«أنا مفسرة أحلام».. قالتها بثقة ثم زادت مفاجأتي بها وأردفت: «تفسير الأحلام علم، وليس مجرد خيال وأوهام وانفعالات عابرة». ثم صمتت للحظات وهي تداعب خصلات شعرها الناعم، وتابعت: «الحلم مرآة لواقع مهمش ومنسي، بوابة ستفضي إلى دلالات خاصة، وليس مجرد إرهاصات لماض علينا أن نبتعد عنه ونتحاشاه، فكثيرا ما يكون أكثر واقعية من الواقع نفسه».. ثم فتحت شيماء صلاح الدين (23 عاما) والملقبة بـ«أصغر مفسرة أحلام في مصر» صفحة من كتاب أصدرته حديثا تروي فيه الكثير من أسرار الأحلام، وقالت «أنا فسرت أحلاما كثيرة للمصريين والعرب وبعضها ارتبط ارتباطا مباشرا بالأحداث الكونية وتحقق من خلال دلالاتها العميقة كثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر».
تقول شيماء عن قصة اكتشافها لهذه الموهبة: منذ سن الرابعة عشرة لاحظت أني استطيع أن أفسر أحلامي وأحلام أسرتي الصغيرة، وبمرور الوقت أصبح أفراد العائلة الكبيرة وأصدقاؤهم يطلبون مني تفسير أحلامهم في الجلسات العائلية. وذهبت للعديد من المشايخ لمعرفة حقيقة هذا الأمر، فأكدوا لي أنها موهبة من عند الله، وما زلت أعتقد أن مجال تفسير الأحلام علم له أسراره الإلهامية من عند الله.
وتشير شيماء في لقائها مع «الشرق الأوسط» إلى أنها توصلت إلى تقسيم جديد لتفسير الأحلام خلافا لما قرأته ودرسته باستفاضة من كتب لكبار المفسرين كابن سيرين، قائلة: «لقد درست معظم كتب تفسير الأحلام لكي تكون الموهبة التي أعطاني الله نابعة عن علم وتفسير علمي، فقرأت ما كتب ابن سيرين، والنابلسي، وصولا إلى فرويد، فضلا عن قراءتي لكل كتب الأديان السماوية كالقرآن الكريم والإنجيل والوصايا العشر، وكتب التفسير خاصة لابن كثير، والعديد من كتب علم النفس. واكتشفت أن هناك أحلاما غير مدرجة التعريف في هذه الكتب، ومن ثم قسمت الأحلام إلى: حلم عادي، حلم ذي دلالة خاصة، حلم ديني، كما أن هناك فرقا ما بين الحلم والرؤيا، فهي التي يراها الصالحون والمحبون لله، وغالبا ما يراها الإنسان وهو نائم على وضوء وفي أوقات الفجر، وهي محققة الحدوث ولها رموز محددة ومعروفة إذا وجدت في المنام فهي رؤيا وإن غابت فهي حلم».
تضيف: يجب الإشارة أيضا إلى أن هناك أنواعا للكوابيس وهي: كوابيس عادية والتي تكون فيها حيوانات شرسة أو مخيفة، وكوابيس محققة التي مثلا يحدث فيها أن يحلم الشخص بوفاة أحد ويستيقظ فيجده مات فعلا، وهناك كوابيس شيطانية التي يظهر فيها الجن والقرين.
وتشير شيماء إلى أنها في البداية واجهت بعض المشاكل في تفسيرها للأحلام لدى العامة، خاصة مع حالة الخلط ما بين تفسير الحلم والشعوذة، قائلة: أعتمد في تفسير الأحلام على القرآن الكريم وبعض أحاديث السنة النبوية الشريفة والوقائع الدينية والتاريخية، خاصة التي ترتبط بالتاريخ الإسلامي، وذلك من الناحيتين العلمية والدينية. فالأحلام علم قائم بذاته وله دلالات قوية وعميقة بالنفس البشرية. كما أن الله سبحانه وتعالى قد يرسلها كرسائل لها معان كثيرة، مع الوضع في الاعتبار أن المفسرين للأحلام يجتهدون في التفسير ليصلوا إلى أقرب الصحيح من هذه التفاسير ويظل الله سبحانه وتعالى وحده الأعلم بأسراره وأسرار كونه.
وعن التفسيرات الجديدة التي تقدمها شيماء لمستمعيها في تفسير الأحلام وكتابها «تفسير الأحلام في الصحو والمنام» تقول: أقدم تفسيرات لأنواع الأقمشة المختلفة التي تظهر في الحلم، مثل الصوف فهو يدل على الحب والزواج، وكلما كان الصوف ناعما كان الحالم أو الحالمة رومانسيا، وكلما كان خشنا كان شخصا جادا وعمليا، كما تدل خامة الفرو على الغنى والثراء والمال الكثير، ويدل الجلد على المال والرزق غير الحلال وغير الموثوق في مصدره، كما أقدم تفسيرات جديدة لأجزاء جسم الإنسان بداية من الوجه ومشتقاته «العين، الدموع، الكحل، الرموش، الحاجبين، الشفاه، اللسان»، وغيرها من باقي أجزاء الجسم، وتفسير هذه الرموز للرجال يختلف عن النساء.
شيماء قامت بتفسير آلاف الأحلام والرؤى لمصريين وعرب وأجانب منهم مشاهير في عالم السياسة والفن والطرب، وكذلك لأمراء وشيوخ عرب، بعضهم كانت لأحلامهم دلالات كونية مثل قيام ثورة 25 يناير، قائلة «حدثني في برنامجي الإذاعي أحد الأشخاص وقال لي إنه رأى في حلمه سيدنا موسى والناس تغطيه بجريد النخل وكان أسمر البشرة وممسكا بعصاه، وفي تفسير الأحلام هذا يعني أن هناك دلالة على أن أحدا من الطغاة والظالمين سوف يموت وعادة يفيق الحالم بعدها وهو يشعر بتكسير في العظام والجسم ككل من شدة الرؤية والهيبة من نبيها، وأنا شخصيا حلمت بأن هناك طوفانا سيضرب مصر وكان ذلك قبل الثورة بأيام قليلة».
أما أطرف المواقف التي صادفتها أثناء تفسير الأحلام، فتقول «أذكر أن أحد الرجال حكى لي حلمه وكان تفسيري أنه قد يتزوج مرة أخرى، وكانت زوجته تجلس بجانبه، فلا يجوز أن أكذب في تفسير الحلم، وأعتقد أن الأمر لم يخلُ فيما بعد من مشاجرة عائلية بسبب حلمه!» ورغم موهبتها فإن شيماء لم تجد أي جامعة أو هيئة علمية يمكن من خلالها أن تدرس هذا العلم بعمق أكبر، قائلة: حاولت أن أحضر دراسات عليا بعد تخرجي في كلية الحقوق في هذا العلم ولم أجد في الوطن العربي أي جامعة أو معهد متخصص في هذا الأمر، لذلك سأحضر دراساتي العليا في علم النفس لأنه الأقرب لموهبتي.