الآلاف يتظاهرون تأييدا للانقلابيين في مالي.. وتسوية تلوح في الأفق

المجلس العسكري يقر دستورا جديدا عشية وصول بعثة من مجموعة غرب أفريقيا

الآلاف تظاهروا رافعين شعارات ترفض التهديدات الأجنبية بفرض عقوبات ضد الانقلابيين، في باماكو أمس (رويترز)
TT

تظاهر آلاف الأشخاص أمس في باماكو تعبيرا عن دعمهم للمجموعة العسكرية التي أطاحت بالرئيس المالي أمادو توماني توري، ويبدو أنها اقتربت من تسوية حول مرحلة انتقالية قبل تنظيم انتخابات. وكانت المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي منذ انقلاب 22 مارس (آذار) الحالي، قد أعلنت مساء أول من أمس عن اعتماد دستور جديد، وذلك عشية زيارة عدد من رؤساء دول مجموعة غرب أفريقيا التي صعدت اللهجة مؤخرا مطالبة بـ«عودة سريعة إلى النظام الدستوري».

وعبر المتظاهرون عن دعمهم للمجموعة العسكرية وهم يرفعون لافتات كتب عليها «ليسقط أمادو توماني توري» و«تسقط الأسرة الدولية» و«تعيش المجموعة العسكرية». كما رددوا هتافات تأييد لرئيس المجموعة العسكرية الكابتن أمادو سانوغو. وصرح أحد هؤلاء المتظاهرين بأن «سانوغو جاء لتحرير البلاد. آمل أن يضعها في المسار الصحيح، وأثق فيه بنسبة مائة في المائة».

وقال بيان تلاه عسكري عبر التلفزيون العام مساء أول من أمس إن «اللجنة الوطنية من أجل النهوض بالديمقراطية وترميم الدولة» (المجلس العسكري) «أقرت النص الأساسي» وهو دستور يتضمن سبعين بندا سيطبق خلال الفترة الانتقالية. وتنص مقدمة الدستور على أن الشعب المالي «يؤكد رسميا تصميمه على ترسيخ دولة الحق والديمقراطية التعددية التي تضمن حقوق الإنسان الأساسية». ويقضي «النص الأساسي» بألا يسمح لأي من أعضاء المجلس العسكري وحكومته المقبلة بالترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية التي تعتزم السلطات العسكرية تنظيمها، من دون أن يحدد تاريخ هذه الانتخابات ولا مدة الفترة الانتقالية. وسيكون المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية «الهيئة العليا»، فيما يكون قائده الكابتن أمادو سانوغو «رئيس الدولة» وهو الذي سيعين حكومة.

ونفذ العسكريون انقلابا في 22 مارس أطاح بالرئيس أمادو توماني توري قبل بضعة أسابيع من الانتخابات الرئاسية المقررة أساسا في 29 أبريل (نيسان) المقبل، مما أثار موجة تنديد دولية بالإجماع وإدانة من الطبقة السياسية المالية بكاملها تقريبا. وتؤكد السلطات الجديدة التي تضم بشكل أساسي ضباطا أنها نفذت الانقلاب إثر فشل الرئيس في التصدي لحركة تمرد يشنها الطوارق منذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي في الشمال.

من جهة أخرى، صرح وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسولي لإذاعة فرنسا الدولية (آر إف آي) بأن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا طرحت مسألة «انتقال السلطة» الذي سيتم بقيادة ديونكوندا تراوري رئيس الجمعية الوطنية التي حلها الانقلابيون. وأضاف «إذا كانت هذه الصيغة تسمح بالخروج من الأزمة فلم لا؟ أعتقد أن الرئيس أمادو توماني توري لن يجد فيها أي مشكلة، فهو الذي دعا باستمرار إلى السلام والاستقرار والديمقراطية».

وكانت قمة استثنائية لرؤساء دول غرب أفريقيا قررت أول من أمس في أبيدجان إرسال وفد يضم عددا من الرؤساء خلال 48 ساعة إلى مالي من أجل «السماح بعودة سريعة إلى النظام الدستوري» في هذا البلد. وسيكون هذا الوفد برئاسة رئيس ساحل العاج الحسن وتارا والرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو - 15 دولة) وسيضم رؤساء بوركينا فاسو بليز كومباوري، وبنين بوني يايي، وليبيريا ايلين جونسون سيرليف، والنيجر محمدو يوسفو، ونيجيريا غودلاك جوناثان.

وقد وصل وفد يضم رؤساء أركان دول غرب أفريقيا إلى باماكو للإعداد لزيارة رؤساء الدول. وقال مصدر ملاحي إن «الوفد وصل في رحلة خاصة إلى مطار باماكو الدولي»، موضحا أن الوفد «يضم ثمانية رؤساء أركان أو مندوبيهم». وعين رئيس بوركينا فاسو وسيطا في الأزمة المالية، وكلف «بمهمة التواصل مع جميع الأطراف لإقامة حوار مثمر من أجل إعادة السلام إلى البلاد». وحذر رؤساء دول غرب أفريقيا من أنه «في حال عدم التزام الحركات بهذا القرار، فإن المؤتمر سيتخذ جميع الإجراءات من أجل وضع حد للتمرد، وسيحرص على الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي مالي بما في ذلك باستخدام القوة». وكان وزير التعاون الفرنسي هنري دي رانكور تحدث الأحد الماضي عن نقل السلطة، مؤكدا أن الدستور المالي ينص على تولي رئيس الجمعية الوطنية رئاسة البلاد إذا لم يتمكن الرئيس من ممارسة مهامه.

وفي مواجهة عزلته المتزايدة، يراهن المجلس العسكري على تطبيع الوضع في البلاد. وبعد إعادة فتح الإدارات والمتاجر أول من أمس تأكيدا على عودة النشاط بشكل شبه طبيعي في باماكو، أعلن المجلس في المساء ذاته عن الرفع الفوري لحظر التجول الليلي وإعادة فتح الحدود اعتبارا من صباح يوم أمس. وأفرج المجلس العسكري مساء أول من أمس عن مرشحين للانتخابات الرئاسية هما رئيس الوزراء السابق موديبو سيديبي ورجل الأعمال جميل بيطار، بعدما اعتقلهما منذ الانقلاب مع 12 شخصية أخرى بينهم وزراء في النظام السابق.