«تويتر» قد يجعل الليبراليين يسيطرون على برلمان كوريا الجنوبية

الشباب يشكلون 37% من الناخبين الذين يصوتون غدا

مؤيدة لحزب «سنوراي» الكوري الجنوبي تلتقط صورا عبر هاتفها الجوال غرب سيول خلال لقاء جماهيري للحزب (رويترز)
TT

من الممكن أن تحقق المعارضة الليبرالية في كوريا الجنوبية فوزا مفاجئا في الانتخابات البرلمانية التي تجري هذا الأسبوع بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والناخبين الشباب الذين يقفون وراءها، وذلك على الرغم من أن استطلاعات الرأي تظهر أنها تسير كتفا بكتف مع الحزب الحاكم المحافظ.

ويقول خبراء إن القائمين على استطلاعات الرأي التقليدية يبنون توقعاتهم على أصحاب خطوط الهواتف الثابتة بينما نادرا ما يستخدمها من هم في العشرينيات والثلاثينيات من العمر والذين يشكلون 37 في المائة من الناخبين في أكثر دولة في العالم استخداما لوسائل الاتصال اللاسلكية.

وأغلبية الشبان الذين يحملون معهم على الأرجح الهواتف الذكية مثل «سامسونغ غالاكسي» أو «آي فون» من الليبراليين ويعبرون عن آرائهم على الإنترنت من خلال هذه الهواتف.

وبينما اللبراليون يجذبون الشباب، سعى حزب «ساينوري» الحاكم خلال الأشهر الماضية إلى استقطابهم أيضا. وقال لي جون سيوك، وهو خبير كومبيوتر عمره 27 عاما تلقى تعليمه في جامعة هارفارد وجرت الاستعانة به للمساعدة في تحديث وجود حزب «ساينوري» الحاكم المحافظ على الإنترنت: «نحو 20 في المائة من الآراء التي يجري التعبير عنها في الفضاء الإلكتروني تؤيدنا و80 في المائة تعارضنا». وأضاف لـ«رويترز»: «كأنك متى تقول شيئا في صالح حزبنا تتعرض للهجوم». ويذكر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وفريق حملته الانتخابية خلال عام 2008 أصبح نموذجا للكثير من الساسة في جعل مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية جبهة أساسية في الحملات الانتخابية، والأمر يتكرر الآن من مصر إلى كوريا الجنوبية.

وأكثر خمسة ساسة شعبية على موقعه «تويتر» هم من اليسار. وأبرز المحافظين على «تويتر» هو المرشح لانتخابات الرئاسة بارك جيون هيي الذي يحتل المركز الثامن وله ما يقرب من 180 ألف متابع وفقا لما يقوله موقع «كوريان تويترز دوت كوم» المتخصص في الإحصائيات المتعلقة بهذا الموقع للتواصل الاجتماعي.

ومن ناحية أخرى، وفي استطلاع تقليدي للرأي أجرته مؤسسة ريال ميتر بين 26 و30 مارس (آذار) الماضي، حصل الحزب الحاكم على تأييد نسبته 39.8 في المائة وحصل الحزب الديمقراطي المتحد المعارض الرئيسي على 30.5 في المائة وحصل شريكه في الائتلاف الحزب التقدمي المتحد على 8.1 في المائة.

وفي نهاية العام الماضي، أظهرت استطلاعات الرأي التقليدية احتلال المحافظين مركزا متأخرا عن المعارضة لكنها تشير الآن إلى عودة الحزب الحاكم. ويقول خبراء إن هذه الاستطلاعات معيبة.

وقال يون هي وونغ من معهد «كوريا سوسايتي أوبينيون» للأبحاث لـ«رويترز»: «أنظمة الاتصال العشوائي بأرقام بناء على خطوط ثابتة تستبعد الشبان والموظفين الذين يعودون إلى منازلهم متأخرا والأسر التي لا تملك خطوطا أرضية».

