بريطانيا: تقصير العائلات والمدارس المسؤول الأول عن «أحداث الشغب»

تقرير يحدد دوافع ما شهدته لندن العام الماضي والحلول الممكنة

تقرير بريطاني قال إن نحو 15 ألفاً شاركوا في أعمال الشغب التي اجتاحت إنجلترا العام الماضي، معظمهم دون سن عاما 24 ومستوياتهم التعليمية ضعيفة (إ.ب.أ)
TT

حمل تقرير بريطاني صدر أمس العائلات والمدارس البريطانية، المسؤولية الأولى عن أحداث الشغب التي شهدتها بريطانيا العام الماضي والتي كانت بمثابة صدمة للحكومة والشعب معا، خاصة مع فقدان الشرطة سيطرتها على الأوضاع مما تسبب في خسائر اقتصادية جسيمة وحالة من الفوضى عمت العاصمة البريطانية.

وهذا التقرير يحدد أهم الدوافع التي أدت إلى أحداث الشغب، والتي جاء في مقدمتها تقصير الآباء والأمهات وتركيزهم على الجوانب المادية في العناية بأبنائهم، بالإضافة إلى فقدان الثقة في الشرطة التي لم تتعامل بشكل فعال مع الأحداث، مما طرح ضرورة إعطاء الشرطة البريطانية الحق في استعمال السلاح لمواجهة مثل هذه الأحداث، وكانت إدارة تفتيش الشرطة قد أصدرت تقريرا بعد أحداث الشغب أكد ضرورة أن تطلق الشرطة الرصاص على «المخربين الذين يعرضون حياة المواطنين للخطر في وقت حدوث أعمال الشغب وأن استخدام الأسلحة النارية له ما يبرره إذا كانت أعمال المشاغبين تهدد أمن وسلامة الناس».

وكشف استطلاع للرأي أجري حديثا عن أن 50% من البريطانيين يعتقدون أن قوات الشرطة لم تتخذ إجراءات مشددة بما فيه الكفاية في التعامل مع المشاغبين، وطالب ثلث المشاركين في الاستطلاع بأن يستخدم ضباط الشرطة الأسلحة النارية في مثل هذه الحالات.

وأضافت اللجنة في تقريرها أن على المدارس مساعدة الأطفال على بناء شخصياتهم، مشيرة إلى «عدم حصول العوائل على الدعم الذي يحتاجونه». وأثارت أحداث الشغب الكثير من المسائل المتعلقة بالجانب الاجتماعي والتعليم أيضا وما تعانيه المدارس العمومية البريطانية من ضعف سواء في البرامج التعليمية أو الالتزام والسلوك داخلها.

وقالت اللجنة التي شكلت العام الماضي: إن نحو 500 ألف أسرة عانت من التجاهل. وحضت اللجنة البريطانية المستقلة الحكومة والمؤسسات العامة على تطوير استراتيجية «لمساعدة نحو نصف مليون أسرة على تغيير أنماط حياتهم. كما أوصت اللجنة بمعاقبة المدارس التي تفشل في تحقيق أقل معدلات محو أمية الأطفال ماليا.

كما أثارت اللجنة مسألة وسائل التواصل الاجتماعي والدور الذي لعبته في إلهاب فتيل الأحداث حيث سهلت التواصل بينهم وتحديد مواعيد «هجوماتهم» وخروجهم بشكل جماعي، ولكنها في نفس الوقت أشارت إلى ضرورة أن تعتمد الشرطة في المستقبل على هذه الوسائل من أجل السيطرة على الأوضاع. كما كشف التقرير المستقل على أن فقدان الدعم وانعدام الفرص للشباب الذين يواجهون البطالة والإحباط والخيبة لعدم تمكنهم من تحقيق أحلامهم كان سببا في اندلاع حوادث الشغب. واقترحت اللجنة أن تسارع الحكومة بتقديم الحلول ومنها: «تقديم وعد بالعمل لكل عاطل لمدة سنة، ومنح وظيفة لكل من يعمل لسنتين أو أكثر»، وطالبت اللجنة بضرورة تعاون أصحاب المشاريع في حل مسألة الشغيل. وأشار أيضا التقرير إلى ضرورة مراجعة أساليب شركات الإعلان التي تمارس «ضغطا» على الشباب عبر «دعوتهم لضرورة امتلاك منتوجات بعينها» وهذا ما استنتجته اللجنة التي لاحظت أن الشباب قاموا خاصة بنهب المنتوجات التي تحمل أسماء «ماركات» عالمية باهظة الثمن.

وأنشأت الحكومة البريطانية موقعا على الإنترنت متخصصا في توجيه النصائح والإرشادات للمواطنين بشأن سبل التكيف والتعامل مع اضطرابات كتلك التي عصفت بمدن إنجلترا.

وكانت الحكومة البريطانية قد كلفت لجنة مستقلة هي «لجنة حوادث الشغب والمجتمعات والضحايا» للبحث في أسباب العنف الذي مارسه من قاموا بأعمال الشغب، وشددت على أن يراعوا في ذلك ما هي الدوافع التي حركت جماعات صغيرة للمشاركة في الأحداث، لماذا أحداث الشغب قامت في مناطق عن أخرى، وكيف تعاملت أجهزة الخدمات العمومية قبل وأثناء وبعد أعمال الشغب، ما الذي حرك سكان بعض المناطق للتحرك بشكل جماعي في مواجهة الأحداث ومقاومتها ثم تنظيف ما تعرضت له مناطقهم، ما الذي يمكن أن يجعل الناس أكثر مرونة اقتصاديا واجتماعيا، لتجنب مشاكل في المستقبل؟ وكذلك بحث الوسائل التي كان من الممكن اعتمادها لتجنب ما حدث.

وذكر التقرير أن ما يقرب من 15 ألف شخص شاركوا في أعمال الشغب التي اجتاحت إنجلترا، معظمهم دون سن الرابعة والعشرين، ومستوياتهم التعليمية ضعيفة.

وكانت أعمال شغب قد اندلعت في عدة مدن إنجليزية في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي احتجاجا على مقتل شاب يدعى مارك دوغان برصاص الشرطة في أحد أحياء لندن. وقام محتجون بعمليات نهب وحرق ومواجهات مع الشرطة البريطانية أدت إلى إصابة العشرات واعتقال المئات من الأشخاص.

واضطر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ووزيرة داخليته تيريزا ماي إلى جانب عمدة لندن بوريس جونسون وزعيم المعارضة إد ميليباند إلى قطع إجازاتهم الصيفية وعقدت جلسة طارئة للبرلمان لمناقشة الأحداث.