أين ذهبت دروس «برشلونة» في قضية مؤجلات الدوري السعودي؟!

عدم احترافية الأندية في التعامل مع المشكلات ينذر بفشل المنافسات المحلية

TT

«يعتزم نادي برشلونة بطل الدوري الإسباني السفر إلى لندن قبل يوم من الموعد المحدد سلفا بسبب الارتباك الذي أحدثه بركان آيسلندا، وفي ختام الخبر الذي بثته وكالة الأنباء الألمانية في مايو (أيار) الماضي التي أشارت فيه إلى أنه في أبريل (نيسان) 2010 أثناء البركان الأوروبي اضطر برشلونة لاستقلال حافلة لمدة يومين بدلا من ركوب الطائرة للسفر إلى مدينة ميلانو الإيطالية لمواجهة فريق إنتر ميلان في المربع الذهبي لدوري أبطال أوروبا، حيث خسر الفريق 1-3، مما تسبب في خروجه من البطولة، وفي خبر آخر متعلق بذات المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا العام الماضي التي جمعت فريقي مانشستر يونايتد الإنجليزي وبرشلونة الإسباني أورد موقع الفريق الكتالوني خبرا على موقع النادي وقتها يشير فيه إلى أن برشلونة قرر تقديم موعد سفره إلى لندن بسبب احتمال تأثر رحلات الطيران بسحابة من الرماد البركاني القادمة من آيسلندا، ونقل موقع النادي تصريحات على لسان توني فريكسا، المتحدث باسم إدارة النادي، أن برشلونة كان لديه 3 خيارات في ما يتعلق بالسفر إلى لندن لمواجهة يونايتد في ملعب (ويمبلي)، حيث كان بوسع برشلونة السفر بطائرة مباشرة إلى لندن مساء أمس أو بطائرة إلى باريس ثم بالقطار إلى لندن صباح اليوم، الأربعاء، أو ليلا بالقطار من إسبانيا إلى باريس ثم بالقطار في صباح اليوم التالي إلى لندن استعدادا للمباراة التي تقام السبت».

خبر لا تملك أمامه إلا الوقوف احتراما لمن يحترم العمل وينشد الاحترافية، لماذا لم يقم الاتحاد الأوروبي بتأجيل المواجهة حتى إشعار آخر؟ لماذا لم يضغط الاتحاد الإسباني على نظيره الأوروبي لتأجيل هذا اللقاء؟ لماذا لم يبادر نادي برشلونة بالاتصال بمسؤولي الاتحاد الأوروبي لتوفير وسيلة نقل أو حجوزات طيران لنقلهم للعاصمة الإنجليزية لندن؟ أفضل فريق على الصعيد العالمي حاليا، ويرضخ لمواعيد الاتحاد الأوروبي المعلنة من وقت ليس بالقصير، ولم يستغل وسائل الإعلام بالضغط على لجنة المسابقات لتأجيل هذه المواجهة، خصوصا أن برشلونة تضرر من السحب البركانية في دوري الأبطال نسخة 2010، حيث اضطر وقتها للسفر بالحافلة من إسبانيا إلى إيطاليا وقطع ما يقرب من 1000 كيلومتر لمواجهة إنتر ميلان الإيطالي في ذهاب نصف نهائي البطولة قبل أن يخسر تلك المباراة بـ1-3 ويودع البطولة التي توج فيها الفريق الإيطالي، ومطالبة برشلونة بالتأجيل قد يراه البعض حقا مشروعا كونه سيضطر للتنقل من دولة لأخرى ويعبر مسافات ليست بالقصيرة، إلا أنه لم يفكر بهذا إطلاقا بل سعى إلى توفير البدائل من خلال 3 حلول كانت على طاولته، بحسب تصريحات المتحدث الرسمي باسم النادي، المذكورة في الأعلى وبعيدا عن عيون الاتحاد الأوروبي كونه شأنا يخص برشلونة وحده.

بين ما حدث وما سيحدث في أوروبا على صعيد التأجيلات والظروف الجوية القاهرة والأحداث الخارجة عن الإرادة وكيفية التعامل معها، وما يحدث لدينا في السعودية دروس كثيرة، فلدينا تبدو أول الحلول أن يبادر النادي بمخاطبة الاتحاد السعودي ممثلا بلجنة المسابقات أو الأمانة العامة لتوفير حجوزات كونه لم يجد، الأمر الثاني أن يقوم برفع خطاب يطالب من خلاله بتأجيل المباراة حتى إشعار آخر، وهذا ما يحدث في الأغلب وهو الحل الأسهل، وقد يرى البعض أن تحديد المواعيد مسبقا كما يحدث في أوروبا أمر يحد من قضية تأجيل المباراة، وهذا بالتأكيد أمر واقع، ولكن مع وقوع ظروف جوية قاهرة كما حدث لبطل العالم 2011 (برشلونة) مرتين، وفي بطولة مهمة وتعد الأغلى من بين البطولات الأوروبية بالتأكيد هو بمثابة الدروس لنا.

