الجزائر تحذر من تداعيات الوضع في مالي.. وتنتظر عودة دبلوماسييها المحررين

مسؤول جزائري: الحدود فضاءات مشتركة وليست خطوطا فاصلة... وحريصون على استقرار المنطقة

ماليون يرفعون لافتة كتب عليها «نريد تحرير الشمال بالسلاح أو من دونه» خلال مسيرة رافضة لانفصال المناطق الشمالية في باماكو (أ.ب)
TT

أكد مسؤول أمني من جنوب الجزائر أمس خبر إطلاق سراح الدبلوماسيين الجزائريين السبعة الذين كانوا خطفوا من قبل مجموعة مسلحة في مدينة غاو بمالي الخميس الماضي. وقال مصدر أمني من جنوب الجزائر لـ«الشرق الأوسط» إن خبر إطلاق سراح الدبلوماسيين السبعة «مؤكد ولكن السلطات الجزائرية لم تتسلمهم بعد». وكانت صحيفة «الوطن» الجزائرية أول من أورد الخبر أمس، وأوردت على موقعها الإلكتروني أن الرهائن السبعة «تم الإفراج عنهم للتو». ونقلت المعلومة عن موفدة الصحيفة إلى شمال مالي، دون تقديم تفاصيل. ولم يتسنَّ الحصول على تعليق رسمي من وزارة الخارجية التي أنشأت خلية أزمة لمتابعة أطوار حادثة خطف القنصل الجزائري في غاو، بوعلام سايس، وستة من مساعديه.

في غضون ذلك حذر المستشار برئاسة الجمهورية المكلف بسياسة محاربة الإرهاب، كمال رزاق بارة، أمس من تداعيات الوضع في مالي، وقال على هامش منتدى في العاصمة الجزائر حول «مكافحة التطرف في منطقة الساحل» إنه «من الواضح أن ما يحدث على حدودنا سواء مع مالي أو ليبيا يزيد من التوتر، ويمكن أن يكون له تداعيات كبرى» على منطقة الساحل. وقال بارة للصحافيين بخصوص حادثة خطف الدبلوماسيين السبعة إنه يربط شخصيا «بين هذا العمل الإرهابي (الخطف) وأعمال إرهابية شهدناها في تمنراست وتندوف»، في إشارة إلى تفجير مبنى الدرك الجزائري بتمنراست (أقصى الجنوب) مطلع الشهر الماضي، وخطف ثلاثة رعايا أوروبيين من مخيمات لاجئي الصحراء الغربية في تندوف بجنوب غربي الجزائر، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويقصد أن التنظيم المسؤول عن العمليتين هو «جماعة التوحيد والجهاد بغرب أفريقيا». وبعد نحو أربع ساعات من تصريحات رزاق بارة أعلن نفس التنظيم مسؤوليته عن خطف القنصل بوعلام سايس ومساعديه.

وكان بارة يتحدث بمناسبة اجتماع عقده خبراء في محاربة الإرهاب، بـ«المركز الأفريقي للبحوث حول الإرهاب» التابع لـ«للاتحاد الأفريقي»، الموجود مقره بالجزائر. ومن بين ما جاء في تصريحاته أن حادثة غاو «عمل شنيع وإرهابي يقف وراءه متطرفون يحاولون زعزعة استقرار الجزائر وضرب مصالحها. لكن الجزائر تملك القدرة والعزيمة لمواجهة مثل هذه الأعمال». وأوضح بارة، وهو محامٍ وسفير الجزائر لدى ليبيا سابقا، أن «ما يجري في حدود الجزائر، خصوصا في ليبيا ومالي، يشكل عامل توتر إضافيا قد تنجر عنه مخاطر كبيرة». وأوضح أن الجزائر «تعتبر الحدود فضاءات مشتركة وليست خطوطا فاصلة، لهذا فإن الاستقرار في حدودنا أمر مهم، وعلينا أن نشارك مع دول المنطقة للحفاظ عليه، موازاة مع استمرار عملياتنا الموجهة ضد الإرهاب». وسئل بارة حول مصير الدبلوماسيين السبعة فقال: «ستعمل الجزائر كل ما بوسعها ليسترجع دبلوماسيوها حريتهم ويعودوا سالمين إلى أرض الوطن». وبحث الاجتماع ظاهرة التطرف الديني في بلدان الساحل جنوب الصحراء. وأشرف على أشغاله «المركز الأفريقي» و«وحدة التنسيق والاتصال» التي تضم خبراء في الأمن من 8 بلدان هي: الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا وليبيا وتشاد وبوركينافاسو ونيجيريا. وتأسست في 2010 بسبعة أعضاء، ثم انضمت إليهم نيجيريا في 2011 على خلفية استفحال أعمال جماعة بوكو حرام.

وعلى الصعيد الميداني، ما زالت حالة الاستنفار التي أطلقها الجيش الجزائري في الحدود الجنوبية قائمة، منذ تأكد اختطاف القنصل ومن معه. وتنقلت أعداد إضافية من أفراد الجيش إلى المناطق الحدودية، قادمة من ثكنات عسكرية تقع بمناطق تعتبر بوابة الصحراء، مثل الجلفة والأغواط وبسكرة. وسارع والي تمنراست إلى طلب المساعدة من الطوارق المقيمين بصحراء الجزائر، بغرض الاتصال بقبائل الطوارق بالحدود مع مالي، ليساعدوا بدورهم في تحديد مكان وجود الرهائن. وأبلغ مسؤولون عن «حركة أزواد» الحكومة الجزائرية بأنه لا ضلع لهم في العملية. وتضاربت الأنباء منذ الخميس الماضي حول الجهة المسؤولة عن العملية، لكن في كل الأحوال ما كانت تخرج عن نطاق ثلاث مجموعات مسلحة تناصب العداء للجزائر، على رأسها «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» التي يحوم قادتها في مناطق الطوارق بشمال مالي منذ وقوع الانقلاب العسكري، وتنظيم «أنصار الدين» بقيادة إياد آغ غالي الذي يملك صلات قوية وقديمة مع قادة التنظيم الأول، وأيضا «التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا».