ميليشيا شيعية تتراجع عن تهديداتها للكرد.. و«العراقية» تتهم الأجهزة الأمنية بالتغاضي عنها

علاوي: دعم طهران ولا مبالاة واشنطن يشجعان توجهات المالكي الديكتاتورية

TT

اتهمت القائمة العراقية وحركة الوفاق الوطني اللتان يتزعمهما رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، الأجهزة الأمنية بغض الطرف عن تهديدات «ميليشيا مسلحة» للكرد في المدن والمحافظات العربية، لا سيما بعد الاعتداء الذي طال أول من أمس مقري حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في الديوانية والحلة. من ناحية ثانية، حذر علاوي من أن العراق بعد 9 سنوات من سقوط نظام صدام حسين «يعود إلى الحكم الديكتاتوري».

وقالت المتحدثة باسم القائمة العراقية، ميسون الدملوجي، في بيان لها أمس، إن «ميليشيا مسلحة معروفة أعلنت أمام الملأ عن نيتها استهداف الكرد في بغداد والمناطق العربية، إلا أن الأجهزة الأمنية غضت الطرف عن تلك التهديدات وتركت لها حرية الحركة واستهداف مقرات الأحزاب بلا أي رادع أو حساب»، معتبرة أن «تلك الاعتداءات التي يقوم بها متطرفون وميليشيات خارجة عن القانون تشكل اعتداء على مقام رئاسة الجمهورية ممثلة بالرئيس جلال طالباني». من جهته، حذر هادي الظالمي، المتحدث باسم حركة الوفاق الوطني، في بيان، من «أسلوب التغاضي والتهاون مع منهج التصعيد الطائفي والعرقي، الذي تغذيه بعض الأطراف المشبوهة لتحقيق مكاسب خاصة وضيقة على حساب المصلحة الوطنية، والاستقرار، والسلام الاجتماعي».

وكان فوج يطلق على نفسه «فوج 9 بدر»، التابع لتنظيم يطلق على نفسه «ائتلاف أبناء العراق الغياري» ويتزعمه عباس المحمداوي، قد أمهل جميع الكرد في بغداد والمناطق ذات القومية العربية أسبوعا للمغادرة إلى إقليم كردستان، وهدد بأنه بخلاف ذلك سيتم حمل السلاح ضد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ومن معه. وبموازاة ذلك، أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي عن رفضه لمثل هذه التهديدات، معتبرا أن حماية الكرد أو أي مكون آخر إنما هو من مسؤولية الحكومة. غير أن الأجهزة الحكومية لم تتخذ إجراءات رادعة ضد هذا الفصيل الذي ادعى انتسابه إلى منظمة بدر التي أعلنت تنصلها عنه، مطالبة الجهات الحكومية باتخاذ الإجراءات القانونية بحقه. كما أعلن فصيل شيعي آخر وهو «فيلق الوعد الصادق» رفضه لتهديدات المحمداوي، معلنا عزمه حمل السلاح للدفاع عن الكرد في حال تم استهدافهم في العاصمة بغداد والمناطق العربية، واتهم المحمداوي بالانتماء إلى «جهة في الحكومة العراقية». واللافت أن المحمداوي نفى أن يكون قد طلب طرد أو قتل الأكراد، ونسب إليه قوله أمس إن العلاقة العربية - الكردية «قوية وتاريخية» وإن هناك أجندات خارجية وراء التصعيد الأخير.

وفي الوقت الذي لم يعرف لجماعة المحمداوي وزن سياسي، فإن سلسلة البيانات والتصريحات التي أصدرها خلال الفترة الماضية، وهي في مجملها ضد القائمة العراقية و«التحالف الكردستاني»، بالإضافة إلى الدفاع عن سياسة المالكي ودعوته الدائمة لاستخدام الحزم والقوة ضد الأطراف المناوئة له، تجعل من اتهامات الأكراد و«العراقية» له بكونه ينتمي إلى جهة حكومية تشير إلى ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي والذي لم تصدر تصريحات مناوئة من أعضائه لهذه الجماعة.

