الصين تكثف الحرب على الإنترنت إثر شائعات عن «انقلاب»

اعتقالات واسعة وإغلاق عدة مواقع ومحو عدد ضخم من الرسائل «المسيئة»

TT

أعلنت الصين، أمس، عن قيود كبرى على استخدام المدونات وإغلاق عدة مواقع إنترنت، اتهمت بإطلاق «شائعات» حول انقلاب في بكين، وتوقيف المئات بتهمة ارتكاب مخالفات على الإنترنت.

واعتقلت الشرطة 1065 مشتبها به، وقامت بمحو 208 آلاف رسالة «مسيئة» خلال حملتها على مواقع الإنترنت، التي تشنها منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي، كما أعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية، أمس. وقالت الوكالة إن مشغلي أكثر من ثلاثة آلاف موقع إنترنت تلقوا تحذيرات في إطار هذه الحملة الهادفة (بحسب قولها) إلى مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات والمنتجات الكيميائية الخطيرة، وكذلك الاتجار بالأعضاء البشرية وبيع معلومات شخصية.

ويأتي تشديد القيود هذا بعد 15 يوما على إقالة بو تشيلاي القيادي السياسي الذي أراد كسر صورة الوحدة التي يريد الحزب الشيوعي الصيني إعطاءها. وأثار هذا الحدث تكهنات كثيرة على المواقع الإلكترونية. وعلقت أبرز مدونتين في الصين «سينا وايبو» و«تنسنت كيو كيو»، أمس، خدمة نشر المطلعين على الإنترنت تعليقات بهدف التصدي «للشائعات المسيئة»، كما قالتا. وأعلنتا أن هذا الإجراء يبقى ساريا حتى الثالث من أبريل (نيسان) الحالي، بينما تبدي السلطات قلقا متزايدا من سيل الانتقادات التي تنشر عبر المدونات.

وهاتان المدونتان تحظيان بشعبية كبرى في الصين من أجل التعبير عن شكاوى التجاوزات أو الفضائح. وبحسب المراقبين فإنهما تلعبان دورا حاسما في كيفية توجيه الرأي العام.

وبررت «تنسنت» بالقول إن «الشائعات والمعلومات غير الشرعية والمسيئة التي بثت عبر المدونة خلفت عواقب اجتماعية مضرة». وأضاف هذا الموقع البارز في الشبكات الاجتماعية أن «التعليقات تتضمن كمية كبرى من المعلومات المسيئة. من الضروري القيام بتطهير». من جهته، قال موقع «سينا» الذي يملك أكبر خدمة تدوين في البلاد «سينا وايبو» إنه «بين الساعة الثامنة 31 مارس (آذار) والثامنة في 3 أبريل (نيسان) ستعلق خدمة التعليقات مؤقتا».

لكن الصينيين مستخدمي الإنترنت الذين يخضعون أساسا لحظر كبير يحجب على سبيل المثال مواقع «تويتر» و«فيس بوك» و«يوتيوب»، سارعوا إلى التعليق على هذه الإجراءات الجديدة. وقال «المحامي 80» على موقع «وايبو» إن «وقف تعليقات كل مستخدمي المدونات يشكل مساسا بحرية التعبير، وذلك سيبقى محفورا في التاريخ». ومن جهته، دعا بينغ تشاويون وهو ناشط أيضا على الإنترنت، زملاءه إلى حشد صفوفهم خشية تفاقم حملة القمع. وقال: «إذا بقيتم صامتين اليوم في وقت قطعت فيه التعليقات، فستواصلون لزوم الصمت غدا حين تغلق المدونات وسيسكت كل الناس في اليوم الذي ستوقفون فيه».

وأعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة، أمس، أن السلطات الصينية فرضت إغلاق 16 موقعا إلكترونيا. وقالت الشرطة كما نقلت عنها وكالة الأنباء الرسمية إن هذه المواقع أشارت إلى «دخول آليات عسكرية إلى بكين، وأمور أخرى غير طبيعية» تحصل في العاصمة الصينية. وتأتي هذه الحملة بعد الشائعات حول انقلاب بقيادة مسؤول الأمن زهو يونغكانغ، إثر إقالة القيادي بو تشيلاي في مارس (آذار) الماضي. ويرى محللون أن هذه الخطوة السياسية أظهرت إلى العلن الانقسامات في الحزب الشيوعي الحاكم، في وقت يستعد فيه لانتقال كبير في قيادته في وقت لاحق هذه السنة.

وأقيل مسؤول الحزب الشيوعي في مدينة تشونغكينغ (غرب وسط) بو تشيلاي، الذي يتمتع بشعبية فيما كان يطمح إلى الانضمام في الخريف المقبل إلى أعضاء اللجنة الدائمة في المكتب السياسي للحزب، التي تشكل قلب السلطة. وانضم بو بعد سقوطه إلى ذراعه اليمنى السابق، وانغ ليجون، وهو قائد شرطة أدت ممارساته المتشددة إلى معاقبته بعد زيارة غريبة إلى قنصلية أميركية حيث أشارت معلومات إلى أنه حاول الحصول على اللجوء السياسي.

وفي افتتاحيتها، أمس، كتبت صحيفة «الشعب» الناطقة باسم الحزب الشيوعي أنها تتعهد بمعاقبة المسؤولين عن «الأكاذيب والتكهنات». وقالت الصحيفة إن «الشائعات على الإنترنت تقوض معنويات الشعب، وإذا خرجت عن السيطرة فإنها تضر بخطورة بالأمن العام وبالاستقرار الاجتماعي».

وفي الصين، حيث تخضع الصحافة لرقابة الدولة، نحو نصف مليار مستخدم إنترنت. وقد شددت السلطات في الأشهر الماضية الخناق على هذه المجموعة. ويتابع الحزب الشيوعي بانتباه تطورات الربيع العربي، إدراكا منه للدور الكبير الذي لعبته الشبكات الاجتماعية في حركة تعبئة المحتجين المطالبين بالديمقراطية.