استمرار خلافات «تأسيسية الدستور».. وتحذير حكومي من استئثار فصيل بصياغته

TT

قالت مصادر برلمانية مطلعة، أمس: إن المشاورات بين القوى السياسية المصرية بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد لن تلتئم مجددا قبل حسم الخلافات حولها، مشيرة إلى أن المجلس العسكري يلعب دورا للتوفيق بين الأطراف المتنازعة، لكن لا توجد مؤشرات على انفراجة قريبة، بسبب تعنت التيار الإسلامي المسيطر على الجمعية التأسيسية في التنازل لممثلي القوى الليبرالية واليسارية وغيرها من الشخصيات الدستورية والقانونية.

وقال القيادي السلفي ياسر القاضي، وهو عضو في لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان: إن التنسيق بين السلفيين والإخوان بشأن الجمعية التأسيسية للدستور هو المحطة الأخيرة في التفاهم بين الطرفين، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «صراع الإخوان والسلفيين حتمي». وأشار إلى أن التشكيل النهائي للجمعية التأسيسية كان معدا سلفا بالتنسيق بين الإخوان والسلفيين.

من جانبه، أكد الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، أهمية منح الأولوية في البلاد في المرحلة الحالية لكتابة الدستور «لأنه سيحدد طبيعة العقد الاجتماعي وطبيعة الحاكم وسلطات المؤسسات الأخرى». وحذر عبد الخالق، في كلمة في مؤتمر اقتصادي عُقد أمس بجامعة القاهرة، من استئثار أي فصيل سياسي بصياغة الدستور، قائلا: إن مصر تتعرض لضغوط هائلة على المستويين الخارجي والداخلي، كما تعاني على الصعيدين السياسي والاقتصادي مرحلة حرجة تحتم تضافر جميع الجهود الوطنية للخروج من هذه الأزمة، لكن مع منح الأولوية لوضع الدستور. واستمرت الاحتجاجات المناوئة للجمعية التأسيسية للدستور، التي يهيمن عليها التيار الإسلامي في محافظات بالدلتا (شمالا) وفي محافظات بالصعيد (جنوبا). وينظم طلاب جامعة كفر الشيخ مظاهرة صباح اليوم الأحد في جامعتهم ضد «تأسيسية الدستور»، وذلك بعد تنظيم قوى سياسية مظاهرات الليلة قبل الماضية في مدن بصعيد مصر (جنوبا). وهيمنت قضية تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور على الكثير من الفعاليات أمس وأول من أمس. وقال الداعية السلفي محمد حسان: إن الإخوان أو السلفيين أو العلمانيين لا يستطيعون أن يحملوا مصر ويحكموها بمفردهم. وأضاف، متحدثا عن أزمة جمعية الدستور، إنه رفض العضوية فيها، متسائلا، خلال حديث ديني أذاعته قناة «الرحمة»: «ما علاقتي بكتابة الدستور؟ وما علاقة الطبيب الفلاني أو المهندس الفلاني؟»، مشيرا إلى أن كتابة الدستور «تحتاج إلى مجموعة من الخبراء المتخصصين، ثم بعد ذلك يُستفتى شعب مصر العبقري».

ويأخذ الكثير من المراقبين على التيار الإسلامي هيمنته على تأسيسية الدستور، استنادا على أغلبيته في البرلمان، ومنذ الإعلان عن تشكيل الجمعية التأسيسية، قبل أسبوع، انفض عنها عدد من أعضائها الليبراليين واليساريين وممثلي الأزهر والمحكمة الدستورية، وغيرهم من طلاب الدولة المدنية. وعقدت الجمعية اجتماعا وحيدا يوم الأربعاء الماضي، ثم توالت بعدها الانسحابات من تيارات ورموز معتبرة، مما جعل المجلس العسكري يتدخل للبحث عن صيغة توافقية بين الفرقاء، لكن المصادر تقول: «إن هذا التوافق يبدو أنه ما زال بعيد المنال».

من جانبه، أكد المستشار محمود حلمي الشريف، المتحدث الرسمي لنادي قضاة مصر، أن النادي يرفض الطريقة التي تم بها تشكيل الجمعية التأسيسية، لكنه قال إن أمر الانسحاب أو عدم الانسحاب لرئيس مجلس القضاء الأعلى، المستشار حسام الغرياني، يعود إليه، مضيفا: «لا أحد يقبل أن يستمر في لجنة تدور الكثير من علامات الاستفهام حول مدى قانونيتها ودستوريتها»، وفقا لما نقله عنه موقع «اليوم السابع» المصري أمس، وهو الموقع الذي انتهى إلى استطلاع رأي بين زائريه يقول إن 50% منهم يتوقعون حدوث توافق بين القوى السياسية حول تأسيسية الدستور.

وتوقع البرلماني السلفي ياسر القاضي أن ينتهي التفاهم بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان بصدام عنيف، قائلا: «إن المصالح المتناقضة بين الطرفين ستقودهم إلى لحظة الحقيقة؛ حيث سيطالب كل طرف منهما بمزيد من المكتسبات».

ونحى القاضي باللائمة على التيار السلفي الممثل في البرلمان بعدة أحزاب على رأسها حزب النور، الذي يملك ثاني أكبر كتلة برلمانية بعد حزب الحرية والعدالة الإخواني، قائلا إن حداثة عهد السلفيين بالسياسة كانت وراء اتباعهم لسياسات الإخوان المسلمين، متوقعا أن تنتهي هذه التبعية خلال الفترة القليلة المقبلة.

وقال القاضي: «إن التنسيق بين السلفيين والإخوان بشأن الجمعية التأسيسية للدستور هو المحطة الأخيرة في التفاهم بين الطرفين؛ فصراع الإخوان والسلفيين حتمي»، مشيرا إلى أن التشكيل النهائي للجمعية التأسيسية كان معدا سلفا بالتنسيق بين الإخوان والسلفيين.