نساء الرئيس ساركوزي كلهن شمرن عن سواعدهن لدعمه في معركته الانتخابية

برناديت ورشيدة وناتالي وراما وكارلا وحتى الطليقة سيسيليا

كارلا بروني تحرص على الظهور بجانب زوجها في حملته الانتخابية (أ.ف.ب) وبرناديت شيراك ورشيدة داتي في لقاء انتخابي لصالح حملة نيكولا ساركوزي (رويترز) وسيسيليا زوجة ساركوزي السابقة
TT

«نحن أناس بسطاء.. نأكل السباغيتي».. هذا ما قالته كارلا بروني وهي تدافع عن زوجها الذي يخوض معركة انتخابية حرجة للفوز بولاية ثانية، بعد أن اتهمه خصومه بأنه «رئيس الأغنياء فقط»، لكن عبارة مدام ساركوزي، الوارثة والمغنية الثرية ومالكة القصور، تحولت إلى نكتة بين الفرنسيين ولم تنفع زوجها في شيء. ولما أرادت كارلا تكحيلها فإنها أعمتها.

في مقابلة معها نشرتها مجلة «نوفيل أوبزرفاتور» في عددها الأخير، حاولت كارلا توضيح هفوتها السابقة، فقالت إنها لم تقصد بالبساطة مستوى المعيشة الباذخ الذي تتمتع به بل التواضع وعدم العنجهية، وهما من صفات زوجها. وأضافت أن الوسط الإعلامي هو الذي يتسقط الهفوات ويضخمها. ألهذا السبب كتبت كارلا أغنية تنتقد فيها الصحافيين من المقرر أن تضمها أسطوانتها الجديدة؟ إنها تؤكد أنها تحترم حرية الصحافة، لكنها كتبت أغنيتها عن أولئك الذين يثرثرون ويتدخلون في شؤونها الخاصة ويختلسون صورا لطفلتها، خصوصا عندما يزعم البعض أنها تعمدت نشر الصور في هذا التوقيت لكي «تجمل» صورة ساركوزي وتعطيه هالة الأب ورب الأسرة.

شمرت كارلا عن ساعديها ونزلت إلى الميدان لمساندة زوجها المرشح الرئاسي بعد أن كانت قد أبدت، قبل أشهر قلائل، ضيقها بمنصب الرئيس الذي يفرض عليه مسؤوليات كثيرة ويلتهم وقته ويأخذه منها، أما اليوم فإنها تتمنى فوزه مجددا وتؤكد أنها عندما تختلط بالناس فإنها تشعر بحبهم له، أما العداء لـ«الساركوزية» فهو في رأيها مجرد «ظاهرة نخبوية باريسية». إنها ترافقه في بعض جولاته الانتخابية كلما استطاعت، و«إلا فإنني لن أراه مطلقا». ماذا تقول عما نسبته إليها الصحافة من أن زوجها يتراجع 3 نقاط في بورصة الشعبية في كل مرة تظهر معه؟ إنها تسخر من هذا الرأي وتؤكد أنها لم تتفوه به بل هناك امرأة «مستنسخة» عنها تتحدث وتقول ما لم تقله.

وإذا خسر ساركوزي المعركة، ماذا سيفعل؟ وماذا ستفعل زوجته؟ إن كارلا تؤكد أنه سيطوي صفحة السياسة «لأنه ليس من رجال أنصاف الحلول». أما هي فستنهي أسطوانتها الجديدة وتعود إلى المسارح اعتبارا من السنة المقبلة، سواء أفاز ساركوزي أم لم يفز. إن دور «السيدة الأولى» لا يبهرها؛ لأنها اعتادت على الأضواء منذ أن كانت في العشرين من عمرها، لكنها تدرك أن شخصيتها قابلة للتأقلم، وقد بذلت جهدا للدخول في القالب المخصص لزوجة رئيس. مع هذا فإنها تعترف بأنها لم تكن سيدة تقليدية في «الإليزيه»، وتقول: «بالمقارنة مع زوجة الرئيس بومبيدو فإنني أبدو مثل ليدي غاغا».

لا يعول الرئيس على كارلا فحسب، بل هناك كتيبة من النساء الشهيرات تدعمه في معركته الحاسمة. ومثلما فعلت برناديت شيراك، زوجة الرئيس الفرنسي السابق، حين وقفت إلى جانب ساركوزي في الانتخابات السابقة، فإنها أعلنت دعمها مجددا له في المعركة الحالية. وشوهدت مدام شيراك، بكل هيبتها وشعبيتها في أوساط اليمين المحافظ، تجلس في الصف الأول أثناء تجمع انتخابي دعا إليه الحزب الحاكم في «فيلبنت»، شمال العاصمة. ويجدر التذكير هنا بأن برناديت شيراك حافظت على وفائها لساركوزي على الرغم من خلاف قديم بينهما وعلى الرغم من فترة التوتر التي شهدتها علاقة زوجها به. لقد وقف ضد شيراك وإلى جانب إدوار بالادور في أول انتخابات يتنافس فيها الرجلان على تمثيل اليمين، لكنه تاب بعد فشل بالادور وعاد إلى الحظيرة الشيراكية وقدم دعمه للحزب في الانتخابات الإقليمية لعام 2004. يومها قالت برناديت شيراك لساركوزي: «من حسن الحظ أنك معنا». وردت له الجميل عندما ترشح بدوره للرئاسة عام 2007، وظلت على دعمها له حتى اليوم.