والمجتمع الكوري الجنوبي هو ثاني أكبر مجتمع للتدوين في العالم بعد الصين. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة سنغافورة للإدارة أن استخدام «تويتر» في كوريا الجنوبية هو ضعف المتوسط العالمي. ويلعب الاثنان دورا كبيرا في الانتخابات لأن الحكومة رفعت حظرا على الدعاية الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال كيم مي وها، وهو مقدم برامج كوميدية على التلفزيون عمره 47 عاما وله نحو 290 ألف متابع على «تويتر» وينتمي لمجموعة من المشاهير البارزين الذين يتبنون على «تويتر» قضايا ليبرالية: «على تويتر نحن مثل الطيور التي تتحدث مع بعضها البعض. هذا شيء لا يمكن التحكم فيه».

وساعد كبار مستخدمي «تويتر» مثل كيم في انتخاب ناشط مستقل رئيسا لبلدية سول لتنتهي بذلك سيطرة المحافظين على العاصمة العام الماضي.

وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي أشارت إلى تقدم بارك وون سون الذي فاز في النهاية في انتخابات رئيس البلدية، فإن النتيجة كانت أكثر حسما لصالحه مما أشارت إليه استطلاعات الرأي.

كما مثلت وسائل التواصل الاجتماعي ثقلا موازيا لوسائل الإعلام التقليدية التي تسيطر على معظمها تكتلات تهيمن على الاقتصاد الذي يحتل المرتبة الثالثة عشرة بين أكبر اقتصادات العالم.

ومن الممكن أن يدفع هذا الناخبين الشباب الذين يساورهم القلق بشأن قضايا مثل تزايد التفاوت في الدخول ليحتشدوا وراء الحزب الديمقراطي المتحد المعارض لاتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة ويريد فرض قيود على الشركات الكبيرة.

وقال كيم مقدم البرامج الكوميدية لـ«رويترز»: «لا أعلم نوعية الألاعيب التي سيمارسها الساسة من خلال تويتر لكن العدد الهائل من الشبان بين السكان سيشارك في الانتخابات في كل الأحوال».

ونتيجة للنجاح الذي أحرزته المعارضة في حشد أصوات الشباب في حملة انتخابات رئيس بلدية سول رد حزب ساينوري بتعزيز وضعه على وسائل التواصل الاجتماعي لكنه يعترف بأنه يواجه معركة صعبة.

ويقول لي الخبير الذي يعمل لحساب الحزب الحاكم إن أحد أسباب النجاح الشديد لموقع «تويتر» في كوريا الجنوبية هو أن مساحة المائة وأربعين حرفا التي يوفرها الموقع لكل تغريدة تلائم اللغة الكورية بشدة إذ تسمح بكتابة كلمات أكثر كثيرا من التي تكتب بالإنجليزية في هذه المساحة. وأضاف: «بالإنجليزية كل ما تستطيع أن تفعله هو أن تخبر أحدا بأن يشاهد رابطا على موقع يوتيوب.. (لكن) بالكورية تستطيع أن تشرح ما يدور مقطع الفيديو حوله بل وأيضا يمكنك التحدث عن شعورك تجاهه».

وتعتبر الانتخابات البرلمانية لكوريا الجنوبية تجربة لانتخابات الرئاسة. وستمثل الانتخابات التي تجري في ديسمبر (كانون الأول) اختبارا مهما لما إذا كان الليبراليون الذين يستخدمون موقع «تويتر» قادرين على تحويل سيطرتهم على الفضاء الإلكتروني إلى نفوذ سياسي.

ويقول يو تشانج جو الذي ساعد بارك وون سون على الفوز بمنصب رئيس بلدية سول ويقدم له المشورة الآن بشأن استراتيجية الوسائط الجديدة إن عدد مستخدمي «تويتر» سيتضاعف بحلول موعد انتخابات الرئاسة في ديسمبر (كانون الأول) إلى نحو عشرة ملايين أو قرابة خمس السكان.

وقال هوه تشانج ديوج أستاذ علم الاجتماع في جامعة يونجنام «تويتر أداة لكثير من الكوريين المعتدلين للتعبير عن غضبهم من الأثرياء والإدارة الحالية والحزب الحاكم»، موضحا «انتخابات العام الحالي ستكون بين مجموعة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مقابل المجموعة التي لا تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي».