مرشح «التجمع» للرئاسة المصرية: برنامجي يقوم على العدل.. ولا أخشى المنافسين الكبار

البسطويسي في حوار مع «الشرق الأوسط» : لسنا حزبا شيوعيا.. والإسلام السياسي يفقد شعبيته

مرشح الرئاسة عن حزب التجمع هشام البسطويسي («الشرق الأوسط»)
TT

حذر القاضي المصري، هشام البسطويسي، المرشح لانتخابات الرئاسة عن حزب التجمع اليساري، من عودة الفلول من أتباع النظام السابق الذي أسقطته ثورة 25 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، والالتفاف على مكتسبات الثورة. وتوقع البسطويسي، الذي عرف كأحد المعارضين البارزين لنظام الرئيس السابق حسني مبارك، تراجع التأييد الشعبي لتيار الإسلام السياسي في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها أواخر شهر مايو (أيار) المقبل.

وتحدث البسطويسي في حوار مع «الشرق الأوسط» عن الأخطاء التي وقع فيها تيار الإسلام السياسي الذي قال، إنه فاجأ الشعب المصري برغبته في الاستحواذ على كل المواقع المهمة في الدولة من مجلسي البرلمان إلى الرئاسة، مرورا بجمعية تأسيس الدستور، مشيرا إلى «انسلاخ» الإسلام السياسي من القوى الثورية، بسبب مواقفه الانفرادية، وذلك على الرغم من استخدام هذا التيار للمسجد في الدعاية السياسية.

وقال القاضي البسطويسي، إن حزب التجمع ليس حزبا شيوعيا كما يروج البعض، مشددا على أن برنامجه يقوم على تحقيق العدل والإبقاء على الاقتصاد الحر مع بعض الضوابط، مشددا على عدم خشيته للمنافسين الكبار على الرئاسة.

وانتقد القاضي البسطويسي دور المجلس العسكري الذي يدير البلاد منذ سقوط نظام مبارك العام الماضي. وقال، إن «العسكري» تخبط وارتكب أخطاء كثيرة «لكن أنا لا أستطيع أن أخوِّنه»، بعد أن قام بدور مهم في حماية الثورة في البداية، مستبعدا واقعية التهديدات التي يطلقها بعض الإسلاميين باللجوء للعنف في انتخابات الرئاسة، مشددا على قدرة القوى الثورية على الدفاع عن الثورة بالوسائل السلمية، لكنه قال «مصر مفتوحة على كل الاحتمالات»، بما فيها احتمال تأجيل الانتخابات الرئاسية برمتها. وإلى أهم ما جاء في الحوار:

* كيف تنظر إلى الوضع المصري بعد أن أغلق باب الترشح لانتخابات الرئاسة، وما سبقته من أحداث منذ ثورة 25 يناير 2011؟

- الخريطة ليس فيها تغير. ولا أعرف لماذا يشعر الناس بالصدمة. واضح جدا أن القوى المضادة للثورة ما زال عندها أمل في أن تعود مرة أخرى، وبدأت خلال العام ونصف العام الأخير بإعادة تنظيم صفوفها.. وهذا ما حدث.. الآن أصبح لديها قوة مادية، وقوة عددية.. وازداد أملهم في أنهم يمكن أن يجهضوا الثورة، لكن الرهان على وعي الشعب وعلى وعي الناس في حماية الثورة من الانقضاض عليها.

* هل الذين يوصفون بـ«الفلول» لهم ملامح محددة يمكن أن توضحها؟

- هم الناس الذين كانوا مستفيدين من نظام الحكم السابق وكانوا متعاونين معه، وشبكات الفساد والمشاركون فيها. وهم معروفون للناس.

* وماذا ترى في المشهد المصري أيضا، بصفتك قاضيا ومرشحا للرئاسة؟

- طرأ على المشهد أيضا «موقف انفرادي» من قوى الإسلام السياسي، التي انسلخت عن قوى الثورة، وتصورت أن لديها فرصة للتمكين والسيطرة على كل مؤسسات الدولة وإقصاء باقي القوى الوطنية، لكن أعتقد أن الأحداث الأخيرة جعلت الإسلام السياسي يكتشف الخطأ الذي ارتكبه.. ولدي أمل في أن يغير «الإسلام السياسي» مواقفه ويعودوا مرة أخرى للتلاحم مع القوى الوطنية من أجل بناء دولة مدنية، وإن عليهم أن يدركوا أنهم لا يستطيعون في الفترة الحالية طرح فكرة مشروعهم السياسي.

