الجامع العمري, وكانوا يقصدوننا والشيخ الصياصنة, وبدأنا نسمع منذ ذلك اليوم أن إيران من تقف وراء المعارضة الداخلية». ويضيف: «هناك آلة إعلامية أعلن عنها جيفري فيلتمان أمام الكونغرس في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2008، واعترف بلسانه بأن سفارته صرفت نصف مليار دولار لتشويه صورة حزب الله، فكم تكلفهم عملية إلصاق تهمة مشاركة حزب الله في أحداث سوريا؟ وهل من فرصة رخيصة لدس اسم حزب الله وإيران إلا واستغلها الإعلام المعادي؟ ومن يدفع نصف مليار في لبنان لتشويه سمعة حزب الله، بحسب اعتراف جيفري فيلتمان نفسه، فكم سيدفع لتشويه صورة إيران وحزب الله وسوريا معا؟».

من هنا - يتابع مرتضى - : «دسوا اسمي لأني لبناني وأعمل مديرا لمكتب قنوات إيرانية في دمشق، فهل من شخصية مناسبة لأكاذيبهم أكثر مني؟».

ويوضح: «إضافة إلى ذلك لم تتوقف الشائعات بهذا الإطار عندما بدأ الحديث عن أن هناك قناصين من حزب الله، وأن هناك عناصر من حزب الله يقاتلون ويقومون بقنص الناس والمدنيين، كل هذه الأمور تدل على أن هناك منذ الأيام الأولى فبركات إعلامية يقوم المطبخ العسكري والأمني والإعلامي الذي يدير الأزمة على الساحة السورية، بنشرها».

وعن علاقته بحزب الله وإيران يقول مرتضى: «علاقتي بحزب الله مثل علاقة أي إعلامي بنوابهم ومصادرهم الإخبارية، وأما علاقتي بإيران فهي مهنية، ولا أريد تكرار كلامي عن الموضوع, ولكن من الواضح أن مسألة زج إيران وزج حزب الله تأتي في هذا الإطار لأن داعمي الإرهابيين ومروجي الحرب الأهلية في سوريا قد أفلسوا، الآن نحن بعد عام على الأزمة في سوريا لم يستطيعوا أن ينالوا من وحدة شعب سوريا، ولم يستطيعوا أن ينالوا من شباب سوريا، ولم يستطيعوا أن يحققوا أي شيء من أهدافهم، لذلك نلاحظ أنهم يريدون رمي التهم هنا وهناك، ويريدون الحديث عن أن هناك بعض الإيرانيين أو بعض الأشخاص من حزب الله هم من يقومون بإدارة هذه الأزمة، وهذه سخرية ذاتية بمن يروج لهكذا حديث، فالعالم أجمع يعرف دهاء الإدارة السورية التي لا تفيض حكمتها على من يحتاجها، ولها من الدراية والعلم بالواقع ما يكفيها».

وقال مرتضى: «أنا أعتقد أنها تأتي في إطار الفبركة ومحاولة زج إيران وحزب الله، وخصوصا عندما يقال عني شخصيا والجميع يعرف أنني صحافي مدير مكتب قناة (العالم) و(برس تي في) في دمشق، وليس لي أي علاقة بعالم الأعمال.. والحكمة تقول من يسرق الذرة يسرق الدرّة، ومن يكذب حول مهنتي ويحولني من إعلامي إلى رجل أعمال يكذب في باقي ما نشره عني».

وقالت «الغارديان» أول من أمس، إنه من المحتمل أن تكون هديل علي هي الوسيط الذي كان يوصل النصيحة من إيران للأسد، فقد كانت هي من أعادت إرسال الرسالة التي جاءت من حسين مرتضى، مدير قناة «العالم» المدعومة إيرانيا، إلى بشار الأسد على البريد الإلكتروني السري له، وقال مرتضى إنه «ليس من مصلحة النظام إلقاء اللوم على تنظيم القاعدة في سلسلة التفجيرات الغامضة»، كما تحدث مرتضى أيضا في رسالته عن روابطه بحزب الله وطهران. وكانت «الشرق الأوسط» توجهت إلى حسين مرتضى بعدد من الأسئلة عبر بريده الإلكتروني, للإجابة عن دوره المزعوم في تلك الرسائل من جهة تقديمه النصيحة للنظام, وحسبما تشير صفحته على موقع «فيس بوك»، فهو مدير لقناتين إخباريتين إيرانيتين، فيما أكدت مصادر مطلعة في العاصمة طهران لـ«الشرق الأوسط» أنه مدير محطتي «العالم» و«برس تي في» في العاصمة دمشق, وبحسب الرسائل فقد حث مرتضى الأسد, بعد حادثة انفجار سيارتين في دمشق قبيل وصول وفد المراقبين العرب، على التوقف عن اتهام «القاعدة» بتدبير انفجارات السيارات المفخخة.

وحسب رسائل البريد الإلكتروني المسربة أفاد مرتضى بأن اتصالات وردته من إيران وحزب الله توافقه الرأي، ووصف اتهام «القاعدة» بأنه خطأ إعلامي تكتيكي يصب في مصلحة الولايات المتحدة والمعارضة السورية. وفي رسالة أخرى، أبدى مرتضى، برسالة لمستشار الأسد، اعتقاده أن على قوات النظام السوري السيطرة على الميادين والساحات العامة لحرمان المعارضين السوريين من فرصة التجمع في المظاهرات.

ويظهر أن غالبية الرسائل المسربة متبادلة بين الرئيس وزوجته، وبين الرئيس وحلقة من الشخصيات المقربة منهم فعلا، مهمتهم - حسب الرسائل - تتلخص في تقديم النصح والمقترحات، ومتابعة ملفات مختلفة لخدمة الرئيس وزوجته على المستوى الإداري للدولة، أو على المستوى الشخصي، بالتوازي مع مؤسسات الدولة الرسمية وفي الظل منها، وللرئيس الأسد، كما اتضح من خلال الرسائل المسربة هذه، وسائل تواصل أخرى، منها عناوين بريد إلكتروني وحسابات على الـ«فيس بوك» وبرامج للمحادثات النصية على الهاتف المحمول.