من يتطلع إلى الصورة يجد أن الباقة النسائية المحيطة بالرئيس لا تضم زوجته الحالية ونصيراته من نساء حزبه فحسب، بل حتى أولئك اللاتي باعدت السبل بينه وبينهن. لقد عادت «الوزيرة المنبوذة» رشيدة داتي إلى الصورة وصعدت إلى المنصة وقدمت ساركوزي في تجمع انتخابي له في مدينة «ليل» الشمالية، قبل شهرين. لقد كانت وزيرة العدل السابقة تحتاجه وتنتظر أن يعيدها إلى مركز الضوء، لكنه اليوم يحتاجها أكثر مما تحتاجه ويأمل، من خلالها، أن يكسب أصوات الفرنسيين المتحدرين من الهجرة المغاربية، لا سيما النساء. ولدى سؤاله عن عودة رشيدة، رد ساركوزي: «أنا أحتاجها.. هذا كل ما في الأمر».

كانت الوزيرة الأنيقة، عربية الأصل، قد أثارت من العواصف ما جعلها عنصرا مطلوبا من وسائل الإعلام، كما أن إصرارها وصراحتها وقوة شخصيتها وهي تنجب طفلة بعد سن الأربعين، من دون أب معلن، قد حولتها إلى رقم صعب في المعادلة السياسية. وعلى الرغم من أن ساركوزي سعى إلى تقريب مهاجرة أخرى هي الأفريقية سليمة سا، لكن هذه لم تعرف كيف تجتذب الأضواء مثل رشيدة.

ومثلما عادت رشيدة، عادت راما، أو رحمة الله ياد، إلى الصورة الناعمة. إن وزيرة الدولة السابقة لحقوق الإنسان، ثم للرياضة والشباب، فقدت حظوتها و«نُفيت» إلى منصب هامشي هو تمثيل فرنسا في «اليونيسكو»؛ لأنها، وهي سنغالية الأصل، تجرأت وصححت لساركوزي رأيا يقلل فيه من شأن الرجل الأسود وحضارته. ولم تسكت راما طويلا على النفي فقدمت استقالتها من «اليونيسكو» وذهبت لتلتحق بحزب يقوده جان لوي بارلو، أحد منافسي ساركوزي السابقين. ثم فجأة، ومثل عصا ساحر، عادت الوزيرة السابقة التي تشبه دمية جميلة غاضبة، لتعلن تأييدها للمرشح ساركوزي وتمتدح الإجراءات التي يقترحها في برنامجه الانتخابي لتطوير التربية والتعليم تندد ببرنامج منافسه الاشتراكي هولوند «الذي يريد المزيد من الإنفاق من دون إصلاحات».

طبعا، تبدو وزيرة النقل ناتالي كوسيوسكو موريزيه في مقدمة الصورة ما دام ساركوزي قد اختارها ناطقة باسم حملته الانتخابية. إنها جيدة التعليم وخريجة معهد «البوليتكنيك»، تتحدر من أسرة أرستقراطية وتجيد أصول التصرف والمحادثة، عدا عن شبابها وجرأتها وثقتها بنفسها. ويقول محيطون بالرئيس إنها «سحرته» من دون علمه، وهي ذات طموح يجعلها تتطلع إلى حقيبة الخارجية في حال فاز ساركوزي بولاية ثانية.

من سحر من؟ يبدو ساركوزي، الرجل ذو القامة القصيرة والملامح غير المتناسقة، جذابا للنساء، بحيث إنه تمكن من الحصول على دعم طليقته سيسيليا، المرأة التي وقفت معه في الانتخابات السابقة وداست على مشاعرها إلى أن تأكدت من فوزه بالرئاسة، ثم هجرته وغادرت أضواء «الإليزيه» إلى نيويورك لتقترن برجل آخر. لقد كتبت سيسيليا على موقعها الإلكتروني تغريدات تعلن فيها تأييدها لطليقها في الانتخابات وتسبغ عليه أجمل الأوصاف. إنها ما زالت تحتفظ بطعم السنوات التي كانت فيها مستشارته وذراعه اليمنى والمرأة التي ترضى عن هذا من المساعدين فيسمع رأيها، أو تسخط على ذاك فيختفي من المشهد.

إن الرجل الذي تدافع عنه سيسيليا هو، في نهاية المطاف، والد ابنها لوي. وهي قد غادرت منطقة النفوذ من دون أن تبتعد كثيرا، بل ما زالت لها، مع زوجها الجديد، مشاريع إعلامية تقوم على العلاقات العامة والتفاهم بين الدول، ولهذا فإن وقفتها اليوم مع ساركوزي قد تترجم غدا إلى «بيزنس». أليس هو الرئيس الذي منحها دورا سياسيا حين أرسلها لتتفاوض مع القذافي على إطلاق سراح الممرضات البلغاريات؟ ما الذي يمنع من تكليفها، لاحقا، بمهمات «إنسانية» دولية ترضي طموحها؟

وبين نساء الرئيس كلهن، يبدو المرشح اليميني الذي يجاهد للفوز بولاية ثانية وكأنه سلطان يتحرك في محيط من الحريم. والسؤال: من منهن ستبقى جارية في حال خسر المعركة؟