الرقة تنتفض علنا منذ فبراير الماضي

ناشطو المدينة يقولون انهم يحضرون «مفاجأة» للنظام

TT

حين اختار الرئيس السوري بشار الأسد أداء صلاة عيد الأضحى في مدينة الرقة شرق البلاد، نهاية العام الماضي، كان يظن أن عشائر المحافظة التي يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة تؤيد نظام حكمه، وتدعم مشروعه الإصلاحي المزعوم. فات الرئيس الشاب، الذي دخل بثقة إلى مسجد النور في وسط المدينة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي محاطا بمؤيديه ليؤدي صلاة العيد، أن مظاهرة معارضة خرجت في الوقت نفسه من أحد شوارع المدينة؛ لكن «قام الإعلام الرسمي بتجاهلها» كما يقول أحد ناشطي مدينة الرقة، ويضيف أن «هذه المظاهرة كانت إشارة قوية للرئيس ولمن معه، وأن مدينة الرقة ستنتفض ضده وتنضم إلى الثورة الشعبية المطالبة بالحرية».

المدينة التي تقع على الضفة الشمالية لنهر الفرات ويتكون نسيجها المجتمعي من البنية العشائرية «لم تغب عن أجواء الحراك الشعبي ضد نظام الأسد»، وفقا للناشط المعارض الذي يضيف «كنا ننظم مظاهرات وإضرابات، والكثير من أثرياء المدينة قدموا تبرعات لأهالي المدن المنكوبة حمص ودرعا وحماه وريف دمشق، على الرغم من سعي إعلام النظام السوري لتصوير المدينة بأنها موالية لنظام الأسد عبر حشد زعماء العشائر وإجبارهم على إعلان موقفهم المؤيد للنظام»، كما يشير الناشط.

ويرفض أحد أعضاء تنسيقية الرقة القول بأن «الثورة في المدينة قد بدأت أوائل فبراير (شباط) من العام الحالي، حين خرج ما يقارب الـ100 ألف متظاهر في الشوارع لتشييع أحد قتلى مظاهرات اليوم السابق، وهتفوا لإسقاط النظام السوري ونددوا بممارساته الوحشية في حمص ودرعا وإدلب، الأمر الذي دفع الأمن السوري - وفقا للناشطين - لفتح النار على المشيعين وقتل تسعة أشخاص وجرح المئات، لا سيما بعد محاولة البعض منهم التوجه نحو ساحة الرئيس لتحطيم تمثاله».

وتابع «هو يفضّل أن يسمّي أحداث فبراير التي سقط فيها العديد من القتلى (لحظة الانفجار) التي كانوا يحضّرون لها منذ فترة طويلة»، ويضيف «عبر التنسيق والتعاون بين التنسيقيات المعارضة المنتشرة في جميع أنحاء المدينة كنا نحشد لهذه اللحظة. الرقّة لم تتأخر عن الحراك الشعبي المطالب بالحرية في البلاد، يوجد رأي عام كبير في المدينة يؤيد الثورة، لكن هناك العديد من الظروف منعت إعلان المواقف بشكل علني».

أما الأسباب التي تدفع الناس للثورة ضد نظام بشار الأسد في مدينة الرقة فهي عديدة بحسب الناشط الذي يتنقل بين حلب والرقة، ويقول «أبرز الأسباب سوء الحالة المعيشية لأهالي المدينة بسبب موجة الجفاف الذي تعرضت لها الرقة وقوبلت بالإهمال وبعدم المبالاة من قبل النظام الحاكم»، ويضيف «معظم سكان المدينة يعتمدون في معيشتهم على الأعمال الزراعية.. موجة الجفاف جعلت الكثير من الشباب الرقاوي يهاجر إلى المدن الأخرى، خاصة حلب».

ويلفت الناشط المعارض إلى ما يقول إنها «أسباب أكثر جوهرية لانتفاضة المدينة، ومنها مناصرة المدن السورية التي تتعرض للاقتحام والقصف والتنكيل على يد الجيش السوري الموالي للنظام.. فكيف يمكن ألا يتضامن أهالي الرقة مع مدينة درعا التي يعيش فيها عشائر تتشابه بقيمها وتقاليدها مع تلك التي تعيش في الرقة».

وعن موقف زعماء العشائر يقول «يظن النظام أنه يستطيع كسب المشايخ بمقابلة تلفزيونية أو بإغراءات سياسية وعينية تتمثل في المناصب وأرقام السيارات الحكومية»، وهذا يدل وفقا للناشط «على جهل النظام السوري للطبيعة العشائرية». ويضيف «زعماء العشائر لا يستطيعون أن يواجهوا الحالة الاجتماعية المعارضة في المدينة، خاصة حين يقتل الأمن الناس بدم بارد. زعيم العشيرة لا يستطيع تحمل سيلان دماء أي فرد من عشيرته يسقط برصاص الأمن، سيضطر حتما للوقوف إلى جانب الثورة وضد النظام القاتل».

ويؤكد الناشط أن زعماء العشائر سيحسمون أمرهم قريبا بالانضمام إلى الثورة خاضعين لإرادة الأغلبية العظمى من أبناء المدينة، مشيرا إلى أن النظام السوري يعتقد أنه أنهى الحالة الاحتجاجية في الرقة بعد نصبه عشرات الحواجز على مداخل الأحياء والشوارع واحتلال عناصر أمنه للساحات لمنع المتظاهرين من التجمع فيها «لكن الرقة ستفاجئ هذا النظام كما فاجأته في فبراير الماضي بالمظاهرات الحاشد المطالبة برحيل بشار الأسد عن السلطة».