العلاقات بين واشنطن ونيودلهي تمر بفترة حرجة بسبب الخلاف حول إيران

الولايات المتحدة تدرس احتمال فرض عقوبات ما لم توقف الهند استيراد النفط من طهران

TT

بعد أقل من عام على زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى الهند حيث أعلنت أن العلاقة بين البلدين ستحدد القرن الحادي والعشرين، لكن هذه العلاقات تمر بفترة حرجة خصوصا بسبب الخلاف حول إيران.

وبعدما توطدت العلاقات في أواخر تسعينات القرن الماضي، باتت واشنطن تدرس احتمال فرض عقوبات ما لم توقف نيودلهي استيراد النفط من إيران. ولا أحد يتوقع أن تعود العلاقات إلى التوتر الذي كانت عليه إبان الحرب الباردة عندما كانت الهند تميل إلى الاتحاد السوفياتي.

إلا أن الجو العام مختلف بشكل واضح عن 2008 عندما رفعت الولايات المتحدة حظرا استمر 3 عقود على التجارة النووية مع الهند.

وصرحت ديان فاريل نائبة المدير التنفيذية لمجلس الأعمال الأميركي - الهندي «لا يمكن أن نتوقع كل بضعة أشهر أو سنوات إعلانا كبيرا، إنه التزام على المدى الطويل».

وازدهرت المبادلات التجارية بين البلدين في العقد الماضي لكنها شهدت خلافات كبيرة. فالاتفاق النووي الذي كان يفترض أن يكون رمزا للشراكة الجديدة، عالق بسبب قانون في الهند حول المسؤولية في حال الكوارث الطبيعية.

وتراجعت الهند في ديسمبر (كانون الأول) عن مشروع اقترحته الولايات المتحدة ويقضي بالسماح لمحلات سوبر ماركت أجنبية مثل وول مارت بالعمل في الهند بعد الاحتجاجات المحلية على ذلك. إلا أن الموضوع الأكثر إثارة للحساسية كان إيران.

وينص قانون أميركي جديد بهدف الضغط على إيران لوقف برنامجها النووي المثير للجدل والذي ترى إسرائيل أنه يشكل خطرا كبيرا، على فرض عقوبات تبدأ في 28 يونيو (حزيران) على مصارف من الدول التي لا تتوقف عن استيراد النفط الإيراني.

علنا، خفف المسؤولون الأميركيون من أهمية الخلافات وجددوا التأكيد على كلمة كلينتون في تشيناي في يوليو (تموز) 2011 عندما دعت إلى دور قيادي أكبر للهند.

من جهتها، أعلنت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية خلال زيارة الأسبوع الماضي إلى نيودلهي أن الولايات المتحدة «لن تسعى أبدا إلى زعزعة أمن الطاقة في الهند» لكنها تدعو إلى ممارسة ضغوط على إيران «بكل السبل المواتية للهند».

وعارضت كل من الهند والصين اللتين تعتمدان على استيراد الوقود بشكل كبير، عقوبات الولايات المتحدة على إيران. إلا أن معلومات أشارت إلى أن الصين وإلى حد ما الهند بدأتا سرا بتنويع مصادرهما من الطاقة.

وأعفت الولايات المتحدة دولا أعضاء في الاتحاد الأوروبي واليابان من العقوبات بعد أن أشادت بجهودها للحد من صادراتها من النفط الإيراني.

وفي كلمة ألقاها الشهر الماضي في واشنطن، قال سفير الهند نيروباما راو: إن المهمة الأساسية للسياسة الخارجية لبلاده هي تعزيز التحول الاقتصادي وإن حصة واردات النفط الإيراني في تراجع. وأقامت الهند علاقات قوية في الماضي مع إيران وتعتمد على طهران لإيصال المساعدات إلى أفغانستان، حيث تعتبر نيودلهي من أبرز مؤيدي الولايات المتحدة للقضاء على حركة طالبان.

إلا أن الشاغل الأكبر للسياسيين في نيودلهي ليس إيران بل باكستان التي تقيم شراكة منذ زمن مع الولايات المتحدة ولو أنها شهدت توترا، وحيث ينشط الكثير من المعارضين للهند بشكل علني.

وقال والتر لومان مدير مركز الدراسات الآسيوية في مؤسسة «هيريتدج» المحافظة إن اليابان وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة اتخذت إجراءات مثل إرسال جنود إلى العراق لتعزيز العلاقات مع واشنطن.

وأضاف أن الولايات المتحدة ليس لديها ما يظهر أنها تبذل جهودا إزاء الهند. حتى أنه اعتبر أنه «من الجنون» أن تدعم حصول الهند على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي كما تعهد بذلك الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارة إلى نيودلهي في عام 2010.

وقال لومان «إذا لم تكن شراكتنا قادرة على دعم جهود لممارسة أقصى الضغوط على إيران حول برنامجها النووي فلا أرى ما الذي يمكن أن تدعمه».

إلا أن داميال توايننغ المسؤول في صندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة قال: إن العلاقة بين الولايات المتحدة والهند كان أساسها رؤية بعيد المدى بأن وجود «ديمقراطية عملاقة» كالهند أكثر قوة وازدهارا سيكون من مصلحة الأسرة الدولية.

وقال توايننغ إن الولايات المتحدة يجب ألا تتفاجأ بالتعامل مع دولة «تؤمن بأن قيمها أكثر أهمية وأن عليها السعي وراء تحقيق مصالحها ولو على حساب ما يمكن أن يعتقده البعض». وتابع: «معظم الدول في العالم معتادة على التعاطي بهذا الشكل».