هجوم نيابي على الصحافة الأردنية على خلفية «جوازات السفر الدبلوماسية»

النقابة تدعو لمقاطعة المتطاولين على الصحافيين وتتهمهم بالبحث عن مكتسبات شخصية

TT

شن عدد من أعضاء مجلس النواب الأردني، أمس، هجوما وُصف بالعنيف على الصحافة والإعلام، ردا على ما اعتبروه «هجمة شرسة غير مبررة ضد المجلس» لإقراره قانون الجوازات العامة، الذي يمنح بموجبه جوازات سفر دبلوماسية دائمة للنواب والأعيان والوزراء العاملين والسابقين.

وقررت الأغلبية النيابية، في بدء جلسة عقدها المجلس، تفويض رئاسة المجلس عقد اجتماع خاص للمكتب الدائم مع رؤساء الكتل البرلمانية لتدارس ما سموه الهجمة الإعلامية على مجلس النواب بهدف اتخاذ الإجراءات اللازمة للرد عليها.

وقال النائب يحيى السعود، في مستهل الجلسة: «نشاهد هجمة شرسة في بعض وسائل الإعلام يشارك فيها بعض النواب»، مطالبا الصحافيين، الذين نعتهم بـ«المأجورين ويتسكعون في النوادي الليلية»، بوقف هذه الحملة، مثلما طالب بتحريك شكوى ضدهم.

وأضاف النائب طلال الفاعور أن المحطات الإذاعية والتلفزيونية تشن هجوما على النواب بسبب الجواز الأحمر، مضيفا: «ما بدنا الجواز الأحمر». وتابع قائلا: «أحد الأشخاص على إحدى الإذاعات، وهو لا يساوي شيئا، يتطاول على النواب.. يجب عليهم أن يستحوا على دمهم... أما أن نتبهدل مشان جواز، فهذا غير مقبول». من جانبه، قال النائب سالم الهدبان: «سألت إحدى الزميلات: لماذا تتحدثين عن مجلس النواب بهذا الشكل عبر وسائل الإعلام؟ فقالت: نكاية لعدم تحويل ملف الفوسفات إلى المحكمة». وأضاف: «لا نريد تقاعدا ولا نريد جوازا أحمر».

أما النائب علي الخلايلة، فقال: إن حديث بعض الصحافيين عن هذا المجلس «تجاوز الحدود». واقترح أن «يحيل مجلس النواب كل من تجاوز من الصحافيين على المجلس إلى المدعي العام».

واعتبرت النائبة أمل الرفوع أن «مشكلتنا ليست في الإعلام، إنما مع النواب الذين يزايدون علينا». وأضافت: «يوجد نواب شبعوا وامتلأت جيوبهم، وهؤلاء نطالب برفع الحصانة عنهم».

وقال النائب مازن القاضي: «نحن مجلس نواب محترم ونتحمل المسؤولية.. ولسنا موظفين عموميين؛ لذلك يجب ألا نعمل برد الفعل تجاه أي شخص.. وعلينا تحمل الصغيرة والكبيرة والمضي قدما في تحمل المسؤولية الوطنية، وألا نقف عند أي شخص يشتم المجلس، ورئاسة المجلس لديها القدرة على معالجة الأمر».

ودعا النائب محمود الخرابشة فقال «أرجو ألا نرهب بعضنا فكريا.. وهذه القبة تتسع لجميع الآراء، وهذا المجلس أدى دورا رقابيا رفيعا». وأضاف: «الصحافة تكمل عملنا.. ونحن والصحافة في خندق واحد، وإذا كانت هناك بعض الهفوات من هنا وهناك فإنه يجب تجاوزها، وعلينا أن نحترم الدستور الذي كفل حرية الرأي والتعبير.. فكلنا ضد النقد الجارح».

وقال النائب غازي مشربش: «أعتقد أن تجاوزات الإعلاميين حاليا هي جزء من برمجة التعدي على هيبة الدولة.. فأين الإعلاميون من مجلس النواب الرابع عشر عندما أخذ النواب فيه سيارات من دون جمرك وشيكات؟»، مضيفا: «الذي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة.. فأين وصلت لائحة الإعلاميين الذين أخذوا آلاف الدنانير؟». وأدان مجلس نقابة الصحافيين ما ورد من ألفاظ نابية على ألسنة بعض النواب تجاه الصحافيين. وقال في بيان إن ما صدر عن «ألسنة نواب يعبر عن إفلاس سياسي، خصوصا في ظل انشغال بعضهم في البحث عن مكتسبات شخصية على حساب الوطن والمواطن».

واستغرب مجلس النقابة بشدة «اختزال نواب لقضايا الوطن الكبرى والوطن يمر بمرحلة حرجة بالبحث عن مكتسبات تتنافى والمنطق القائل إن العمل النيابي عمل تطوعي هدفه خدمة الوطن وتعظيم بعدي التشريع والرقابة».

واعتبر المجلس، وفقا للبيان، أن «شعور بعض النواب بأن مجلسهم فقد شرعيته السياسية والشعبية ويواجه انتقادات حادة من مختلف الشرائح دفع إلى فقدان البعض لتوازنه السياسي، وأصبح يكيل الاتهامات جزافا وبلا مراعاة للقيم السامية».

وقال البيان إن مجلس النقابة، وهو يدين بأشد العبارات ما ورد من اتهامات لا أساس لها بحق الصحافيين والإعلاميين، ليؤكد أن «مسار مجلس النواب خرج عن سياقه المفترض وبات عبئا على الوطن، سياسيا وماديا، وهو ما يتطلب من عقلاء المجلس ترشيد مواقفه وأن يكون السلوك أو التصريح النيابي منسجما مع قيمة المجلس».

وشدد مجلس النقابة على ضرورة احترام كل الجهات للصحافيين وهم يقومون بواجباتهم المهنية إنفاذا لرسالتهم السامية في خدمة القضايا الوطنية من دون البحث عن مكتسبات أو تحقيق منفعة ذاتية. ودعا مجلس النواب إلى «تحمل مسؤولياته الوطنية بشكل حقيقي وكامل وأن يكون سلطة تشريعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. وأن يوقف بعض نوابه بحثهم المستمر عن أطراف يحملونهم مسؤولية فشلهم في القيام بواجباتهم المفترضة، وتحميل الغير مسؤولية الأخطاء التي يرتكبونها وتؤدي في محصلتها إلى أضرار بليغة بمسار الإصلاح الوطني الذي تنشغل مكونات الوطن في تحقيقه بينما بعض النواب تشغلهم مصالح ذاتية زائلة يصرون عليها من دون مراعاة لظروف الوطن الصعبة، سياسيا وماديا».

ولفت البيان إلى أنه، وبمعزل عن بعض التصرفات والتصريحات التي لا تقوم على أساس أخلاقي وعقلاني، فإن مجلس النقابة يؤكد احترام السلطة التشريعية ودورها الوطني، كما يؤكد أن المشكلة ليست في هذه السلطة، وإنما في بعض أشخاصها.

ودعت النقابة المؤسسات الإعلامية، الرسمية والخاصة، إلى مقاطعة كل نائب تطاول وتهجم على القطاع الصحافي والإعلامي بعبارات غير لائقة، انتصارا لكرامة الزملاء والمهنة، مشددة على احترامها وتقديرها لأي نقد بنَّاء وموضوعي من غير تجريح ولا افتئات. وقدرت في ختام بيانها مواقف النواب الذين يدعمون وسائل الإعلام ويدافعون عن دور الصحافة الرقابي وحرية الرأي والتعبير.