مصر: انقسامات داخلية في صفوف «الإخوان» حول الانتخابات الرئاسية

أزمة غير مسبوقة في تاريخ الجماعة ستؤثر على مصداقية الإسلاميين

TT

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر انعقادها في شهر مايو (أيار) المقبل، تشهد جماعة الإخوان المسلمين في مصر انقسامات شديدة حول ما إذا كان ينبغي للجماعة تقديم مرشح أم لا. وكانت الجماعة قد وعدت منذ أكثر من عام بأنها لن تدخل السباق الرئاسي، في محاولة لتهدئة المخاوف الشعبية من سيطرتها على مقاليد الأمور في البلاد عقب الإطاحة بالرئيس السابق، حسني مبارك.

ومع ذلك، أشار مسؤولو الجماعة الأسبوع الماضي إلى أن الجماعة قد تتقدم بمرشح للانتخابات الرئاسية، وهو ما أثار انتقادات من جانب خصومها السياسيين، فضلا عن بعض أعضاء الجماعة نفسها الذين أكدوا أن العدول عن القرار السابق سيكون بمثابة ضربة قوية لسمعة الجماعة ومصداقيتها.

ويأتي هذا الانقسام الداخلي بعد أشهر من محاولة الجماعة توخي الحذر في كل القرارات والخطوات التي تتخذها. وبينما تسعى الجماعة إلى القيام بدور مهيمن في الحكومة المصرية، فإنها مترددة في السيطرة الكاملة على مقاليد الأمور، خوفا من أن يؤدي هذا إلى إثارة مخاوف الغرب والليبراليين. وعلاوة على ذلك، يدرك أعضاء الجماعة جيدا أن العام المقبل سيشهد فترة انتقالية عصيبة، وأن السيطرة الكاملة على مقاليد الأمور قد يجعل الجماعة هدفا سهلا للانتقادات.

وحتى الآن، حسب آراء المحللين، تعمل الجماعة على الحصول على ما يكفي من السلطة للتحكم في الأمور فقط، في الوقت الذي تسمح فيه للآخرين بالدخول في هذا المعترك السياسي لكي يتحملوا جزءا من المسؤولية، ولكن الحصول على كرسي الرئاسة سوف يسلب منهم هذه الدرع، ويضع المسؤولية بالكامل على عاتق الجماعة وحدها. وصرح مسؤولون في الجماعة بأنهم يتوقعون أن تتخذ الجماعة القرار النهائي في هذا الشأن خلال اجتماع الهيئة التنفيذية (أمس).

وقال عضو بارز في الجماعة، طلب عدم الكشف عن هويته: «إنها أزمة غير مسبوقة في تاريخ الجماعة، فالتخلي عن كلمتها السابقة يعد خطأ، لأن هذا سيؤثر على مصداقية الإسلاميين».

وفي بيان صحافي يوم أول من أمس، الاثنين، قال المرشد العام للجماعة، محمد بديع، إن الجماعة كانت تدرس فقط الدفع بمرشح للرئاسة لأنها تشعر بالقلق من نجاح أشخاص تابعين للنظام السابق ومدعومين من قبل المجلس العسكري الحاكم، إذا لم تقم الجماعة بالدفع بمرشح من جانبها. وأضاف بديع في البيان: «إننا بالتأكيد لا نسعى إلى السلطة في حد ذاتها».

وفي الوقت نفسه، قالت الصحف المحلية يوم أول من أمس، الاثنين، إن عمر سليمان، وهو رئيس جهاز المخابرات المصري في عهد مبارك، قد يخوض الانتخابات الرئاسية.

وكانت جماعة الإخوان المسلمين - التي برزت كلاعب قوي على الساحة السياسية بعد عقود من الاضطهاد من قبل نظام مبارك العلماني والاستبدادي - قد تراجعت عن أكثر من وعد سياسي، حيث كانت قد أعلنت أن جناحها السياسي المتمثل في حزب الحرية والعدالة سوف يخوض الانتخابات البرلمانية للحصول على ثلث مقاعد أول برلمان يتم تشكيله عقب الثورة المصرية، ولكنها دفعت بمرشحين أكثر مما أعلنت واستحوذ أعضاؤها على أقل من نصف المقاعد البرلمانية بقليل.

وعلاوة على ذلك، قامت الجماعة بإلغاء عضوية العضو الإصلاحي البارز عبد المنعم أبو الفتوح بعدما تحدى قرار الجماعة وقرر الترشيح للانتخابات الرئاسية. وتشير الدلائل إلى أن المرشح الذي تنوي الجماعة الدفع به في الانتخابات الرئاسية هو الممول الأكبر للجماعة خيرت الشاطر، الذي يمثل التيار الأكثر تشددا في الجماعة.

وخلال الأسبوع الماضي، ذهب نحو 200 عضو من الأعضاء الشباب في الجماعة إلى مقر الجماعة لمطالبتها باحترام كلمتها وعدم الدفع بمرشح في الانتخابات الرئاسية، كما حثوا قيادات الجماعة على التوقف عن فصل أعضائها بسبب انضمامهم لأحزاب سياسية أخرى.

وقال محمد الحديدي، وهو عضو في الجماعة وزوج ابنة خيرت الشاطر، إن الإخوان المسلمين جماعة فكرية وليست جماعة سياسية، وأضاف في مقابلة شخصية معه: «حصلنا على كل هذه المقاعد البرلمانية بسبب السمعة المعروفة عنا بأننا صادقون. ونحاول الحفاظ على تلك السمعة، ولكن فصل الأعضاء بسبب انتمائهم السياسي يعكس سوء سلوك الجماعة تجاه أعضائها، فماذا يكون الوضع عندما تسيطر الجماعة على الحكومة؟ وكيف تتعامل مع المصريين الآخرين الذين قد يتبنون آراء أخرى؟».

وكانت الجماعة تعتزم الكشف عن قراراها النهائي في ما يتعلق بقضية الترشح للانتخابات الرئاسية يوم الجمعة الماضي، ولكن يبدو أنها قد أجلت ذلك القرار بسبب الانتقادات الشديدة التي تعرضت لها. وقد نفى أعضاء بارزون في الجماعة وجود أي خلاف داخلي حول تلك القضية.

ومن جانبه، قال الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمود حسين: «12 شخصا من خارج مكتب الإرشاد لا يعد احتجاجا». وقد اتسعت دائرة المعارضة على ما يبدو يوم أول من أمس، الاثنين، حيث حث محمد البلتاجي، وهو عضو بارز في حزب الحرية والعدالة، على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، الجماعة على عدم الدفع بمرشح لها في الانتخابات الرئاسية، ودعاها إلى الاعتراف بأخطائها.

* أسهمت في كتابة التقرير إنجي حسيب.

ــــ خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»