ما حدث مؤخرا بعد تأجيل لجنة المسابقات مباراة الرائد والاتفاق التي كان من المقرر أن تلعب الأحد الماضي ضمن منافسات الجولة الـ23 من دوري زين السعودي للمحترفين، وذلك بسبب عدم توفر حجوزات طيران لفريق الاتفاق للسفر من مدينة الدمام إلى مدينة بريدة (حيث ملعب المباراة)، ورغم المبررات التي ساقتها لجنة المسابقات في بيانها الصادر يوم أول من أمس، فإنه يظل بعيدا عن المنطقية مهما كانت المسببات، ونادي الاتفاق لا يتحمل تقديم أو تعديل موعد المباراة بسبب معسكر المنتخب، ففي النهاية كانت هناك حلول متعددة مثل السفر إلى مدينة الرياض بالطائرة ومنها برا إلى مدينة بريدة، أو السفر مباشرة عن طريق الحافلة من الدمام وحتى مدينة بريدة، خصوصا أن المسافة بالكاد لا تتجاوز 700 كيلومتر، هنا من حق الرائد أن يتظلم ويشكو، فهو المتضرر الأكبر بكل تأكيد من قرار التأجيل كونه يبحث عن تحقيق النقاط الـ3 للابتعاد عن خطر الهبوط أمام منافس شرس وقوي كالاتفاق علاوة على الأضرار المادية التي لحقت بالفريق، بحسب تصريحات رئيس النادي، فهد المطوع، ففريق برشلونة الإسباني أيضا حدثت له قصة مقاربة لهذه المباراة، وذلك في منافسات الدوري الإسباني الموسم الماضي، حيث تعذر سفر الفريق الكتالوني لمدينة بامبلونا مقر فريق أوساسونا الإسباني لملاقاته في الجولة الـ14 من منافسات الدوري الإسباني، وذلك بسبب اضطراب المراقبين الجويين هناك، وقتها تضاربت الأنباء بين تأجيل المباراة من عدمها فبعد أن قام الاتحاد الإسباني بإشعار برشلونة بتأجيل المواجهة قدم فريق أوساسونا اعتراضا على التأجيل بسبب عدم وجود مبررات مقنعة ليعدل الاتحاد الإسباني ويقرر تثبيت المباراة في موعدها المحدد مسبقا، ويوضح أنه عدم حضور برشلونة لموعد اللقاء المحدد يعني أنه يتعرض لعقوبات تأديبية، وهو الأمر الذي أغضب الأسطورة الهولندية يوهان كرويف ليصرح: يجب على الاتحاد أن يوضح إقامة اللقاء من عدمه لأن هذا الأمر يؤخذ عليهم، في الدراجة في الحافلة الفريق سوف يرحل، ولكن ليس في هذا الوقت الضيق، وهناك أشياء يجب أن نناقشها ونعطيها المزيد من المناقشة، برشلونة بعيدة جدا، وهذا يعني سفرا طويلا من أجل خوض اللقاء، على الاتحاد الإسباني أن يصلح مثل هذه الأخطاء، وفي الأخير اضطر برشلونة لقطع ما يزيد على 700 كيلومتر لخوض اللقاء الذي تأجل فقط نصف الساعة بسبب تأخر وصول الحافلة، وهو الأمر الذي اضطر مدرب الفريق بيب غوارديولا لإجراء تمارين الإحماء في الحافلة، ورغم ذلك فإن الفريق فاز على مضيفه بـ3 أهداف وحقق لقب الدوري في نهاية الأمر.

المؤجلات في السعودية قضية لا نهاية لها ومباراة الرائد والاتفاق لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة بالتأكيد إذا استمر الحال كما هو، تعددت الأسباب واختلفت منها ما هو قريب للمنطقة ومنها ما هو بعيد عن ذلك تماما، ولكنها في النهاية تظل المؤجلات «تفسد المتعة، وتقتل الاحترافية، وتميت حدة المنافسة، وترهق لجنة المسابقات والعاملين فيها من إيجاد مواعيد بديلة وإجراء تعديلات ستثير الكثير من البلبلة حولها»، فعلى الاتحاد السعودي لكرة القدم أن يضرب بيد من حديد في هذا الشأن، ولا يقوم بالموافقة على تأجيل المباريات إلا تحت ظروف قاهرة حقيقة، فلم يلحق عدم التأجيل الضرر بالأندية اليابانية والكورية التي سطت مؤخرا على لقب الاتحاد الآسيوي، ولم يجلب النفع لأندية السعودية التي تجد كل التسهيلات خلال مشاركتها الآسيوية، وفي النهاية خروج مرير وغياب عن التتويج، ولم يلحق عدم التأجيل الضرر بالأندية الأوروبية كبرشلونة الذي اتخذناه كمثال هنا، بل أكسب المسابقات الأوروبية الاحترام، وهذا ما ينشده ويسعى إليه الجميع، وهذا هو المطلوب من اتحاد الكرة في السعودية.