سفراء إسرائيل السابقون لدى ألمانيا يحذرون من مقاطعة الأديب غراس

كاتب بارز في تل أبيب: علينا أن نفكر فيما فعلنا وليس أن نتهم الآخرين

TT

بعد الهجوم الإسرائيلي الشرس على الأديب الألماني العالمي، جنتر غراس، الذي بلغ حد اعتباره «شخصية غير مرغوب فيها» ومنعه من زيارة إسرائيل، بدأت القوى المتعقلة تسمع صوتها ضد هذا النهج المتعجرف وتطالب بوضع الأمور في نصابها. ومن بين هؤلاء، عدد من السفراء الإسرائيليين السابقين الذين خدموا في ألمانيا، فنبهوا إلى أن الرجل ليس معاديا لإسرائيل، كما يظهره القادة في تل أبيب اليوم، إنما هو صديق. وكل ما فعله هو انتقاد سياستها المتشنجة تجاه إيران.

وكان غراس قد نشر قصيدة بسيطة، في الأسبوع الماضي، يحتج فيها على قرار الحكومة الألمانية بيع إسرائيل غواصة نووية سادسة بثلثي السعر، ويقول إن أسلوب العربدة الإسرائيلي يظهرها هي، وليس إيران، كمهددة للسلام العالمي. ومنذ أن نشرت القصيدة وهو يتعرض لهجوم من القادة الإسرائيليين؛ من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وحتى أصغر الكتاب الصحافيين. وراحوا يذكرون بأن غراس كان عضوا في الشبيبة النازية الألمانية، وأنه يعود إلى أصله كمعاد للسامية، وأن النازية تطل برأسها من جديد، في ألمانيا بالذات. واتخذ وزير الداخلية قراره بمنع غراس من دخول إسرائيل، مع أنه لم يطلب ذلك، وعمره اليوم 85 سنة.

وقد أثارت هذه الحملة سفراء إسرائيل السابقين، فقال شيمعون شتاين (كان سفيرا في الفترة من 2001 وحتى 2007)، إن الحملة ظالمة كونها تتجاهل آخرين انتقدوا الموقف الإسرائيلي، آخرهم وزير الدفاع الألماني الذي قال إنه خرج من لقائه مع إيهود باراك قلقا. وأضاف شتاين، إن خطأ غراس هو أنه استخدم من دون انتباه كلمات قيلت في الماضي، في زمن النازية، عن اليهود بأنهم يهددون سلام العالم. لكن السفير الأسبق لدى ألمانيا والاتحاد الأوروبي، آفي فريمور، قال إن من غير المعقول أن يعتبر كل انتقاد للسياسة الإسرائيلية معاداة للسامية. ورفض الإشارة إلى ماضي غراس في الشبيبة النازية قائلا: «في ذلك الوقت كل فتى كان عضوا في تلك الشبيبة، وغراس تخلى عن الآيديولوجية النازية وأظهرت كتبه أنه معاد للنازية، وأنه ليس كارها لإسرائيل».

وقد خصص الكاتب جدعون ليفي عموده الأسبوعي في «هآرتس» لهذا الموضوع، فكتب يقول: «في قصيدة غراس التي عنوانها (أشياء يجب أن تُقال) توجد أشياء يجب أن تُقال أيضا. لأنه يجوز ويجب أيضا أن نقول إن سياسة إسرائيل تعرض سلام العالم للخطر. وموقفه من الذرة الإسرائيلية مشروع أيضا. ويجوز له أيضا أن يعارض تسليح إسرائيل بغواصات من غير أن يُستل ماضيه فورا ليكون دعوى مضادة. لكن غراس تطرف دون أي حاجة وبصورة أضرت بموقفه. وقد يكون سبب ذلك عمره المتقدم، وطموحه إلى أن يحظى بآخر انتباه، وربما لأن ذلك كُتب مثل مجموعة كلام اندفعت مرة واحدة بعد عشرات السنين لم يكن من الممكن تقريبا فيها توجيه انتقاد على إسرائيل في ألمانيا. وهكذا تكون الحال حينما يعتبر كل انتقاد لإسرائيل غير مشروع وغير سليم ويكون محبوسا في الجوف سنين، فإنه سينتهي إلى أن ينفجر في تطرف. وقد نشر كلام غراس بعد بضعة أسابيع فقط من كتابة ألماني جليل الشأن آخر هو رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، زغمر غبريئيل، أنه يجري في الخليل نظام فصل عنصري. وأثار هو أيضا ردودا غاضبة، ولهذا يجدر أن نستمع للكلام وأن نتحرر في نهاية الأمر من منع توجيه نقد على إسرائيل في ألمانيا. لإسرائيل أصدقاء كثيرون في ألمانيا، أكثر مما يوجد في أكثر الدول الأوروبية؛ فريق منهم مؤيدون عميان وفريق مصابون بمشاعر ذنب صادقة وفريق من أصدقاء الحقيقة النقديين. وتوجد معاداة سامية أيضا في ألمانيا بالطبع، لكن الوضع الذي يُتهم فيه كل ألماني يتجرأ على انتقاد إسرائيل فورا بمعاداة السامية لا يُطاق».