البرلمان الأوروبي يبحث مع الترويكا ملف اليونان

منطقة اليورو تطالب إسبانيا بإصلاحات

مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

ناقشت اللجنة الاقتصادية والمالية في البرلمان الأوروبي بعد ظهر أمس ببروكسل مع وفد الترويكا (الذي يضم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية) آخر تطورات ملف اليونان والأوضاع المالية والاقتصادية وبرامج عمل الحكومة في أثينا للتقشف والإصلاحات وتحقيق الشروط المطلوبة، لضمان الحصول على المساعدات المالية ويأتي ذلك بعد وقت قصير من استفادة اليونان من حزمة مساعدات جديدة بقيمة 130 مليون يورو لمواجهة العجز في الموازنة.

وفي بروكسل أيضا أ كد رئيس منطقة اليورو جان كلود يونكر على ضرورة إجراء إسبانيا لإصلاحات هيكلية حقيقية، مشيرا في الوقت نفسه إلى ارتياحه إزاء الإجراءات التي تتخذها حكومة مدريد في هذا الصدد. وخلال مؤتمر عقد في بروكسل حول الأزمة الاقتصادية التي تعصف بدول منطقة اليورو قال يونكر: «من الضروري أن تجري إسبانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، إجراءات إصلاحات هيكلية حقيقية». وأضاف أنه يراقب بحالة من الرضا ما تجريه الدول المتضررة جراء الأزمة من إصلاحات وبطريقة تتسم بالشجاعة. وأشار يونكر إلى أن التعامل مع المشكلات الجوهرية ينبغي أن يتم عبر اتخاذ خطوات هيكلية، كما أبرز ضرورة عدم إغفال أهمية الشق الاجتماعي خلال المساعي لحل الأزمة. كما قال إنه يناصر تطبيق سياسات التقشف مع مزجها باستراتيجيات تهدف لدفع النمو.

من جانبه صرح الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه، بأن ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في إسبانيا ينم عن وجود مشكلة هيكلية تحتاج إلى حل. وتمر إسبانيا بأزمة اقتصادية طاحنة مع استمرار الركود وارتفاع معدلات البطالة بنحو 5.2 مليون عاطل أو ما يعادل 23 في المائة من السكان النشطين. وتعهدت الحكومة بالحد من العجز العام هذا العام إلى 5.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. يأتي ذلك فيما الوضع الاقتصادي في إسبانيا يزداد سوءا بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية التي ضربت البلاد ما جعل الكلّ يؤكد أنّ سيناريو الأزمة الإسبانية يختلف في تفاصيله عن باقي السيناريوهات الأوروبية. الإجراءات الحكومية بخفض برامج الرعاية الصحية والاجتماعية، ورفع سن التقاعد وانحسار فرص العمل بشكل لافت، أمور لم يعتدها المواطن الإسباني منذ عقود، في بلد وصلت نسبة العجز فيه إلى خمسة فاصل ثمانية في المائة، وتراجع النمو إلى واحد فاصل سبعة في المائة تحت الصفر، أما نسبة البطالة، فقد وصلت إلى أربعة وعشرين في المائة. الحكومة الإسبانية المحافظة تعتزم توفير وظائف من خلال إصلاح نظام العمل كتقديم إعفاءات ضريبية لأرباب العمل وتطبيق إصلاحات تجعل سوق العمل أكثر مرونة. إلا أن المنتقدين يعتبرون أنّ الإجراء يقوض النمو ويزيد من البطالة، على غرار رئيس الحكومة الإيطالية ماريو مونتي: «إسبانيا اعتمدت إصلاحا قويا جدا في مجال العمل من دون أي تشاور، ومن دون أن تأخذ العجز الذي تمر به بعين الاعتبار، ومنذ الأيام الأخيرة بات هذا الأمر يسبب القلق الكبير لنا ولأوروبا، وقد ارتفعت أسعار الفائدة». البطالة زادت بشكل حاد في إسبانيا لدى الفئة العمرية ما بين خمسة وعشرين وأربعة وخمسين عاما. ومعدل البطالة في إسبانيا هو الأعلى بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، المؤلف من سبعة وعشرين بلدا حيث وضع مكتب الإحصاء الأوروبي معدل البطالة بين الشباب عند نحو خمسين في المائة. من جهته دافع رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي عن سياسة المؤسسة النقدية في أزمة ديون منطقة اليورو، باعثا برسالة تفاؤل عند تأكيده أنه أمكن تفادي الأسوأ. ودعا دراجي في خطاب أمام الرابطة الفيدرالية لبنوك ألمانيا ببرلين، الحكومات لانتهاز الوقت الحالي في إجراء إصلاحات هيكلية يرى أنها يمكن أن تؤتي بثمارها على المدى القريب. وبدأ رئيس البنك المركزي الأوروبي خطابه بالحديث عن الوضع المأساوي الذي شهدته منطقة اليورو في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2011 «بسوق مصرفي مغلق تقريبا، فيما عدا المؤسسات الأقوى في البلاد الأكثر أمانا». وكذلك فقد خفضت البنوك قروضها على المدى المتوسط للشركات وتسببت المطالب الجديدة للحصول على رأس المال في تفاقم وضع القروض للشركات المتوسطة والصغيرة، وأضاف «لم يكن هناك شك في أن منطقة اليورو كانت على حافة انهيار ائتماني كبير بعواقب سلبية على الاقتصاد والتوظيف». مؤكدا «تغير الوضع بعد أربعة أشهر وتوجد مؤشرات على الاستقرار سواء في الأسواق المالية أو في الاقتصاد».