محكمة مصرية تقضي ببطلان تشكيل «تأسيسية الدستور»

القوى المدنية ترحب بالحكم وتعتبره هزيمة للإسلاميين.. و«الإخوان» يطعنون عليه

TT

رحبت قوى مدنية وليبرالية مصرية بحكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في القاهرة أمس، الذي قضى بوقف قرار البرلمان الخاص بتشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة وضع الدستور الجديد، وذلك في ضوء الدعوى القضائية التي أقامها محامون وعدد من النشطاء السياسيين والقانونيين، ضد تشكيل الجمعية، الذي جاء نصف أعضائها من داخل البرلمان.

وقال مراقبون ونشطاء سياسيون لـ«الشرق الأوسط» إن القرار يعد هزيمة لـ«التيارات الإسلامية» بكل مكوناتها (الإخوان والسلفيين)، التي سعت إلى فرض إرادتها والانفراد بكتابة الدستور المصري بعد الثورة، عبر سيطرتها على نحو 70 في المائة من تشكيل الجمعية التأسيسية.

ويعد الحكم، الصادر أمس برئاسة المستشار علي فكرى صالح، قابلا للاستئناف أمام المحكمة الأعلى درجة وهي المحكمة الإدارية العليا، لكنه، وفقا لقانونيين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، واجب التنفيذ بمجرد صدوره، مما يعني تجميد عمل الجمعية التأسيسية التي تتكون من مائة عضو، ينتمي معظمهم للتيار الإسلامي، لحين صدور حكم نهائي بشأنها.

وبينما قالت المحكمة في حكمها أمس، إن قرار رئيس البرلمان الدكتور سعد الكتاتني بتشكيل الجمعية هو قرار إداري يدخل تحت رقابة القضاء ويجوز لمحاكم مجلس الدولة مراقبته - قررت جماعة الإخوان الطعن على الحكم، واعتبرت أنه تدخل في اختصاص السلطة التشريعية.

وقال عبد المنعم عبد المقصود، محامي جماعة الإخوان المسلمين، أمس، إن «الحكم سابقة خطيرة تفتح الباب واسعا أمام تغوّل أية سلطة على أعمال السلطة التشريعية، وجاء مخالفا لكل المبادئ الدستورية المستقر عليها، والثوابت القضائية»، وتوقع عبد المقصود وقف الحكم بعد الطعن عليه بالمحكمة الإدارية العليا.

وقال أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، إن مجلس الدولة غير مختص بإلغاء القرار الصادر عن البرلمان، بوصفه قرارا برلمانيا يصدره المجلس من منطلق سلطاته التشريعية ولا يخضع لرقابة القضاء الإداري.

لكن المرشح الرئاسي لجماعة الإخوان المسلمين، قال: «أحترم أحكام القضاء، وأدعو جميع القوى الوطنية إلى الجلوس معا للوصول إلى أفضل الحلول لعبور هذه الأزمة»، مؤكدا أن «مصر في حاجة إلى الجميع وإلى وضع دستور يؤسس للدولة الديمقراطية الحديثة ويمهِّد للنهضة المرجوَّة». وتضمن إعلان دستوري أصدره في مارس (آذار) الماضي المجلس الأعلى للقوات المسلحة، نصا يخول الأعضاء غير المعينين بمجلسي الشعب والشورى (انتخاب) جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا للبلاد. وكانت الأغلبية البرلمانية التي يمثلها حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي، قد قررت في وقت سابق أن يشغل أعضاء في البرلمان نصف مقاعد الجمعية التأسيسية وأن يشغل النصف الآخر شخصيات عامة من خارج البرلمان.

وقبل صدور الحكم، كان نحو 35 عضوا أساسيا واحتياطيا، ينتمون معظمهم إلى تيارات ليبرالية ومستقلين، إضافة إلى ممثلي الأزهر والكنيسة، قد أعلنوا انسحابهم من الجمعية، بسبب ما قالوا إن بها هيمنة واضحة للتيار الإسلامي بكل أنواعه، وكان من المفترض أن تعقد الجمعية ثالث اجتماعاتها اليوم (الأربعاء).

وكانت الجمعية التأسيسية قد قررت إعطاء المنسحبين مهلة أخيرة للعودة إليها، قبل الاجتماع اليوم (الأربعاء)، وقالت إنه سيتم فيه إقرار اللائحة التي أعدتها اللجنة المنبثقة عن الجمعية، وتصعيد الأعضاء الاحتياطي لو استمر المنسحبون في الابتعاد عن الجمعية.

وقال القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي عبد الغفار شكر، أحد المنسحبين من الجمعية: «الحكم يزيد من تعقيد الأزمة ويعمق المواجهة القائمة بين الغالبية الإسلامية في البرلمان والقوى السياسية الرافضة لطريقة تشكيل الجمعية»، مضيفا «الحل الأمثل أن تجتمع كافة القوى السياسية للاتفاق على المعايير التي يتم على أساسها تشكيل لجنة صياغة الدستور وأعضائها».

وقال المحامي النائب بالبرلمان عصام سلطان أحد مقيمي الدعوى: «في حال قيام رئيس البرلمان بالطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، فإن هذا الطعن لا يوقف تنفيذ الحكم، فمنذ هذه اللحظة لم يعد للجمعية وجود قانوني».

وقال مدير مركز هشام مبارك للقانون المحامي أحمد راغب: «أحكام محكمة القضاء الإداري واجبة النفاذ، والطريقة القانونية الوحيدة لوقف تنفيذ الحكم هي التقدم باستشكال لوقف تنفيذه إلى حين نظر القضية أمام المحكمة الإدارية العليا».

من جانبه، قال المرشح للانتخابات الرئاسية الحقوقي خالد علي، الذي حضر الجلسة، «انتصرنا وحصلنا على حكم بوقف تشكيل تأسيسية الدستور.. وعلى مجلس الشعب أن يحترم أحكام القضاء»