واشنطن ليست متفائلة حول أنان.. وقلقة بشأن إرسال إيران أسلحة لسوريا عبر العراق

آلاف المتظاهرين أمام البيت الأبيض يطالبون بـ«وقف المجزرة في سوريا»

TT

بينما أعربت الخارجية الأميركية عن قلقها بسبب تقارير بأن إيران ترسل أسلحة بطائرات عبر العراق إلى حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، وقالت إنها طلبت من حكومة العراق وقف هذه الطائرات، أوضحت أنها ليست متفائلة حول مهمة كوفي أنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، والمبعوث الحالي المشترك للأمم المتحدة ولجامعة الدول العربية إلى سوريا. وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن إرسال الأسلحة الإيرانية، «حتى بصرف النظر عما يجري في سوريا، يخرق قرار الأمم المتحدة بمنع تصدير الأسلحة الإيرانية». وأضافت: «كل سلاح يصل إلى نظام الأسد القاسي يساهم في قمعه لشعبه». وعن جهود أنان، قالت نولاند إنه «يعمل في محاولة عاجلة للحصول على المساعدات الإنسانية، وتأمين وصولها إلى أهدافها». وأضافت: «لكن حكومة سوريا رفضت فكرة الأمم المتحدة تأسيس عملية مراقبة مستقلة خاصة بالأمم المتحدة. وأيضا رفضت حكومة سوريا إرسال مساعدات إنسانية مشتركة للأمم المتحدة مع جامعة الدول العربية. واقترحت حكومة سوريا أن تكون المراقبة سورية بدعم من الأمم المتحدة». وقالت نولاند إن الولايات المتحدة في انتظار ما ستسفر عنه مهمة أنان، وإنها تريد «تقييما محايدا ونزيها ومستقلا» من الأمم المتحدة، وإنها تنتظر ما سيقول أنان. وعن اجتماع هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، مع سعد الدين العثماني، وزير خارجية المغرب، قالت إن المغرب، بحكم أنه عضو في مجلس الأمن، نقل إلى واشنطن أهمية انتظار توصيات أنان قبل اتخاذ خطوات جديدة. وقال إن الجامعة العربية مرتاحة لمهمة أنان، وإنها متفائلة بأنه سوف يخرج سوريا وكل المنطقة من الوضع الدموي الحالي المستمر. وعلى الرغم من أن نولاند أيدت هذا الموقف المغربي، وأهمية الانتظار حتى يصدر أنان توصياته، وأيضا ثقة الجامعة العربية القوية فيه، قالت نولاند: «الولايات المتحدة والمغرب قريبان جدا بعضهما من بعض في هذه المسألة. ولهذا لم يكن الاجتماع مثيرا للجدل في أي شكل من الأشكال». لكن لم تقل إن الجانبين اتفقا اتفاقا كاملا. وذلك على ضوء تقارير استخباراتية أميركية بأن الأسد عزم مسبقا على استغلال مهمة أنان لكسب الوقت، حتى يقدر الجيش السوري على دخول كل المدن والسيطرة عليها سيطرة كاملة، وأن الأسد يفعل مع أنان ما فعل مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، عندما زار سوريا قبل عشرة أشهر تقريبا. ثم مع اتصالات وزير خارجية سوريا، وليد المعلم، مع الجامعة العربية. ثم زيارات سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا لدمشق. وقالت هذه التقارير الأميركية إن الأسد لم يغير موقفه أبدا، وإنه جاد جدا عندما يصف المعارضين المسلحين بأنهم «إرهابيون مسلحون»، وإنه لا بد أن يقضي عليهم. وأمس، في مؤتمرها الصحافي، لم تكرر نولاند هذه المواقف السورية المتشددة، لكنها كررت أن المشكلة هي بشار الأسد. على الرغم من أنها رحبت بالمهمة التي يقوم بها أنان.

