ألوف المتظاهرين يغلقون بورسعيد ردا على عقوبات بحق ناد كروي

الاشتباكات خلَّفت قتيلا وعشرات المصابين.. واستمرار الملاحة في قناة السويس

لقطة من أحداث استاد بورسعيد بين فريقي المصري والأهلي في الأول من فبراير (شباط) الماضي وما تلتها من أحداث عنف أسفرت عن سقوط نحو 73 قتيلا ومئات الجرحى (إ.ب.أ)
TT

قالت مصادر أمنية مصرية وشهود عيان إن ألوف المتظاهرين أغلقوا مدينة بورسعيد الواقعة على المدخل الشمالي لقناة السويس، شرق القاهرة، ردا على عقوبات بحق ناد كروي في المدينة هو نادي «المصري»، وأضافت أن الاشتباكات التي اندلعت منذ الليلة قبل الماضية، وحتى أمس خلَّفت قتيلا وعشرات المصابين، مشيرة إلى أن المجرى الملاحي لقناة السويس لم يتأثر وأن الملاحة فيه من السفن الدولية مستمرة.

ووفقا للمصادر، فقد شهدت بورسعيد ليلة مأساوية أول من أمس، بعد أن اندلعت مظاهرات الغضب بين عدد من مشجعي النادي المصري لكرة القدم، بعد العقوبات التي أقرها اتحاد الكرة في البلاد بإيقاف النادي عن اللعب لمدة عامين، ومنع إقامة المباريات على استاد بورسعيد لمدة ثلاث سنوات، على خلفية أحداث لقاء المصري والأهلي في الأول من فبراير (شباط) الماضي وما تلتها من أحداث عنف وانفلات أمني، أسفرت عن سقوط نحو 73 قتيلا ومئات الجرحى.

وأوضحت المصادر أيضا أن الاحتجاجات جاءت أيضا ردا على ما قال سكان بالمدينة إنه «إلقاء قبض عشوائي على مشتبه في تورطهم في أحداث الأول من فبراير»، مشيرة إلى أن الاشتباكات تجددت مساء أمس (السبت). وذكرت مصادر أمنية وطبية أمس، أن شخصا على الأقل لقي مصرعه في أحداث الليلة قبل الماضية، وأصيب أكثر من 68 آخرين حتى أمس في اشتباكات بين المتظاهرين من مشجعي النادي المصري وقوات الجيش أمام مبنى هيئة قناة السويس بمدينة بورسعيد، استخدم فيها الرصاص الحي وقنابل المولوتوف والحجارة.

وقال الدكتور هشام شيحة رئيس قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة، إن معظم «الإصابات نتيجة استخدام الحجارة وإن الاختناقات ناتجة عن إلقاء قنابل الغاز».

من جانبه، نفى الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء أي صلة لحكومته بالعقوبات، قائلا إن «العقوبات الواقعة على المصري لا دخل للحكومة بها، وإنها جاءت وفقا للوائح اتحاد كرة القدم وقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)». وأشار الجنزوري في تصريحات له أمس، إلى أنه يمكن للنادي المصري أن يقدم التماسا للجهات المختصة.

إلى ذلك قرر عدد من نواب مجلس الشعب (البرلمان) تقديم طلبات إحاطة عاجلة لرئيس الوزراء ووزير الداخلية والمجلس القومي للشباب والرياضة ضد قرارات اتحاد الكرة، لكن النائب البدري فرغلي عضو مجلس الشعب عن بورسعيد وصف الوضع في شوارع بور سعيد بـ«المأساوي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأهالي أغلقوا الشوارع بشكل كامل وعطلوا المصالح الحكومية».

يأتي هذا في وقت حدد فيه مجلس الشعب جلسة الأربعاء المقبل لمناقشة 13 استجوابا جديدا قدمها عدد من النواب حول «مجزرة استاد بورسعيد» التي وقعت مطلع فبراير الماضي. وكان المئات من مشجعي النادي المصري تجمعوا بعد قرارات العقاب الليلة قبل الماضية أمام مباني النادي ورددوا هتافات مناوئة لاتحاد كرة القدم والنادي الأهلي والسلطات المصرية، بينما تجمع مئات آخرون أمام مبنى مديرية الأمن، للاحتجاج.

