«الصندرة».. مركز ثقافي يجمع الشباب والسياسيين والفنانين بالإسكندرية

فيه ناد للسينما وورش أدبية وفنية وشعاره «اصنع قهوتك بنفسك»

TT

رغم أنه لم يمضِ على افتتاحه سوى أشهر قليلة، فإنه تحول رغم مقره البسيط إلى بؤرة جذب ثقافية مهمة، حيث اتخذه مجموعة من الشباب السكندري مقرا لأول مركز ثقافي شعبي يضم أشهر فناني ومثقفي مصر.. بل بدأ عدد من مرشحي الرئاسة المصرية يتوافدون عليه والالتقاء بالشباب الذين يغص بهم المركز من مختلف التيارات والثقافات.

تقول إيزيس خليل، مديرة مركز الصندرة، إنها وزملاءها ممن فكروا في إنشاء هذا المركز لم يكن يخطر ببالهم على الإطلاق تحقيق هذا النجاح، حيث جمعتهم فكرة إنشاء المركز الثقافي لتحقيق حلم طالما راودهم، ألا وهو تبسيط الثقافة ونشرها بين الشباب وبسطاء الناس الذين فرضت عليهم ظروف الحياة أن يظلوا في حالة انشغال دائم بلقمة العيش. وتعتبر إيزيس أن من حق الجميع أن يحصل على قدر من الثقافة وأن يتمتع بالفنون المختلفة، ويكون هناك متسع لغذاء الروح الذي يمثل أهمية كبيرة في حياة الشعوب المتحضرة.

تضيف إيزيس لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الفكرة تراودنا منذ زمن وحاولنا تنفيذها قبل ثورة 25 يناير وكنا نصطدم دائما بالعراقيل الأمنية التي كانت تمنع ممارسة مثل هذا النشاط قبل الثورة وتشترط شروطا تعجيزية، لكن بعد أن بدأت نوافذ من الحريات تتفتح أمام الشباب، بدأنا في تنفيذ فكرتنا وقمنا بتأجير شقة شاركنا جميعا في دفع قيمة إيجارها - وهو غير مرتفع - وبدأنا في عمل ديكورات بسيطة جدا لم تكلفنا سوى ميزانية قليلة جمعناها من بعضنا»، لافتة إلى أن أحد أسرار نجاح الصندرة هو أننا حققنا ما نريد بأقل الإمكانات، وهي المعادلة التي تروق للشباب، حيث دائما ما يتحجج من لم يستطع تحقيق طموحاته بأن الإمكانات لم تسمح له بذلك، لكن فكرتنا في الصندرة تتلخص في أنه يمكنك أن تنفذ كل ما تحلم به بأقل الإمكانيات.

يتجلى هذا في ديكورات المقر، حيث تم تنفيذها كلها بطريقة مبسطة جدا ومبتكرة في الوقت نفسه بواسطة لصق أوراق بيضاء على الحوائط، بينما قامت الفنانة التشكيلية رنوة يوسف، وهي من مؤسسي الصندرة، بعمل رسومات على الأوراق لتظهر الحوائط كلوحة فنية بديعة لم تتكلف سوى ثمن الأوراق البيضاء وبعض ألوان الماء.

يتكون مركز الصندرة من عدة أقسام، أهمها وأبرزها «ركن القهوة» وهو مكان مخصص ليجلس فيه رواد المركز ويديرون نقاشات بينهم حول مواضيع معينة أثناء تناولهم مشروب القهوة أو الشاي المصري الذي يتوافر داخل المركز، وعلى رواده إعداده لأنفسهم بطريقتهم الخاصة.

وعلى بعد خطوات من ركن القهوة تقع المكتبة، وهي ثرية تضم مئات الكتب من جميع الأطياف العلمية والأدبية والفنية والسياسية والثقافية والإسلامية أيضا، ومن اللافت أن المكتبة تم تجليد حوائطها بورق جرائد قديمة لجريدة «التايمز»، وهو ما فسرته إيزيس بأن الشكل الموحد للجرائد على الحائط يكون مريحا للعين كما أن لغته الإنجليزية تجعل العين لا تتشتت وتلتفت إليه كثيرا، مما يساعد على التركيز عند القراءة.

أما أغرب قسم بالمركز فهو حجرة تم تخصيصها للكتابة على الحائط بحيث يتاح لكل الزائرين والرواد أن يعبروا عن رأيهم في أي شيء بأن يسجلوا كلمة على الحائط، وذلك ليعبر جميع الرواد عن رأيهم بكل حرية ودون معقب من أحد، وذلك لتدريب الشباب على ممارسة حرية الرأي دون خوف وبكل جرأة.. بينما تم لصق صور الفنانين المشاهير في تاريخ السينما المصرية على جدران وحوائط المساحة الخارجية المخصصة لاستقبال الرواد.

وكشفت الفنانة رنوة يوسف عن أن شبابا من جماعة الإخوان المسلمين يترددون على المركز كما يتردد عليه الشباب من اليساريين والليبراليين وغيرهم من ذوي الميول غير السياسية أيضا حيث يتجمعون معا سواء في نادي الكتاب لمناقشة كتاب معين واستعراض أهم ما جاء به مع أحد المتخصصين من الفنانين والكتاب والعلماء.

وعن أنشطة المركز تقول رنوة إنه يضم الكثير من الأنشطة مثل نادي السينما، الذي يعقد أسبوعيا لعرض فيلم عالمي أو محلي بحضور ممثل أو مخرج أو كاتب يتولى شرح أبعاد الفيلم وقصته ومناقشة الحضور في محتواه.. كما يتم عرض الكثير من ورش العمل الفنية والأدبية من خلال متخصصين متطوعين بوقتهم ليقوموا بتعليم رواد المركز أصول وقواعد الكتابة الأدبية والقصصية والتمثيل والموسيقى والغناء وفن التصوير. وعن أكثر الأنشطة رواجا وإقبالا من الشباب، تقول رنوة إنها فكرة «السوق» وهي تتلخص في تعليم صنعة معينة للشباب مثل صناعة الشموع والمشغولات النحاسية، وصناعة الإكسسوارات وبعد أن يتقن الشباب هذه الصنعة يتم عمل يوم مفتوح لعرض إنتاجهم بعد دعوة مجموعات كبيرة من النقابات والأندية والتجمعات الكبيرة للحضور للشراء من «السوق» التي يخصص دخلها بالكامل لأصحاب المنتجات لتشجيعهم.

ويعتبر النائب السكندري أبو العز الحريري، المرشح لرئاسة الجمهورية، والإعلامية بثينة كامل، المرشحة المحتملة للرئاسة، من أكثر الرواد ترددا على الصندرة، حيث يعتبران المكان بمثابة استراحة لالتقاط الأنفاس سواء في القراءة أو الالتقاء بالشباب ومناقشتهم في أفكارهم وتطلعاتهم، ويقول الحريري لـ«الشرق الأوسط» إن مركز الصندرة قد بات بمثابة ترمومتر للسياسيين للتعرف على أفكار الشباب وآرائهم في مختلف القضايا، خاصة أنه يرتاده الشباب من كل الأطياف والأعمار. ومن أشهر الفنانين الذين يحرصون على زيارة الصندرة مع كل زيارة لمدينة الإسكندرية عمرو واكد وخالد الصاوي والمطربان السكندريان مأمون المليجي وأحمد ممدوح.