ذكرى الاحتلال.. اليوم الذي يختلف على تسميته الجميع

بغداد لا تعتبره عطلة وأربيل تحتفي به كذكرى للتحرير

TT

يأخذ الخلاف بين بغداد وأربيل صورة أخرى في العلاقة بين الحكومة الاتحادية برئاسة نوري المالكي، وحكومة إقليم كردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني، من أجل تأكيد الأكراد عدم تبعيتهم لحكومة بغداد، ففيما سارعت الحكومة العراقية، الأسبوع الماضي، إلى إصدار بيان اعتبرت فيه أن يوم التاسع من أبريل (نيسان) الجاري، الذي يصادف ذكرى سقوط النظام السابق، يوم دوام عادي لجميع دوائر ومؤسسات الدولة، أصدرت حكومة الإقليم قرارا بالإبقاء على العطلة في هذا اليوم في عموم مناطق إقليم كردستان؛ احتفاء بتلك المناسبة، في تحد واضح للحكومة المركزية التي يقودها المالكي.

السبب الذي دعا الحكومة الاتحادية إلى إصدار مثل هذا البيان الذي لم يتضمن مفردة نفي وجود عطلة رسمية في مثل هذا اليوم، هو صدور شائعات وأحاديث بين الناس عن أن يوم التاسع من أبريل عطلة رسمية. التوصيف الرسمي لهذا اليوم كان قد اختلف منذ البداية مع المزاج الشعبي العام؛ فالمزاج الرسمي، مثلما تم جس نبضه عند أول اجتماع لمجلس الحكم الانتقالي الذي شكله الحاكم المدني الأميركي بول بريمر في شهر يوليو (تموز) من عام 2003، كان ذهب إلى التصويت على اعتبار يوم التاسع من أبريل عطلة رسمية.

بينما بقيت قوى سياسية أخرى تنظر إليه بوصفه يوم تحرير العراق وإن لم تبادر إلى الاعتراف بذلك علنا. مع ذلك فقد اتخذت الحكومة العراقية الانتقالية، برئاسة إبراهيم الجعفري، قرارا في عام 2006 جعل يوم سقوط نظام صدام حسين في التاسع من أبريل عطلة رسمية لكل مؤسسات الدولة العراقية؛ استنادا إلى أول قرار اتخذه مجلس الحكم في 13 يوليو 2003، إلا أن مجلس الوزراء العراقي قرر في عام 2007 إلغاء العطلة الرسمية في هذا اليوم، وجعله يوم دوام رسميا. واليوم حيث تمر الذكرى التاسعة ليوم سقوط بغداد، فإنه من وجهة نظر الشارع العراقي لم يتغير شيء يمكن أن يجعل المواطن يستذكر شيئا هاما. السياسي العراقي حامد المطلك، عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف العراقية بزعامة إياد علاوي أول رئيس وزراء للعراق بعد 2003، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا اليوم يوم أسود بكل المعايير؛ لأن العراقيين بعد هذه السنوات الطويلة التي قاربت العقد من الزمن، لم يحصلوا على أي من الوعود، سواء تلك التي كالها لهم الأميركان أو من قبل من جاء مع الأميركان».

ويضيف المطلك قائلا إن «هذا اليوم بات يخجل منه حتى من هلل له في الماضي واعتبره يوما للتحرير؛ لأن الطبقة السياسية العراقية فشلت في تحقيق كل الآمال التي وضعها على عاتقها العراقيون، وبالتالي فإن المطلوب اليوم هو تخطي مثل هذه المناسبات نحو عمل حقيقي يحقق الأمن والاستقرار ويقدم الخدمات للناس».

أما الشاعر والإعلامي جواد الحطاب فقد قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بغض النظر عن التسميات فإن الحدث هو الحدث، وإن التاسع من أبريل حدث كبير؛ حيث هبطت علينا قوة غازية كأنها جاءت من كوكب آخر وعطلت الحياة بكامل ما تملكه من قوة: طائرات ودبابات أرضية ومارينز بمختلف الوجوه والأشكال».

أما الكاتب عبد الستار البيضاني، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك اختلافا في التسميات بين تحرير مرة واحتلال مرة أخرى، وبالتالي هناك التباس في القصد والمعنى، ولكن ما نشاهده الآن من أحداث في المنطقة العربية، ومن حيث صدور دعوات صريحة لإسقاط الأنظمة الدكتاتورية بتدخل دولي، لا بد أن يجعل الكثير من الأمور تحتاج إلى إعادة تقييم»، عازيا ما حصل في العراق وما يحصل الآن في الكثير من الدول إلى «ضعف وهشاشة الدولة الوطنية أو القطرية العربية التي لا تستطيع الوقوف على قدميها، أو الصمود أمام الهزات أو الأحداث الكبرى».

وفي أربيل قال مصدر في المكتب الإعلامي لنائب رئيس الحكومة، عماد أحمد، في تصريح خص بـ«الشرق الأوسط»، إن حكومة الإقليم بتشكيلتها الجديدة عقدت أول اجتماع لها يوم أمس واتخذت قرارا بالإبقاء على عطلة التاسع من أبريل يوم تحرير العراق.