وفي نيويورك، بينما ينتظر مجلس الأمن تقرير أنان، قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إنها اطلعت على رد حكومة سوريا على مقترحات كان تقدم بها أنان عندما زار دمشق في المرة الأولى، وإن الرد «إيجابي فيما يختص بوقف إطلاق النار، إذا وافقت المعارضة المسلحة على إلقاء سلاحها في الأول». وأضافت الصحيفة: «لكن لا يبدو أن الرد لن يرضي معارضي الأسد».

كما أن طلب حكومة سوريا أن تلقي المعارضة سلاحها أولا لا يتفق حتى مع رأي روسيا، حليفة الأسد الأولى، التي تريد أن يلقي الجانبان أسلحتهما في الوقت نفسه. هذا بالإضافة إلى أن الدول الغربية والدول العربية المتحالفة معها، تريد أن توقف حكومة سوريا إطلاق النار في الأول. وحسب الصحيفة، كتبت حكومة سوريا في الرد: «نحن حريصون على وضع نهاية للعنف، وعلى اتخاذ الترتيبات العسكرية الضرورية التي تتكيف مع الوضع على أرض الواقع». وطلبت من أنان تقديم «ضمانات» بأن الهجمات على القوات الحكومية ستتوقف، وبأن توقف الدول المجاورة إرسال أسلحة في سوريا. ونقلت الصحيفة تعليق دبلوماسي غربي في الأمم المتحدة أن الرد السوري لا يوضح إذا كانت سوريا ستوافق على النقاط الأخرى في مطالب أنان، مثل السماح بدخول الصحافيين الأجانب وضمانات حماية الأجانب الذين سيقدمون المساعدات الإنسانية. أو إذا كانت سوريا تريد صفقة كاملة، أو تريد الاتفاق على نقطة بعد أخرى.

وقال السفير السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري للصحيفة، إن سوريا مستعدة لمناقشة كل النقاط مع الفريق الذي أرسله أنان إلى سوريا أمس. ووصفت الصحيفة الرد السوري بأنه «لم يسبق له مثيل في الاتصالات الدبلوماسية السابقة مع سوريا، لا مع الجامعة العربية ولا مع الأمم المتحدة. لكن يبدو أن صفقة لإنهاء العنف لا تزال بعيد المنال؛ وذلك لأن المعارضة السورية من غير المحتمل أن توافق على وقف ما تسميه أعمال الدفاع عن النفس، قبل أن توقف الحكومة قصف مدن مثل حمص، وإدلب، أو أن ينسحب الجيش السوري تماما، ويعود إلى ثكناته». ونقلت الصحيفة على لسان الدبلوماسي الغربي في الأمم المتحدة أن سوريا «يبدو أنها ترغب في التعاون»، وأنها تريد «وضع الكرة في ملعب المعارضة».

الى ذلك تجمع آلاف المتظاهرين، امس، أمام أسوار البيت الأبيض في واشنطن، مطالبين الولايات المتحدة بالتدخل لـ«وقف المجازر في سوريا»، على ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقدر المنظمون عدد المتظاهرين بـ4 آلاف شخص غالبيتهم من السوريين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، وقد تجمعوا لإحياء الذكرى الأولى لانطلاق الانتفاضة السورية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وارتدى المتظاهرون قمصانا كُتب عليها «أحلم بسوريا حرة».

وقال باسل الشعار، الذي ينتمي إلى جمعية «ناشطون من أجل سوريا حرة»، في كلمة ألقاها: «نريد من العالم أن يبذل المزيد ولا يمكن أن يقف مكتوف اليدين يتفرج على الناس وهم يُقتلون»، مضيفا أن «مكان بشار هو في لاهاي»، في إشارة إلى مقر المحكمة الجنائية الدولية. وحمل المتظاهرون العلم السوري القديم الذي أصبح علم حركة التمرد، وأطلقوا شعارات تدعو الرئيس السوري إلى الرحيل.