مخاوف من استعداد كوريا الشمالية لتجربة نووية ثالثة

استضافت صحافيين أجانب وعرضت عليهم استعداداتها لإطلاق «أونها - 3» في غضون أيام

مهندسون يعدون المنصة المخصصة لإطلاق صاروخ «أونها - 3» في مركز تونغتشانغ ري شمال غربي بيونغ يانغ أمس (رويترز)
TT

واصلت كوريا الشمالية التي تعاني من عقوبات دولية صارمة، تحدي الأسرة الدولية، وعرضت على صحافيين أجانب، أمس، صاروخ «أونها - 3» بعد وضعه على منصة الإطلاق في مركز تونغتشانغ ري (شمال غرب) في انتظار عملية الإطلاق التي باتت وشيكة.

إلا أن تقارير إخبارية كورية جنوبية ذهبت أبعد من ذلك، وقالت إن بيونغ يانغ تستعد أيضا لثالث اختبار نووي. ونقلت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء عن مصدر بالاستخبارات، لم تحدده، قوله إن كوريا الشمالية «تعد سرا لاختبار نووي» في نفس موقع الاختبارين الأولين. وأضاف المصدر أن العمال في كوريا الشمالية شوهدوا في صور لأقمار صناعية تجارية وهم يحفرون نفقا في بلدة بونغي ري بمقاطعة كيلغو (شمال شرق)، بالإضافة إلى المناجم القائمة التي يعتقد أنها استخدمت لإجراء اختبارين في 2006 و2009. ونقل عن المصدر قوله: «لقد أكدنا أن أعمال (الحفر) في مراحلها الأخيرة». وقالت «يونهاب» إن صور الأقمار الصناعية أظهرت أكواما من التراب والرمال عند مدخل النفق.

وكانت كوريا الشمالية التي انسحبت قبل ثلاث سنوات من المحادثات السداسية بشأن برنامجها النووي وافقت في فبراير (شباط) الماضي على وقف الاختبارات النووية وإطلاق الصورايخ طويلة المدى، مقابل معونات غذائية، وفتح الطريق أمام استئناف محتمل للمفاوضات. لكن هذا كله تبدد مع اعتزام كوريا الشمالية إطلاق صاروخ هذا الشهر، ربما بين يومي الخميس والاثنين المقبلين.

وفي إطار استعدادها لعملية الإطلاق هذه، منحت السلطات الكورية الشمالية خمسين تأشيرة دخول لمراسلين توجهوا عبر القطار إلى قاعدة الإطلاق الجديدة التي شيدت في شبه جزيرة شولسان (50 كلم من الحدود الصينية). ومن هذه القاعدة، يفترض أن يطلق بين 12 و16 أبريل (نيسان) الحالي، صاروخ من ثلاثة أقسام سيضع قمرا اصطناعيا للمراقبة هو القمر «كوانغ ميونغ سونغ - 3» (النجمة المضيئة). ولتثبت السلطات أن الأمر يتعلق بعملية إطلاق سلمية وليست تجربة لإطلاق صاروخ باليستي كما تؤكد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، تمكن الصحافيون من مشاهدة الصاروخ والقمر الاصطناعي عن كثب وزيارة مركز القيادة.

وعلى الرغم من التحذيرات الدولية، فإن الصاروخ الأبيض اللون ذا الكتابات الزرقاء، كان أمس على المنصة وبدا جاهزا للإطلاق بمجرد أن تتم تعبئة خزاناته بالوقود ووضع القمر الاصطناعي على القسم الأخير من الصاروخ. وكان التقنيون يعملون حول قاعدة الصاروخ أمام الصحافيين الذين تجمعوا على بعد أقل من 50 مترا من الصاروخ. ومن المفترض أن يضع الصاروخ الذي يبلغ ارتفاعه 30 مترا وقطره 2.5 متر، قمرا لمراقبة الأرض في المدار. وسينقل هذا القمر بيانات حول المحاصيل والغابات والموارد الطبيعية في كوريا الشمالية.

وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها كوريا الشمالية بالإعداد لإطلاق صاروخ باليستي. وأكد جانغ ميونغ جين، مدير المركز الفضائي: «القول إن الأمر تجربة لإطلاق صاروخ لا معنى له. عملية الإطلاق مقررة منذ زمن في الذكرى المئوية لمولد الرئيس كيم إيل سونغ، ولسنا نقوم بذلك لغايات استفزازية». وستقيم كوريا الشمالية احتفالات ضخمة في تلك الذكرى التي تصادف 14 أبريل، مولد مؤسس الأمة الذي توفي عام 1994. وخلفه نجله كيم جونغ إيل الذي توفي في ديسمبر (كانون الأول) 2011 وخلفه كيم جونغ أون حفيد كيم إيل سونغ.

وعلق كريستيان لاردييه، الخبير الفرنسي والعضو في الأكاديمية الدولية للفضاء، بأن «ما نشهده اليوم مدني، لكن هذه التكنولوجيا يمكن أن تستخدم لغايات عسكرية». ومن المفترض أن يسقط القسم الأول من الصاروخ في البحر الأصفر في غرب شبه الجزيرة الكورية، بينما سيسقط القسم الثاني في شرق الفلبين بعد أن يحلق فوق جزء من جزر أوكيناوا في جنوب اليابان، إلا أن إطلاق صاروخ على مسار ضيق كهذا لا يخلو من المخاطر؛ فقد وضع الجيشان الكوري الجنوبي والياباني في حالة تأهب، وهددت الحكومتان بإسقاط الصاروخ في حال حاد عن مساره، وحذر جانغ: «لن نسكت على أي انتهاك لسيادتنا الوطنية». وأضاف: «لم نقم أبدا بإسقاط أي قمر اصطناعي كوري جنوبي أو ياباني. لماذا يهددوننا؟».

إلا أن جانغ سعى إلى تهدئة مخاوف الدول المجاورة، وقال: «يمكننا تدمير الصاروخ انطلاقا من الأرض وهناك آلية في الصاروخ يمكن أن تقيم المسار وتطلق عملية تدمير ذاتي للصاروخ في حال ابتعاده عنه». ولدى سؤاله عن تكلفة البرنامج الفضائي في كوريا الشمالية بينما السكان يعانون من سوء التغذية باستمرار، شدد جانغ على ضرورة التطور التكنولوجي في البلاد، وأوضح: «حتى عندما تشعرون بالجوع عليكم أن تواصلوا تطوير التكنولوجيا وإلا فستصبحون البلد الأقل تطورا في العالم».

وأعلن في المناسبة أن كوريا الشمالية تعتزم إطلاق صواريخ أكثر قوة بزنة 400 طن في مقابل 91 طنا وزن صاروخ «أونها - 3». ولم تنجح بيونغ يانغ حتى الآن سوى في وضع قمر اصطناعي واحد في المدار على الرغم من عمليتي إطلاق في 1998 و2009.