الصين تخشى زعزعة استقرار المنطقة وتعارض فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية

محللون: الأسرة الدولية عاجزة عن التحرك في مجلس الأمن إذا أطلقت بيونغ يانغ صاروخا بعيد المدى

فريق من الصحافيين يرافقون خبراء فضاء من كوريا الشمالية في طريقهم إلى محطة إطلاق الاقمار الصناعية في تشولسان (إ.ب.أ)
TT

توعدت الولايات المتحدة وحلفاؤها برد قاس في حال مضت كوريا الشمالية قدما في مشروعها لإطلاق صاروخ بعيد المدى، إلا أن المحللين يرون أنه سيكون من الصعب ممارسة ضغوط تؤثر فعلا على بيونغ يانغ. وصرح بيتر بيك، ممثل كوريا الجنوبية لدى مؤسسة آسيا بأنه «بعد أن تنتهي حكومات عدة من توجيه انتقاداتها، علينا أن نجد سبيلا للتحاور مع كوريا الشمالية». وأضاف بيك أن «الولايات المتحدة لا تملك خيارات كثيرة؛ إذ لا توجد عقوبات (أخرى) يمكن فرضها». وأعلنت كوريا الشمالية أنها ستضع قمرا اصطناعيا للأبحاث العلمية في المدار بين 12 و16 أبريل (نيسان) في الذكرى المئوية لمولد كيم إيل سونغ، مؤسس الأمة، الذي تأتي ذكرى مولده في 15 من الشهر الجاري.

وتؤكد الولايات المتحدة وحلفاؤها، خصوصا كوريا الجنوبية واليابان، أن المشروع ستار لإطلاق صاروخ بعيد المدى يمكن أن تليه تجربة نووية، بحسب مصادر عسكرية كورية جنوبية. إلا أن الخبراء يرون أن كوريا الشمالية التي تملك السلاح النووي لديها دوافع سياسية تجعلها تتجاهل الانتقادات الدولية، في وقت يسعى فيه القائد الجديد كيم جونغ أون إلى تكريس سلطته بين العسكريين والنخبة السياسية في البلاد.

واعتبر يون دوك مين، من الأكاديمية الدبلوماسية الوطنية في كوريا الجنوبية، أن «إطلاق الصاروخ سيستخدم كاحتفال مكلف بالتحول إلى (دولة قوية ومزدهرة)» في عهد كيم جونغ أون. وصرح يون خلال منتدى في سيول، الأسبوع الماضي، بأن «كيم جونغ أون يريد أفعالا تظهر قدرته القيادية وتثير خوف الأعداء». وأضاف: «من المحتمل جدا أن تقوم كوريا الشمالية بتجربة نووية بعد شهر أو شهرين على إطلاق الصاروخ».

وتخضع كوريا الشمالية لعقوبات صارمة فرضتها الأمم المتحدة أو دول أخرى، منها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، للجم برنامجيها النووي والصاروخي. وفرض قرار صدر عن مجلس الأمن الدولي في 2009 عقوبات على بيع الأسلحة إلى كوريا الشمالية، وعلى معاملاتها المالية المتعلقة ببرامج الأسلحة. ومع أنه من المحتمل أن يثار مشروع إطلاق الصاروخ أمام مجلس الأمن الدولي، فإن الصين يمكن أن تعارض أي إجراء قاس يمكن أن يزعزع الأمن في كوريا الشمالية جارتها الحليفة. وصرح أندري لانكوف، من جامعة كوكمين في سيول، خلال المنتدى نفسه، بأن «الصين لا تريد أن ترى أزمة داخلية في الشمال بسبب ضغوط دولية». وأضاف أن «الصين ترى أن الاستقرار الداخلي في الشمال أهم من مخاوف الأسرة الدولية حول برنامجها النووي والصاروخي». وقال بيك لوكالة الصحافة الفرنسية إن الصين لن تروق لها عملية إطلاق الصاروخ لكن يمكنها تقبلها. وأضاف: «يمكنها أن تتقبل أي سلوك من الشمال طالما أنه ليس إعلانا بالحرب». وتابع بيك أن الحكومة المحافظة في كوريا الجنوبية لا استعداد لها لاتخاذ موقف صارم؛ فالمشروع الصناعي الذي تموله سيول في الشمال مزدهر على الرغم من التوتر على الحدود. وأي انتقاد من مجلس الأمن الدولي كفيل بإثارة رد فعل من كوريا الشمالية، كما حصل عندما قامت بتجربتي إطلاق صاروخ بعيد المدى في 2006 و2009 تلتهما في كلا الحالتين تجربتان نوويتان. وتواجه كوريا الشمالية، حيث يعاني السكان من سوء التغذية باستمرار، احتمال توقف المساعدة الغذائية الأميركية، وقوامها 240 ألف طن، في حال نفذت إطلاق الصاروخ. إلا أن بيك اعتبر أن الدافع الأساسي «هو إثارة إعجاب النخبة السياسية والعسكرية». وتابع: «لا أعتقد أن الشعب سيتهم كثيرا بإطلاق الصاروخ؛ فالمشروع لن يؤمن لهم طعاما، لكن النظام لا يهتم بالمواطن العادي». ومضى يقول إن إطلاق الصاروخ «سيكون بمثابة إعلان بأن القيادة الجديدة تولت مهامها»، بعد وفاة والد كيم جونغ أون في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وبموجب اتفاق في 29 فبراير (شباط)، أعلنت كوريا الشمالية موافقتها على تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم وتجارب إطلاق الصواريخ والتجارب النووية لقاء الحصول على مساعدات غذائية من الولايات المتحدة. وتصر بيونغ يانغ على أن إطلاق القمر الاصطناعي ليس تجربة لصاروخ، وتعتبر أن الاتفاق مع واشنطن لا يزال ساريا.

واعتبرت شيلا سميث، من المجلس الأميركي للشؤون الخارجية، خلال المنتدى في سيول، أنها تتوقع «حوارا محددا» في مجلس الأمن الدولي حول فرض عقوبات، وأيضا فرض عقوبات أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة واليابان، وربما كوريا الجنوبية. لكن للصين خطتها الاستراتيجية الخاصة. وقال بيتر بروكس من مؤسسة «يو إس هيريتدج» إن لدى الصين «مخاوف حول مكانتها في ميزان القوى في المستقبل في آسيا، بما فيه بعد توحيد» شبه الجزيرة الكورية. وأضاف بروكس أن الصين ترى في الشمال منطقة استراتيجية عازلة إزاء الولايات المتحدة التي تنشر 28500 عنصر من قواتها في كوريا الجنوبية.