البرلمان المصري يحسم «تأسيسية الدستور» بالمناصفة بين نوابه والشخصيات العامة

سياسيون اعتبروا القرار تراجعا إخوانيا أمام الضغط السلفي

لقطة لاجتماعات مجلس الشعب المصري أمس (إ.ب.أ)
TT

حسم البرلمان المصري في جلسة مشتركة أمس قواعد اختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد. وصوتت أغلبية البرلمان لصالح مقترح يقضي بأن تتوزع عضوية الجمعة التأسيسية التي تتكون من مائة عضو، بين نواب البرلمان، وشخصيات عامة وممثلي هيئات الدولة المختلفة، بنسبة 50 في المائة من داخل البرلمان و50 في المائة من خارجه. وعلق مراقبون على قرار البرلمان قائلين إنه عكس الحضور القوى لتيارات الإسلام السياسي، ومدى تأثير التيار السلفي على حسم الملفات العالقة.

وجاء القرار بمثابة لطمة لدعاة الدولة المدنية من الأقلية الليبرالية واليسارية داخل البرلمان، والتي طالبت بتقليص تمثيل نواب البرلمان في الجمعية التأسيسية. وكشف القرار عن تنسيق بين حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي، بحسب المراقبين.

وكان حزب الإخوان قد طرح في الاجتماع المشترك الأول والذي عقد مطلع مارس (آذار) الحالي أن تتشكل الجمعية التأسيسية بنسبة 40 في المائة من داخل المجلس، و60 في المائة من خارجه، وهي الرؤية التي عارضها حزب النور الذي طالب بدوره أن تتشكل الجمعية التأسيسية من 60 في المائة من داخل المجلس و40 في المائة من خارجه، فيما كانت القوى الليبرالية تدفع باتجاه نسبة 30 في المائة من داخل المجلس و70 في المائة من خارجه.

وقلل الدكتور وحيد عبد المجيد، النائب في البرلمان المصري من أهمية تعديل النسبة التي سبق وطرحتها جماعة الإخوان قائلا لـ«الشرق الأوسط» قبيل بدء الاجتماع الثاني للجنة المشتركة في قاعة المؤتمرات بمدينة نصر (شرق القاهرة) إنه «لا توجد معركة من الأصل لنتحدث عن منتصر ومهزوم.. أعتقد أنه تمت المبالغة في هذا الأمر كثيرا».

وتابع عبد المجيد وهو مفكر ليبرالي: «هناك اتفاق بشأن التصور العام للدستور القادم.. ونقاط الخلاف ليست كثيرة ومتعلقة بنظام الحكم.. وأعتقد أنه إذا جرى العمل بالشكل المناسب يمكن الانتهاء من كتابة الدستور في غضون شهرين».

في المقابل قال الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري لـ«الشرق الأوسط»: «إن قرار البرلمان يمثل ارتدادا للموقف الإخواني والسلفي الذي يستخدم نجاحه البرلماني في احتكار كل شيء.. بداية من سلطة البرلمان التشريعية وانتهاء بتشكيل تأسيسية الدستور».

وأضاف السعيد الذي يمثل حزبه بثلاثة مقاعد في البرلمان أن المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا في اتجاهها لإصدار حكمها بعدم دستورية وقانونية الانتخابات الماضية وبطلان المجلس.. «هذا من شأنه أن يعيد مسار التحول الديمقراطي إلى الطريق الصحيح وإن عطل انتقال السلطة للمدنيين، لكن هذا جاء نتيجة الإسراع المتعمد.. وأعتقد أن الجماهير بدأت تندم على ما منحتهم إياه من أصوات».

ويرى السعيد أن قرار المجلس عكس حالة خضوع الإخوان المسلمين للقوى السلفية في البرلمان والتي تحظى بثاني أكبر كتلة برلمانية، بعد تراجعهم عن النسبة التي سبق وأن طرحوها، ليحققوا توافقا مع القوى السلفية على حساب القوى المدنية.

ويجري العمل في البلاد حاليا وفق إعلان دستوري أصدره المجلس العسكري الحاكم في مارس (آذار) من العام الماضي.

واقترع نواب البرلمان أمس في جلسة مسائية على القواعد التي سيتم من خلالها انتخاب الجمعية التأسيسية سواء من نواب البرلمان الذين سيمثلون نصف أعضاء الجمعية أو النصف الآخر من الشخصيات العامة وممثلي الهيئات العامة.

ولا يزال من غير المعروف طبيعة وضع المؤسسة العسكرية في الدستور الجديد. وكانت حكومة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء السابق قد تقدمت بمقترحات لمبادئ حاكمة للدستور الجديد احتوت على نصين يحصنان المؤسسة العسكرية ويمنحانها سلطات لم تحزها في دساتير مصر السابقة، وهو ما عارضته قوى سياسية من بينها جماعة الإخوان المسلمين.

ويفترض أن تنتهي الجمعية التأسيسية من كتابة الدستور الجديد وتجري استفتاء شعبيا لإقراره، فيما تستمر إجراءات انتخاب رئيس البلاد الجديد المفترض الاقتراع عليه يومي 23 و24 مايو (أيار) المقبل، على أن يتولي الرئيس المنتخب مهام منصبه مطلع يوليو (تموز) المقبل.