* وأين إذن موقع القوى الاشتراكية والقوى المدنية والليبرالية في الخريطة المصرية حاليا؟

- موجودون على الساحة، ويقومون بدورهم، وموقفهم واضح وظاهر جدا، وموقف هذه القوى هو الذي دفع قوى الإسلام السياسي لمراجعة موقفها مرة أخرى، وأن تعود للحمة الوطنية من أجل الدفاع عن مكتسبات الثورة وتحقيق أهداف الثورة.

* في رأيك، من يدير الصراع بين هذه القوى التي ربما تنحصر في «الفلول» وقوى «الإسلام السياسي» والقوى المدنية؟

- كل قوى من هذه القوى لها حساباتها وتحاول أن تدير الصراع بما يحقق مصالحها وأهدافها، لكن في النهاية لا بد لكل القوى صاحبة المصلحة في التغيير أن توحد جهودها في عمل جبهوي واحد.

* وأين يقع المجلس العسكري من كل هذا؟

- دور المجلس العسكري فيه تخبط كبير، وارتكب أخطاء كثيرة، لكن أنا لا أستطيع أن أخوِّن المجلس العسكري، فقد قام بدور مهم في حماية الثورة في البداية، لكن طبعا كان أداؤه فيه بعض الاضطراب، وفي بعض الأحيان قد يكون مبررا، وفي أحيان أخرى لا يكون مبررا.. أعتقد أنهم استعانوا بمستشارين ليسوا على مستوى المسؤولية ولا الكفاءة، وهذا سبب اضطراب الأداء الذي نراه.

* بعض الخصوم، وبينهم مرشحون للرئاسة، يلوحون باللجوء للعنف. هل ترى أن الانتخابات يمكن أن تمر بسلام؟

- أولا.. العنف ضد طبيعة الشعب المصري وضد سلوك الثوار، الشعب المصري والثورة متمسكون بها، وقوى الثورة قادرة على الدفاع عنها بالوسائل السلمية، ولا توجد حاجة للعنف.

* هل يعني هذا برأيك أن الانتخابات الرئاسية ستمر بسلام؟

- في الاحتمال الغالب سوف تجرى انتخابات الرئاسة في موعدها بسلام، لكن بطبيعة الحال توجد احتمالات أخرى ضعيفة.. وعلينا أن ننتظر تداعيات الأحداث.. مصر مفتوحة على كل الاحتمالات، منها احتمال تأجيل الانتخابات الرئاسية، ويوجد احتمال حل البرلمان بحكم من المحكمة واحتمال أن تتوحد القوى السياسية مرة أخرى بما يصعب مقاومة تيار الثورة. كل السيناريوهات مفتوحة. ونحن علينا مسؤولية كبيرة، وهي محاولة إنقاذ الثورة وتحقيق أهدافها، وإكمال مسيرة التغيير.

* بالنسبة لك، وأنت مرشح عن حزب التجمع، هل ترى أنك منافس قوي أمام منافسين آخرين يملكون إمبراطوريات اقتصادية؟

- أعتقد أن المال لن يكون مؤثرا في الانتخابات القادمة، لأن الشعب مهتم بالعملية السياسية وسيكون متابعا لكل مرشح ومواقفه وبالعكس، يمكن أن يكون استخدام المال من جانب بعض المرشحين أحد أسباب نفور الناخبين منه، وعدم ثقتهم فيه. أعتقد أنني المرشح الأكثر قبولا لدى الناس. حملتي الدعائية ستعتمد على عدد كبير من الشباب المتحمس، وأعتقد أنه سيكون لنا دور قوي في السباق الرئاسي.

