تونس: التعرف على التراث الصحراوي في المهرجان الدولي للقصور الصحراوية

يقدر عددها بنحو 150 قصرا

تسعى اللجنة المنظمة للمهرجان إلى إدراج القصور الصحراوية ضمن التراث العالمي
TT

يمكن اعتبار مهرجان القصور الصحراوية بمدينة «تطاوين» المطلة على الصحراء التونسية، من أهم المهرجانات التونسية، حيث ظل يحتفظ بخصوصيات قلما وجدت في مناطق أخرى، فالمهرجان حافظ لمدة سنوات على جوانب ثقافية وحضارية مهمة تكشف عن عمق الحضارة في المناطق الصحراوية.

هذه السنة سينظم خلال الفترة المتراوحة بين 22 و25 مارس (آذار) الجاري، وهو يتضمن مجموعة من العروض الموسيقية وعروض الشعر الشعبي والبدوي، إلى جانب التطرق إلى تنمية السياحة الصحراوية، إحدى أعمدة التنمية على مستوى ولاية (محافظة) تطاوين الواقعة على بعد حوالي 600 كلم جنوب العاصمة التونسية. وحسب البرنامج المصاحب لهذه الدورة الجديدة، فإن المهرجان سيعرف سهرة الفن العربي الأصيل وتقدمها فرقة محمد الهنتاش، وسهرة الغناء والشعر ويقدمها كل من خالد كعيب والجليدي العويني، وسهرة ألف ليلة وليلة للشعر الشعبي ويحتضنها أحد القصور الصحراوية المسمى «قصر الزهرة». ويشارك الشاعر الشعبي الليبي في المهرجان من خلال مجموعة من الشعراء بقصر أولاد سلطان.

ولا يمكن المرور على برنامج المهرجان دون الحديث عن المسلك السياحي الذي سيقع عرضه خلال هذه الدورة، وهو ينطلق من تطاوين في اتجاه مدينة غمراسن، ثم «قصر حدادة» وهو أحد القصور الصحراوية، ثم التوجه نحو منطقة «قرماسة» التاريخية، قبل العودة من جديد إلى نقطة الانطلاق في مدينة تطاوين. وتسعى اللجنة المنظمة للمهرجان إلى إدراج القصور الصحراوية ضمن التراث العالمي، إلى جانب الاهتمام بمشروع ترميم وصيانة مجموعة من القرى الجبلية والقصور الصحراوية، باعتبارها أحد أهم معالم التراث الصحراوي على الإطلاق في الجزء الصحراوي من تونس، وهي قليلة النظير في منطقة بلدان المغرب العربي.

يقول محمد مومن، أحد المؤسسين للمهرجان، إن القصور الصحراوية تقف شاهدا على عمق الوجود البشري في الصحراء التونسية، ويقدر عددها بنحو 150 قصرا في الجنوب التونسي، من بينها 80 قصرا في ولاية (محافظة) تطاوين وحدها، ومن أبرزها «قصر سلطان»، و«قصر الدغاغرة»، و«قصر الحدادة» الذي يبلغ عدد غرفه حوالي 567 غرفة تمتد على مساحة 6400 متر مربع، وهناك أيضا «قصر الزهرة»، و«قصر أولاد دباب»، و«قصر زناتة» (قبيلة بربرية). والقصر الصحراوي لا تقل عدد غرفه عن 30 غرفة، ويرتفع بنيانه في بعض الحالات إلى 5 طوابق.

ويتابع مومن حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلا إن الرومان أقاموا منشآت ذات صبغة دفاعية حول القصور الصحراوية مثل الحصون، وقد صممت على شكل مغاور على سفوح الجبال، منها «حصن تلالت» و«حصن رمادة»، حيث تحصنت القبائل بتلك القصور وشيدت حولها قرى جبلية، وقلاعا في قمم الجبال، مثل «قصر شنني» و«قصر الدويرات»، وهي مناطق لا تزال تحتفظ بهويتها البربرية. وقد تحولت تلك القصور إلى أماكن لخزن المنتجات الزراعية المتنوعة التي تزخر بها المنطقة، وخصوصا من زيت الزيتون والحبوب، وهو ما تؤكده معاصر الزيت ومطامير الحبوب الموجودة فيها.

ويتكون القصر من السقيفة التي تمثل المدخل الأساسي، وعادة ما تخصص كمجلس لاستقبال الضيوف، أما «الصحن» فهو عبارة عن ساحة داخلية للقصر، وهو يستخدم كذلك لجمع الحيوانات وحمايتها. وتمثل «الغرف» الوحدة الأساسية للقصر، وتستعمل لخزن المنتجات الزراعية، وتخضع هذه الغرف لهندسة خاصة تراعي شروط حفظ المحاصيل الزراعية والحيوانية لآجال طويلة، بما فيها شروط التهوية، وتفتح الغرف بعضها على بعض بواسطة مدارج، وكذلك مجموعة من الأعمدة الخشبية المغروسة في الحيطان.

قد يذهب إلى الظن أن القصور الصحراوية تمثل قصورا أثرية فخمة، ولكنها أشبه بالقلاع الحصينة التي تحمي السكان في الغالب من الاعتداءات الخارجية، ونفض الأتربة عنها خلال المهرجان الدولي للقصور الصحراوية سيمكن الزائر من الاطلاع عن قرب على حياة سكان الصحراء التونسية، ونمط معيشتهم خلال القرون الماضية.