عمر سليمان يثير مشاعر متناقضة بين المصريين

أربك قطار الرئاسة.. يعتبره البعض بأنه «كرسي في كلوب الثورة»

TT

قرر الشاب الثلاثيني «محمد» أن يصوت لصالح اللواء عمر سليمان خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر، بسبب قناعته بأن بلاده تحتاج إلى رجل ذي شخصية قوية، وليس على الساحة من يمتلك «كاريزما» القيادة سوى نائب رئيس الجمهورية السابق. ويعيش محمد البنا، الذي يعمل محاسبا، في مسقط رأس الرئيس السابق حسني مبارك، محافظة المنوفية، ولكن ليس ذلك هو سبب تأييده لرجل المخابرات السابق، بل لاقتناعه بأن عودة الاستقرار لمصر يلزمها أن تحكم بقبضة من حديد خلال السنوات الأربع المقبلة. وذلك على الرغم من احتمالية إقصاء سليمان خارج سباق الرئاسة إذا تم تفعيل قانون العزل السياسي.

محمد قال لزملائه بالقطار خلال رحلتهم اليومية إلى عملهم بالقاهرة: «سليمان على دراية بشؤون مصر الداخلية والخارجية، ويعرف بؤر الفساد وخباياه، كما أنه أقدر فرد على إعادة الأمن الداخلي للبلاد، كما أننا لسنا في وقت لإيجاد عداءات مع إسرائيل، وبحكم علاقته معها سيحافظ لنا على الأمن الخارجي أيضا»، ملخصا الشعور نفسه لدى فئات كثيرة. مع زيادة سرعة القطار؛ زادت حدة النقاش بين الزملاء المؤيدين لوجهة نظر محمد ومن يرفضونها بشدة، والذين يرون سليمان عدو الثورة الأول، وهي نقاشات يعتاد عليها ركاب القطارات حاليا، وتتسع أحيانا لتضم مسافرين لا يعرف بعضهم بعضا. هنا، مع وصول القطار إلى غايته «محطة مصر» الرئيسية بالقاهرة، يمر المسافرون بصورة مصغرة لمصر، فهم يندهشون من الحلة الجديدة التي ارتداها المبنى القديم قبل أسابيع بعد خضوعه لـ«ثورة» تجميل، لكنهم أيضا سيجدون سلوكيات كثيرة سلبية كالعشوائية والتزاحم والفوضى والضجيج وإضرابات للعاملين متكررة.

وبينما يحتفل المصريون بأعياد الربيع، استوقفت الشاب نبيل رمزي لافتة بالمحطة تعلن عن إطلاق «قطار المفاجآت» في يوم شم النسيم، حيث تكون نقطة انطلاقه من القاهرة ونهاية رحلته غير معلومة. يقول نبيل ساخرا: «قطار آخر للمفاجآت، بعد مفاجآت قطار الرئاسة الذي انطلق إلى مراحله الأخيرة بـ23 مرشحا، والذي كان عمر سليمان مفاجأته الكبرى». ولكن نبيل، المسيحي، يعتبر المفاجأة سارة له. وبحماس يلفت إلى أن سليمان «رجل محترم وشريف»، وأنه الأقدر على قيادة مصر كونه «فاهم سياسة»، وبالتالي لن تكون رحلتنا «غير معلومة». ويتابع: «اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش».

خارج المحطة، هناك من يردد هذا المثل الشعبي الذي بسببه ظل مبارك رئيسا طوال 30 عاما، وكانت ظلاله ستصعد بنجله جمال إلى سدة الحكم، لولا حالة الرفض الشعبي التي أوقدت الثورة. وبحسب استشاري الطب النفسي، الدكتور أحمد البحيري، فإن ثقافة «اللي نعرفه» التي تعكس الحنين للماضي أحيانا، غالبا ما يتبناها كبار السن، أو من لا يميلون للمغامرة، أو الشخصيات ذات المشاعر القلقة. لكن مشاعر بعض المصريين الآن حول ترشح عمر سليمان تفوق القلق إلى مزيج من المشاعر المتناقضة، ويمكن قراءة ذلك في الشارع المصري وفضائه الإلكتروني.

فبينما بدأت حرب تكسير العظام بين الإسلاميين ونائب الرئيس السابق، أثار ترشحه ثورة لدى أعضاء «فيس بوك»، في مظهر أشبه بأجواء 24 يناير (كانون الثاني) 2011 والأيام السابقة للثورة المصرية على موقع التواصل الاجتماعي. ويترجم الشباب ثورتهم الجديدة في عمل مجموعات تنادي بإسقاط ترشح سليمان، وكشف ماضيه المخابراتي وعلاقته بإسرائيل. وبينما كان البعض يروج مازحا بالنزول «عاريا» إلى ميدان التحرير إذا فاز أحد فلول النظام بالرئاسة، في إشارة لثورة ثانية، يبدو أن الأمر بات قريبا، بعد الدعوات الإلكترونية لـ«مليونيات» في الميدان يوم الجمعة المقبل، أيدتها الأحزاب السياسية والقوى الثورية. وكتبت «حنان» على حسابها الشخصي تنتقد ترشح سليمان: «كيف ستنتصر هذه الثورة؟ قد تنتصر ثورة ثانية، لكن هذه الانتفاضة أو الموجة الثورية الكبرى قد ولت ورسمت لنا طريقا قد نطرقه أو لا، الثورة لم تنته». بينما وصف «عماد» ترشح نائب المخلوع بقوله: «سليمان.. مرشح يهبط على قلب الثورة بجناحي مبارك». فيما رأى «أحمد» أنه «إذا نجح سليمان البلد هتولع، وساعتها نبدأ صح من جديد».

وبينما تزداد سخونة الانتقادات، نشر آخرون في الفضاء الإلكتروني صورة تجمع حكام مصر السابقين منذ الملك فاروق وحتى مبارك، يقارنون بينهم ويتوقعون المقبل، ومعيار المقارنة هنا هو «الصلع»، ففاروق كان أصلع، تلاه عبد الناصر ذو الشعر، ثم السادات الأصلع، فمبارك ذو الشعر، وبالتالي الرئيس المقبل سيكون أصلع.. والتكهنات تشير إلى عمر سليمان لأنه من ينطبق عليه الوصف بين مرشحي الرئاسة. وهو ما ترد عليه مروة، الطبيبة الأربعينية: «ترشيح عمر سليمان ليس معناه بالضرورة أن ينجح.. وهناك الصندوق الانتخابي، فلماذا القلق؟».