وقال شهود عيان إن «المحتجين نظموا مسيرة إلى مبنى هيئة قناة السويس حيث وقعت الاشتباكات»، وأضافوا أن «بورسعيد بدت أول من أمس، مدينة أشباح في وقت أغلقت فيه المتاجر وخلت الأسواق من الباعة والمشترين». وأوضح شهود العيان أن «المحتجين بادروا برشق قوات الجيش بالحجارة، وردت القوات بإطلاق النار في الهواء لتفريقهم، ثم أطلقت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع». وقالت مصادر أمنية إن «مئات المتظاهرين أغلقوا أمس (السبت) جميع المنافذ المؤدية إلى المدينة ومنعوا دخول أكثر من 30 ألف عامل من العاملين بالمنطقة الحرة الاستثمارية ببورسعيد من القادمين من المحافظات المجاورة، وأن مئات الحافلات تقف على الطريق وتمتد لأكثر من 40 كيلومترا، وأن مصانع المنطقة الحرة ببورسعيد لم تفتح أبوابها، مشيرين إلى أن معظم متاجر المدينة التي تعيش على التجارة أغلقت أبوابها».

وأوضح مسؤول بهيئة قناة السويس أنه تم تشديد الإجراءات الأمنية على مبنى إدارة قناة السويس عند المدخل الشمالي ببورسعيد، لافتا إلى أن حركة الملاحة بالقناة منتظمة وأنها لم تتأثر بالاحتجاجات التي وقعت في محيط مكتب إدارة القناة ببورسعيد.

ونفى المسؤول وجود علاقة بين احتجاجات أول من أمس (الجمعة) وتراجع أعداد السفن المارة بالقناة والقادمة من اتجاه بورسعيد أمس، وأوضح أن «هذا التراجع اليومي لا يقلق قناة السويس طالما أنه ليوم واحد فقط ولا يمثل ظاهرة»، وتابع أن «معدلات مرور السفن بقناة السويس سيعود إلى معدلاته الطبيعية اليوم (الأحد)».

وأوضح المسؤول، أنه لا توجد أية تهديدات مباشرة تهدد حركة الملاحة بقناة السويس في الوقت الحالي، مضيفا أن «قناة السويس تتبع نظاما أمنيا محكما لتأمين حركة المرور والسفن»، وهو ما أكد عليه البدري فرغلي، بقوله إن «القناة مؤمنة بشكل كامل».

وكانت الحكومة المصرية قد أحالت 75 متهما إلى المحاكمة الجنائية في أحداث استاد بورسعيد، مما أثار غضب أهالي المدينة الساحلية. كما حملت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشعب، المسؤولية الكبيرة لجهاز الأمن ثم الاتحاد المصري لكرة القدم ونادي المصري وهيئة استاد بورسعيد.

وكانت اشتباكات قد وقعت باستاد بورسعيد مطلع فبراير الماضي، بعد اقتحام جماهير من بين مناصري فريق المصري لأرض الملعب، عقب انتهاء المباراة بفوز المصري 3 - 1 على الأهلي، وقامت بالاعتداء على اللاعبين والجهاز الفني وبعض جماهير الأهلي الموجودة بالمدرجات، مما أدى لمقتل 73 ومئات الجرحى.

وعاشت بورسعيد وهي المدينة الوحيدة التي تعامل كـ«مدينة حرة» بمصر ويحق لها استيراد السلع من دون تحصيل رسوم جمركية، حالة ركود تجاري وكساد، منذ أحداث استاد بورسعيد، نتيجة مقاطعة المدينة من أبناء وتجار المدن الأخرى، مما اضطر الجيش إلى إرسال مساعدات غذائية لأهلها، وقيام نشطاء مصريين بتنظيم مؤتمرات ومظاهرات إلى المدينة، للمطالبة برفع الحصار عنها.