* وهل تخشى من الاستخدام السياسي للمساجد من جانب بعض المرشحين للرئاسة، كما حدث أثناء انتخابات البرلمان؟

- الشعب أكثر وعيا من كل محاولات تضليله. وتيار الإسلام السياسي فقد الكثير من شعبيته في الفترة الماضية نتيجة المواقف الانفرادية وانسلاخه عن تيار الثورة وأقصى باقي القوى الوطنية.. وأعتقد أنه سيكون هناك موقف مختلف بالنسبة للانتخابات الرئاسية.

* لكن، هل تتوقع أن تتعرض لهجوم، خاصة أن حزب التجمع يتم الهجوم عليه من جانب الإسلاميين، باعتباره حزبا يساريا مع الدولة المدنية؟

- حزب التجمع ليس حزبا شيوعيا. ويوجد حزب شيوعي غير رسمي في مصر. وأكرر: حزب التجمع ليس حزبا شيوعيا وفقا لبرنامجه وأدبياته.. ثم إن الأحزاب لن يكون لها دور كبير مع المرشحين للرئاسة في الانتخابات القادمة.. الدور الأساسي سيكون للمرشح نفسه وتاريخه وبرنامجه.. هذا ما سيتم التعويل عليه.. لا أظن أن هناك من سيلتفت لبرامج الأحزاب في هذه الانتخابات.

* هل توجد محاولات لتنازل بعض المرشحين لمرشحين آخرين، خاصة مع وصول العدد إلى 23 مرشحا؟

- وارد أن يقوم بعض المرشحين من بعض التيارات المتقاربة التفكير بالتنازل لمرشحين آخرين.. يمكن أن يجد مرشح فرصته ضعيفة فيتراجع.. أنا أتمنى لو كل تيار الثورة ودعاة الدولة المدنية يتفقون على مرشح واحد.. هذا سيعطي قوة أكثر للمرشح الذي يتم الاتفاق عليه.

* أنت القاضي الوحيد من بين المرشحين للرئاسة. فمن أين يبدأ برنامجك الانتخابي؟

- برنامجي قائم على فكرة العدل، والعدل هو القيمة التي يفتقدها المواطن العربي من عشرات السنوات.. والعدل ليس فقط متصلا بالمحاكم.. وإنما يتصل أيضا بالعدل في الحقوق والعدل في الواجبات، وكذا المساواة بين المواطنين أمام القانون، والعدل في حماية حقوق الإنسان والعدل الاجتماعي، والعدل الاقتصادي والعدل الثقافي، وكذلك في الصحة وكل جوانب الحياة الإنسانية.

* قد يتخوف البعض من أن مرشحا عن حزب يساري يمكن أن يقف ضد الاقتصاد الرأسمالي؟

- أنا طارح فكرة الاقتصاد الحر، لكن في أفكار جديدة لتحقيق العدل الاجتماعي، منها مثلا أن الشركات المساهمة يتم تخصيص حصة من الأسهم فيها للعاملين توزع عليهم بحسب درجاتهم ومرتباتهم، بنسبة ضئيلة من الراتب، ويسدد ثمن القسط على عشرين سنة.. تطبيق مثل هذه الخطوة سوف تجعل للعاملين دورا في إدارة المؤسسة الاقتصادية وشراكة مع أصحاب رؤوس المال.. وسيكون للعمال مصلحة في زيادة الإنتاج وتحسينه، وكل ما يترتب على هذه الخطوة.. وأعتقد أن هذا سيوفر نوعا من السلام الاجتماعي ويحل مشكلة الصراع الطبقي الموجود.

* كل مرشح طرح رؤيته تجاه العلاقة مع إسرائيل. وبادر بعضهم بأنه سيلغي اتفاقية السلام. ما موقفك من هذا؟

- علاقات مصر الخارجية لا تنحصر في قضية إسرائيل فقط.. محيط مصر ينظر إليه ضمن المنطقة العربية وأفريقيا، وكذا علاقتنا بإيران وتركيا.. كل هذا سيؤثر في النهاية على الموقف من الصراع العربي - الإسرائيلي. وأعتقد أنه سيؤثر علينا بالإيجاب إذا أحسنا إدارة هذه الملفات. ويمكن الوصول إلى طريق يجعل إسرائيل تغير مواقفها من أجل سلام حقيقي وعادل، وتتخلى عن المعاندة والمكابرة وتهديد أمن المنطقة.