وفي اتصال مع المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني بالبرلمان العراقي مؤيد طيب، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن تنظيم المحمداوي «يحتاج، على ما يبدو، إلى ضوء إعلامي، وأنه استخدم هذا التصعيد ليحتل واجهة الأحداث، وهذا أمر لا يهمنا، ولا نريد أن نعطيه وزنا أكبر من حجمه، ولذلك نحن نعتبر القضية منتهية بالنسبة لنا». وفي سياق متصل، كشف طيب أن «إجماعا عربيا داخل مجلس النواب قد تحقق في جلسة أول من أمس تأييدا لبيان أصدره النواب الكرد حول عملية الأنفال، حيث أيد معظم النواب العرب من كتلتي دولة القانون و(العراقية) والكتل الأخرى ورقة كردية تتضمن تسع نقاط تدعو الحكومة العراقية إلى تلبية مطالب عوائل الشهداء المؤنفلين، منها تقديم تعويضات مادية ومعنوية لأسر الشهداء، وتقديم اعتذار رسمي من الحكومة العراقية عن الجريمة، ومعالجة جرحى عملية الأنفال خصوصا الذين تعرضوا إلى القصف بالمواد الكيماوية، وتعويض سكان القرى عن ممتلكاتهم من البساتين والحقول الزراعية، وتعويض المناطق المتضررة بيئيا من تلك العمليات وإعادة إعمارها بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان، وإدخال جريمة الأنفال في مناهج التربية والتعليم في جميع مدارس العراق، وتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية العليا بحق المدانين بجريمة الأنفال، وإقامة نصب تذكاري وسط إحدى الساحات العامة ببغداد».

إلى ذلك، حذر زعيم القائمة العراقية من أن العراق بعد تسع سنوات على سقوط نظام صدام حسين «يعود إلى حكم الفرد الواحد الذي سيؤدي، لا محالة، إلى ديكتاتورية كاملة». وأضاف علاوي، الذي يتزعم القائمة العراقية، في مقال لصحيفة «واشنطن تايمز»، أول من أمس، بمناسبة ذكرى سقوط صدام، أن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي «مستغلا دعم طهران اللامشروط له ولا مبالاة واشنطن، ينتهك الدستور لتعزيز سلطته، مستخدما القوات الأمنية والعسكرية لترهيب وقمع مناوئيه السياسيين وكذلك عامة الشعب كما يظهره قمعه للمظاهرات السلمية في العراق». وتابع علاوي «الأخطر من ذلك هو المحاولات المتزايدة (من جانب المالكي) لصد أو الاستحواذ على هيئات يفترض أن تكون مستقلة مثل هيئات الانتخابات والنزاهة والاتصالات وأخيرا البنك المركزي.. وأخيرا، تصعيده للهجته ضد حكومة إقليم كردستان»، معتبرا هذه المحاولات «تذكيرا مرعبا بنمط الحكم الديكتاتوري». ويرى علاوي أن «لا مبالاة واشنطن الواضحة أعطت السيد المالكي الثقة للتقرب أكثر من هدفه المتمثل بتحقيق السلطة المطلقة بتجاهل اتفاقية أربيل للشراكة في الحكم التي رعاها مسعود بارزاني (رئيس إقليم كردستان) والبيت الأبيض». وأضاف أن «الوضع الكارثي الناتج يؤجج حالة الإحباط بين العراقيين من دور الولايات المتحدة وجهودها لإقامة ديمقراطية مستقرة في العراق». وختم علاوي بالقول إنه «لا يزال لدى البيت الأبيض تأثير كبير على حكومة المالكي يمكن أن يمارسه، لضمان ألا تذهب سدى التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعبان العراقي والأميركي. هذا هو الأمل الوحيد المتبقي للعراقيين لتفادي مصير الدولة المنهارة».